حماس .. وما أدراك ما حماس !!

منذ 2009-01-16

إننا قبل أن نشكِّك في جماعة كريمة كحماس، وفي أبطال مجاهدين كقادتهم وجنودهم، علينا أن ننظر إلى من يطعن فيهم من زعماء وإعلاميين...


يتحير كثير من المؤرخين في تسمية الفترات التاريخية التي تشهد تفرقًا في الأمة الإسلامية، ولذا فهم يلجئون عادة إلى تسمية الفترة بأبرز ما فيها من علماء حماس حركة المقاومة الإسلامية ومجاهدين ومخلصين.. فعهد السلاجقة مثلاً معروف في التاريخ الإسلامي، وإن لم يكونوا يحكمون العالم الإسلامي كله، ولكنهم كانوا أفضل ما فيه، كذلك عهد الزنكيين والأيوبيين والمماليك، فهذه كلها فترات لم تشهد إلا وَحْدة محدودة بين بعض الأقطار، فلم يجد المؤرخون أفضل من تسميتها بأفضل ما فيها حتى وإن لم تكن التسمية شاملة لكل الدول المعاصرة آنذاك.

ولست أستبعد أبدًا أن تُعرف الفترة التي نعيش فيها الآن بفترة "حماس"، ويصبح المؤرخون لفترتنا يتجاهلون الكثير والكثير من الحكومات والأنظمة، ويعرِّفون فترتنا بأنها هي الفترة التي ظهرت فيها جماعة حماس، وحملت على عاتقها مهمَّة تحرير فلسطين من اليهود، بل لا أستبعد - إن استمرت الجماعة على نهجها وإخلاصها وعطائها وفكرها - أن تكون سببًا في توحيد المسلمين تحت راية واحدة بعد طول فُرقة وشتات.. وليس ذلك على الله بعزيز.

حماس.. وما أدراك ما حماس!!، حماس، وما أدراك ما حماس!!

قوم حملوا أرواحهم على أكفهم، وقاموا يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم..

قوم جعلوا مهمتهم الأولى أن يحرروا الأرض التي بارك الله فيها للعالمين.. قوم ألقوا الدنيا خلف ظهورهم، وعاشوا تحت قصف النيران، وحصار الأعداء والأصدقاء، ولو أرادوا لتركوا البلاد والعباد، ولعاشوا لأنفسهم، ولكثرت في أيديهم الأموال، ولكنها الجنة تملأ عليهم فكرهم وحياتهم.

قوم دفعوا من أرواح قادتهم وزعمائهم الذين لم يقبلوا أن يعيشوا في قصور وقلاع - كعامَّة الحكام العرب - بينما الشعب يعاني الألم والحصار..

قوم يحملون القرآن والسنة، ويقرءون التاريخ والواقع، ويفهمون معاني الجهاد والهدنة، وقوانين الحرب والسلام، وآليات القتال والتفاوض، ويعرفون كيف يأخذون بالأسباب مع كامل التوكل على الله.

هم بالجملة قوم يحملون بأمانة مهمة رفع رأس الأمة الإسلامية، وإعادة الكرامة المسلوبة، والشرف المفقود..

فجزاهم الله خيرًا كثيرًا!!

إنني والله أسعد بأني عشت في زمانهم، وكلما داخلني حزن أو ألم لما يحدث في بلاد العالم الإسلامي من جراح وأزمات، وخشيت على نفسي من إحباط مذموم، أو يأس مرفوض، أذهبُ إلى تاريخ حماس وواقعها، فأراجع بعض الصفحات، فأعود نشيطًا كما كنت، وسعيدًا من جديد، فأندفعُ إلى العمل والإنتاج بقوة أكبر، وحمية أعظم.

إن هذا يحدث دومًا عند قراءة قصص المجاهدين، والمصلحين، والعلماء..

إننا نأخذ دفعات كبرى جدًّا عند قراءه تاريخ الصحابة والتابعين، وعند تصفح حياة ألب أرسلان ونور الدين محمود وصلاح الدين وقطز، وعند مراجعة سيرة البخاري ومسلم والشافعي وابن حنبل والعز بن عبد السلام وابن تيمية.

قادة حماس شهداء المقاومة، وهذا يحدث أيضًا عند دراسة حياة أحمد ياسين، والرنتيسي، وأبو شنب، وعقل، ويحيى عياش، وكذلك هنية ومشعل والزهار وغيرهم وغيرهم من أبطال الأمة.

وليس معنى هذا الكلام أنهم قوم بلا أخطاء، أو أنهم معصومون كالأنبياء، فأنا أعلم أنهم يصيبون ويخطئون، ويختارون الأولى وخلاف الأولى، وينجحون ويفشلون، لكنهم في النهاية دُرَّة غالية في جبين الأمة الإسلامية.

ولكل ما سبق فإنني أحزن كثيرًا عندما أفتح كثيرًا صفحات الجرائد العربية، وعند مشاهدة الكثير من البرامج التلفزيونية الحكومية، فأجد حربًا ضروسًا على هذه الجماعة المباركة، وأرى هجومًا ضاريًا قد لا نجده في صحف اليهود ذاتها! ونرى كذلك شبهات وتشكيكات وادعاءات وافتراءات؛ فهذا يتهمهم بالولاء لإيران، وذاك ينعتهم بمحبي السلطة، وثالث يدَّعِي أنهم لا يقرءون الأحداث بعمق، وكأن الحكيم في هذا الزمن هو من رفع الراية البيضاء، وأعلن الاستسلام دون شروط!!

إن هذا يحزنني ولكن لا يدهشني!!

إن كل زمان ومكان لن يخلو أبدًا من المنافقين...

والمنافقون هم قوم يحملون أسماءً إسلامية، ويعيشون في بلاد المسلمين، وقد يؤدون بعض الشعائر كالصلاة والصيام، ولكنهم يحملون في قلوبهم غلاًّ وضغينة على المسلمين أشد مما يحمله اليهود والنصارى والملحدون..

فالكفار قد أعلنوها صريحة أنهم يحاربون الإيمان والمؤمنين، أما هؤلاء المنافقون فأجبن من أن يعلنوا ذلك؛ لذا فهم يعيشون حياة التذبذب والحيرة والاضطراب، فيصلون وهم يكرهون المصلين، ويشهدون أنه لا إله إلا الله وهم يمقتون الموحِّدين، ويعيشون في بلاد المسلمين وهم يريدون لها السقوط في يد أعداء الدين.

ولذلك فإن هذه النفسيات المعقَّدة، والعقليات المنحرفة تكره أشد ما تكره صور المجاهدين والمخلصين، فتنطلق تنهش في أجسادهم دون رحمة ولا شفقة، وتتحيّن الفرص للكيد لهم والبطش بهم.

لقد كان هؤلاء المنافقون يعاصرون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أقنعتهم الآيات المحكمة، ولا الأدلة الباهرة، ورأوا كرام الصحابة y أجمعين يتنافسون في فعل الخيرات فأكل الحقد قلوبهم، وانطلقوا يسخرون منهم ويلزمونهم، فإذا رأوا غنيًّا يجاهد بماله قالوا: هذا يرائي الناس، وإذا رأوا فقيرًا يأتي بالقليل الذي يملكه قالوا: وماذا يفعل هذا الشيء الحقير في دولة كبيرة، وجيش عظيم؟!، فهم قد قرروا أن ينتقدوا كل أفعال المؤمنين مهما كانت جليلة، وسيبحثون عن كل مبرر منطقي يؤكد فِرْيتهم، ويثبت باطلهم.

ولقد ذكر الله U أمرهم هذا في كتابه الكريم عندما قال: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة التوبة: 79].

إنهم يسخرون الآن من الذين يجاهدون مع أن المجاهدين يمارسون شعيرة هي ذروة سنام الإسلام، ويسخرون من صواريخهم البدائية، مع أنهم بذلوا في صناعتها أقصى ما يستطيعون، وما دفعهم إلى استعمالها إلا أن العرب المحيطين يمنعون عنهم الصواريخ الحديثة والأسلحة المتطورة، بل وأحيانًا يمنعون الطعام والشراب!!

إنني لا أخشى هؤلاء المنافقين لا من قريب ولا من بعيد، فإن الله قد وعد بذلهم وإهانتهم {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [سورة التوبة: 79]، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [سورة النساء: 142].

إن المنافقين لا يرهبونني أبدًا، ولكن الذي أخشى منه فعلاً أن تستمع طائفة من المؤمنين إلى شبهاتهم ومنكراتهم، فيتأثروا بباطلهم، ومن ثَمَّ يتخاذلون عن نصرة المجاهدين، ويتقاعسون عن نجدتهم.. لقد قال الله U مخاطبًا المؤمنين ومحذِّرًا لهم: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [سورة التوبة: 47].

أي أن فيكم أيها المؤمنون من يستمع إلى المنافقين، بل ويُكثِر السماع، فنجد بعض المخلصين من أبناء الأمة يردِّدون هذه الشائعات المغرضة، ويتناقلونها فيما بينهم، وهذا فيه من الخطورة ما فيه، فالحذرَ الحذرَ أيها المسلمون، فإن وَحْدة صفِّنا من أهم عوامل نصرنا.

إننا قبل أن نشكِّك في جماعة كريمة كحماس، وفي أبطال مجاهدين كقادتهم وجنودهم، علينا أن ننظر إلى من يطعن فيهم من زعماء وإعلاميين، فنسألهم: وماذا فعلتم أنتم يا من تملكون الشعوب والطاقات، ويا من تسيطرون على مخازن السلاح والذخيرة، ويا من تهيمنون على وسائل الإعلام والسياسة؟! اذكرا لنا ماذا قدمتم للمسلمين قبل أن تسخروا من الذين يبذلون جهدهم ولو كان في أعينكم قليلاً؟!

أما أنتم يا حماس.. فهنيئًا لكم جهادكم وبذلكم وعطاءكم، وهنيئًا لكم فَهْمكم وعلمكم وعملكم، وأسأل الله لكم الإخلاص والثبات.

اللهم إني لا أملك أن أجازيهم، فجازهم أنت خير الجزاء...

اللهم ثبِّت أقدامهم، وسدِّد رميهم، وانصرهم على عدوِّهم.

اللهم آمين..

ونسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين.

د/ راغب السرجاني



المصدر: موقع قصة الإسلام
  • 42
  • 7
  • 16,511
  • محمود

      منذ
    [[أعجبني:]] والله انها كلها خير واتمنى ان يحولها شيخنا الجليل لمحاضرة صوتية لان وقعها سيكون افضل بصوتة واسلوبة الراقى
  • أحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] نعم والله انهالفترة حماس وانها لغزة العزة
  • أحمد الأنصاري

      منذ
    [[أعجبني:]] إن الدكتور راغب ولا نذكي على الله أحد فارس من فرسان التاريخ الإسلامي نسأل الله أن يبارك في علمه فله سلاسل ماتعة يشرح فيها التاريخ الإسلامي نسأل الله أن يتقبل منه ويجعلها في ميدان حسناته لا يتكلم في التاريخ إلا أهله [[لم يعجبني:]] اللهم أخرج المنافقين من بين المسلمين
  • امة الله

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما اعجمبني هذه الكلمات التى تشرح الصدور وتنور العيون التى لا تبصر لقد جعلت الاعمى بصير والصم سميع والبكم متكلم وهذا بفضل الله عزوجل فالحمدلله رب العلمين [[لم يعجبني:]] مالا يعجبني الهم الذي في صدور الناس لذي لم يفهموا ولا يفهمو ولا حولا ولا قوى الا بالله
  • أم آمنة

      منذ
    [[أعجبني:]] أوليس الحق أحق أن يتبع ليس بعد هذا كلام.. بارك الله فيك ..كم تريح القلب..كلمة الحق اللتى لا تقال الا ممن يحملون هم الأمه.
  • علي

      منذ
    [[أعجبني:]] اقرؤا التاريخ إن الحرب الصهيونية على فلسطين وليس على حماس يجب الفرق بين الذل الهوان الإستسلام و الصمود التشبت بالاض المباركة الجهاد في سبيل الله وأخيرا لو أحد قويّ لطمك على وجهك هل ستعطيه خدك الاخرهذا هو الذل بعينه لا و الله سأدافع عن نفسي ولو أ دى دلك الى موتي
  • محمود زيادة

      منذ
    [[أعجبني:]] ما شاء الله! كلام رائع عن جماعة رائعة. ثبتنا الله على دينه، وأحسن خاتمتنا. والله أكبر، والنصر للإسلام والمسلمين.
  • يوسف

      منذ
    [[أعجبني:]] اللهم أنصر حمــــاس على من عاداها من الصهاينة والعملاء والعرب المنبطحين وأمريكا وأوروبا والشرق والغرب يا قوي يا متين ومكن لهم في الأرض وأكتب لنا الجهاد والشهادة في سبيلك معهم جنبا الى جنب على ثرى فلسطين الحبيبة وغزة الأبية .. وألف تحية ألف تحية لفلسطين ولجند حمــــاس إسلامية إسلامية والمسجد كان النبراس
  • manlibya

      منذ
    [[أعجبني:]] قراءة واضحة وبي اسلوب ديني [[لم يعجبني:]] لم يتكلم عن مدى العلاقة بين حماس وايران ويوضح ان المسلمون الاخرين وقوف يتفرجون وينتقدو هذة العلاقة السياسية ولاليست دنية ايران لاتريد نصرة لحماس فهي نصرة لسنة اما حكام الدول السنية اموالهم عند رب بتيهم الابيض والمشيايخ يقفون وراهم بترضى واطاعة ولى الامر الذى يعبد امريكا انتم من اعطى الرافضة الدور ونشر مذابهم الفساد ياعلماء السنة اطردو السفارات الامريكية ثم سوف يكون لكم دور في هذة الامة بعيد عن الملوك
  • um hasan

      منذ
    [[أعجبني:]] حماس دره غاليه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً