وعمرو خالد يشهد لي

منذ 2008-07-15

ونحن ندعو على الأمريكان ليلاً نهارًا، بما فعلوه في العراق والأفغان وفلسطين والصومال وبما يفعلوه بنا في أرضنا، وراح عمرو يشاركهم أفراحهم، ويحضر أعيادهم!!

بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

- ما أعلمه أن لكل نبي عدوًا من المجرمين، وأن كلَّ نبي كذبه قومه {كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: 44]، وأن الكافرين أو قل المخالفين كلهم يجادلون ويقاتلون كل المخالفين من يوم كانوا وهم يجادلون ويقاتلون {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [سورة غافر: 5]، يهود تجادل وتقاتل، والعلمانية تجادل وتقاتل، والنصرانية تجادل وتقاتل، وعباد الشجر والحجر والبقر في الهند والصين يجادلون ويقاتلون، كلهم يجادلون ويقاتلون.

وما أعلمه أنهم في جدالهم يمكرون، يكيدون، هذا صريح القرآن: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق: 15]، {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]، {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} [الفيل: 2]، والكيد والمكر يعني الخداع، يعني التدبير في الخفاء، يعني إظهار شيء واستبطان شيء آخر، وما أفهمه أن الكافرين وخاصة اليهود، وهم الذين يحركون الكفر كله اليوم، يمدون الجسور مع المنافقين، يثيرون بهم الشبهات ويكشفون بهم عورات المسلمين.
فهم إخوان كما قال الله: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [الحشر: 11]،
والحال هكذا أسأل: أين الخداع وأين المكر؟ أين جدالهم وأين قتالهم في أرض الواقع؟

إن المكر على أشده، وإنهم بمكرهم أحبطوا جهدنا، وشتتوا شملنا!!

نمتلك كمًا من المنابر الإعلامية، وتصل كلمتنا إلى كل الناس مسموعة ومقروءة ومشاهدة، ومع ذلك لم نؤثر في الناس إلا قليلا، فالواقع أننا خلف الحدث، نحكيه وفي أحسن الأحوال نحلله، أما أن نوجهه فلا، أن نصنع الحدث فلا.

وبديهي أن هذا الأمر ليس ضعفًا في الخطاب الذي نلقيه، إن هناك مشكلة أخرى حالت بيننا وبين دعوة الناس، وبين تعريف الناس بربهم ورسول ربهم -صلى الله عليه وسلم- إن ثمت مشكلةً أخرى ذهبت ببركة جهدنا وجرأت علينا عدونا. إنهم البدعة التي خرجت فينا تحت مسمى (الدعاة الجدد) على يد عمرو خالد.
وإن اعترض علي أحد استشهدت بعمرو خالد، فأفعاله تشهد لي.
وأضرب الأمثال.

وقفنا نقول للنصارى ما قال الله: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ} [المائدة: 73]، وننذرهم النار كما أنذرهم الله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة: 72]. ونبشرهم الجنة إن آمنوا بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ندعوهم إلى الله كما أمرنا الله، ومن خلفنا تسلل عمرو خالد وراح إليهم يقول لهم أنتم (مؤمنون) كما نحن مؤمنون، (كلنا مؤمنون).(1)

وأخو عمرو خالد في الغواية والضلال، راح ينادي في النصارى بأن الإسلام والنصرانية لا يتصادمان، بل يسيران في خطين متوازيين، خسر وتبت يداه!!(2)

ونحن ندعو على الأمريكان ليلاً نهارًا، بما فعلوه في العراق والأفغان وفلسطين والصومال وبما يفعلوه بنا في أرضنا، وراح عمرو يشاركهم أفراحهم، ويحضر أعيادهم!!


والله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59]، والله يقول: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، والله يقول: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، ففهم مَن تلقوا القرآن من فمِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الحجاب هو الستر بالجدارن، ثم بالثياب إن اضطرت المرأة للخروج، وأنْ لا اختلاط، وأقرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وهؤلاء (الدعاة الجدد)، وعمرو خالد لا ضير عنده أن تجلس الفتاة في (حلق العلم) بجوار الرجال سافرة، تلبس ما يصف. وتنقل صورها الكاميرات في كل البيوت.

ما عمرو خالد؟
وما (الدعاة الجدد)؟
وما (العصرانيون)؟
وما (المفكرون)؟
وما كل هذه التسميات التي لا نعرفها؟


إنهم أدوات الكيد الذي يكيده الكافرون، وإنهم يجادلوننا بهم، وإنهم يفتعلون الدوامات الفكرية التي تستقطب جهد المخلصين الطيبين وتشغل العامة والمغفلين، إننا لن نتقدم وهؤلاء على الطريق.

في يوم العسرة كانت الحاجة ماسّة للرجال وللأموال، فالسفر بعيد والزاد قليل، والعدو هو الروم ذات القرون، وكان المنافقون يعجبُ الرائي أموالَهم وأولادَهم، فتطلعت نفوسٌ لمشاركتهم بأموالهم وأولادهم وأنفسهم، فأنزل الله قوله: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47].
فهم خبال، وهم أهل الفتنة، وهم يغررون ببعض المتقين.

ولذا فإن للشريعة الإسلامية خصوصية كاملة في طلب التمكين في الأرض، وما يعنينا هنا هو أن الصف الإسلامي لا يحمل الخبث، أو بالأحرى لا يرضى به، ولا يقال أن الشريعة سكتت عن المنافقين ورضيت بهم، هي سكتت عن عقوبتهم ولكنها وقفت لهم من أول موقف وقفوه تكشف أمرهم وتفضحهم، تصف أفعالهم، وتروي أقوالهم، وتكشف عما يدور في نفوسهم.. ومنهم.. ومنهم.. ومنهم.. حتى كادت تسميهم بأسمائهم، وكان سكوتها عن استئصالهم لأمر آخر يتعلق بمن يقف بعيدًا يرى الصورة على غير حقيقتها، ويتكلم دون أن يتدبر.

واليوم لم نتعظ بما وعظنا الله به، ولم نتدبر السيرة، ورحنا نستكثر ممن لا يسمن ولا يغني من جوع .في المجال الإعلامي وغير الإعلامي، فكان الحال كما قال الكبير المتعال: {مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}.
فرحنا بالخارجين من وَحْل العلمانية، ورحبنا بهم، وقلنا خطوة تتبعها خطوات، فنبشوا عن المعتزلة، ومدوا الجسور مع الكافرين (الحوار بين الأديان)، وشقوا طريقًا وسطًا أقل آثاره أنه شتت الناس.

وأقول كلمة، ويفهم كلامي من يقرأ التاريخ ويعرف كيف تحدث الانحرافات في حياة الناس: إن الانحرافات الفكرية التي تسبق التغيرات الواقعية تأتي من (الوسطيين). والدعاة الجدد ومن ذكرت يمثلون الآن وسطًا بين السلفية وبين العلمانية.
فمن يقرأ، ومن يفهم، ومن يسعى وينفذ؟!


محمد جلال القصاص
مساء الثلاثاء: 5/ رجب/ 1429 هـ
8/ 7/ 2008 م


=====================

(1) تكلم بهذا حين ذهب للكنيسة في رأس السنة يبارك لهم، وكان اللقاء مصورًا، جمع بينه وبين مفيد فوزي وعمرو أديب. وكثر التعليق عليه يومها.

(2) المتكلم هو محمد سليم العوا، في برنامج القاهرة اليوم، في الحلقة الشهيرة التي عقدت من أجل مناقشة أمر زكريا بطرس.








المصدر: طريق الإسلام
  • 406
  • 15
  • 17,585
  • اشرف

      منذ
    [[أعجبني:]] اعلم عن الاستاذ محمد جلال القصاص غيرته علي الاسلام وكلامه الطيب ولكن [[لم يعجبني:]] اري ان في المقاله ظلم كبير للاستاذ عمرو خالذ وان كنت اتفق مع الاستاذ محمد جلال في معاداة اعداء الاسلام الا ان عمرو خالذ له حسناته وجهده واخلاصه الذي لا ينكره الا متحامل ولقد عفي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن حاطب بن ابي بلتعه بعد موقف خيانه للامه الاسلاميه كمان تعلمون فما حكم عليه النبي بالاعدم او النفاق علينا ان لا نختصر الناس ونقيمهم من خلال موقف ونتناسي حسناتهم واخلاصهم وجزاكم الله خيرا
  • Ahmed Hassan

      منذ
    لم يعجبني: كاتب هذه المقاله يدعو الى الفرقه والكره صح؟
  • عائشة

      منذ
    [[أعجبني:]] صحوة الناس وخصوصا الشباب ممن صدق به وبدعوته وقد كنت واحدة منهم ولكن نحمد الله الذي كشف الستار عنه وعن أمثاله ونسأل الله ألا يفتنا بامثال هؤلاء المرضى الذين اتخذوا من الدين ستارا ليبثوا كيدهم أنا أعجب منهم ان كانوا غير قادرين على تطبيق الاسلام والتوحيدالصحيح فلماذا يتعبوا أنفسهم !!!!! تبت يداكم فلتكفوا عنا شركم
  • أبو عبد الرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] الاستشهاد بكتاب الله للرد على الضال المضل الذي يحسب على المسلمين داعيه وحسبنا الله ونعم الوكيل [[لم يعجبني:]] كل شيئ قيم وروعة في الأداء وجزاكم الله خيرا
  • يوسف صلاح

      منذ
    [[أعجبني:]] الغيرة على الدين [[لم يعجبني:]] منذ البداية أعلم أن عمرو خالد ليس الداعية المثالي ولكن يعرف له أن جمع أصناف من الشباب لم تكن تعرف عن الدين شيئاوكان فتحا على القنوات الفضائية التي تعمل في الدعوة والفضل من الله تعالى الدعاء لعمرو أفضل من تدميره
  • تامر

      منذ
    [[أعجبني:]] لقدوضع المقال يده على المشطلة الحقيقة عند الدعاة حينما قال (فالواقع أننا خلف الحدث، نحكيه وفي أحسن الأحوال نحلله، أما أن نوجهه فلا، أن نصنع الحدث فلا.) [[لم يعجبني:]] إذا كان قد أخطأ عمرو خالد حينما ذهب الى الكنيسة .. فأنا لا أعتقد انه وسيلة غربية فى يد اليهود كما يقول المقال .. ولكن هل تعرف احد منكم على وجهة نظره .. لا أعتقد .. لنيتمع الى بعضنا البعض .. فقد كان ينصت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المشركين والكفرة .. ألا نستمع نحن الى بعضنا البعض.
  • شيهان محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك الله فيك يا شيخ و اعانك في الرد على الداعين الى التقارب و جزاك الله خيرا عن المسلمين
  • يوسف

      منذ
    لم يعجبني: ارى ان النقض البناء خير وسيلة للبناء فمثلا يبعث له الكاتب هذا النصح فى سرية بينه وبينه اولا ولا تنسوا ما فعله عمروخالد فى فترة قصيرة اذ عجزعنه دعاة وعلماكبار ظلوا يدعون لسنين وسنين وانه احدث انتفاضة بين الشباب العربى الا يحسب له انه كان السبب فى تخلى الاف الشباب عن المخدرات وكذلك دعوة فئات من المجتمع الى الالتزام بالدين الذى كانوا لايسمعون عنه شيئا ارجو سماع سلسلة الاخلاق والعبادات له وكم الشباب الذين اثرت فيهم هذه المحاضرات نحن لانزكى على الله احد ولكن كل شخص يخطئ ويصيب وعندما يخطئ نوجه له النصيحة ولا نذبحه واود انيوفق الله كل داعية يدعوا الى الاسلام
  • ابو احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] ونراهم يدا بيد مع المتصوفه والمبتدعين مثل الحبيب الجفريوانظرو الى فضائح الجفري
  • محسن على

      منذ
    [[أعجبني:]] اقول للسيد عمرو خالدانه ان الاوان لتستمع وتنصت لصوت الحق وان تعتذر عما بدر منك فى حق الاسلام والمسلمين قبل ان تلتف الساق بالساق وعندها لاينفع الاعتذار0 اللهم اهديه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً