إلى عاكف بالبيت ومعتمر

منذ 2005-10-14
بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير..

ها هو ذا رمضان قد عاد وعادت معه نفحات الخيرات ومواسم البركات , ومع إطلالة هذه الأيام المباركة من كل عام تتعلق قلوب الصالحين ببيت الله الحرام , ويزداد معها توقد لهيب الشوق الناتج عن استجابة دعوة الخليل إبراهيم عليه السلام { ربنا فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم } , ولما وعد به الحبيب عليه الصلاة والسلام من فضل أجر العمرة في هذه الأيام المباركة , مع ما ورد من فضل الاعتكاف في المساجد الثلاث .

لذا تجد الحرمين وخاصة المكي يبدوان في هذه الأيام كقمرين متوقدين زين الله بهما سماء الدنيا فأصبحت الأقمار ثلاثة بعد أن كان قمراً واحداً طوال العام , لذا فلتهنك الطاعة يا عاكفاً بالبيت , ولتهنك العمرة أيها المعتمر, ومن قلبي أهديكما هدية هي النصيحة مغلفة بغلاف المودة والحب الخالصين في الله رب العالمين.

. أخي المعتمر أخي المعتكف أولاً عليك قبل الدخول في الطاعة باستحضار النية الخالصة لله رب العالمين حتى لا يحبط العمل , فطاعتك لله وليست لغيره , لا ليقال عابد , ولا ليقال معتمر , وليست نذراً لولي , ولا لنبي وإنما هي لله رب العالمين خالصة مخلصة , حتى تحقق الشرط الأول من شرطي قبول العمل.

. ثم عليك أيها المعتمر بتعلم أحكام العمرة , ويا معتكف بتعلم أحكام الاعتكاف حتى تؤدي عبادتك صحيحة , وبذلك يتحقق لك الشرط الثاني من شرطي قبول العمل.

. ثالثاً اعلم أن الشيطان لا يدخل البيت الخرب , وإنما يحاول أن يفسد البيوت العامرة على رؤوس أصحابها , وهذا غاية مناه , وكم يتألم القلب من رؤية هذه المناظر المتكررة كل عام من بعض المناوشات القليلة النادرة التي تسيء داخل الحرم بسبب الزحام أو غيره , فدائما تذكر أنه إذا شاتمك أحد أو سابك فقل إني صائم , وإياك أن تعين الشيطان على أخيك , وكن عبد الله المشتوم ولا تكن عبد الله الشاتم وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حق الصائم « فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم » واعلم أخي الكريم أختي الكريمة أن أخلاق المسلمين دليل على دينهم فإن كانت حسنة فدينهم كذلك والعكس بالعكس فخيار المسلمين وأفاضلهم أفضلهم وأحسنهم خلقاً.

. حافظ أخي المعتمر أخي المعتكف على نظافة البيت وتذكر قول الله تعالى { وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } فالمحافظة على نظافة مقدساتنا عبادة كما أنها دليل على مدى تحضرنا من عدمه , وبالطبع فالعلة فينا إن قصرنا , بعدما علمنا أمر ربنا بطهارة البيت, فشرعنا المطهر لم يترك باباً من الخير إلا ودلنا عليه { ما فرطنا في الكتاب من شيء } .

. حافظ أخي على وقتك , فالعمر لحظات , ولا ندري أندرك تلك النفحات مرة أخرى أم لا , فاعلم أن وقتك هو رأس مالك , فلا تفرط فيه , ولا تصرفه فيما لا طائل من وراءه من فضول الكلام , واقتصد , وسدد , وقل بلسان حالك وفعلك , اللهم إني كلي لك { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }

. ما أجمل صور التآخي والتوادد بين المسلمين والتي تتجلى في أجمل صورها في مواسم الطاعات من حج وعمرة واعتكاف , حين يكتظ البيت الحرام بالمسلمين من بقاع الأرض لا فرق بين أبيض وأسود ولا عربي ولا عجمي , الكل يتناول إفطاره على سفرة واحدة في ساعة واحدة , الكل يمد يده للكل بالجود والكرم كل بما يستطيع , حتى يتملك المرء شعور غامر بأننا لم يعد ينقصنا الكثير لتتحقق وحدتنا المنشودة فياليتنا جعلناها بداية الوحدة , وانطلاقة الخير , فأول الغيث قطرة, فهلا أعطينا لأنفسنا الفرصة ؟؟؟؟؟؟

ليتنا فعلنا.

وأخيراً ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم , وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 12,531

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً