في الجرائم الجنسية من المجرم ؟ ومن الضحية ؟

منذ 2010-02-04

أثارت تصريحات مفتي استراليا التي وصفت فيها المتبرجات بـ "اللحم العاري الذي يجذب إليه الذباب" حفيظة كثير من الدوائر المعنية بحقوق الإنسان في أستراليا...



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

اللحم والذباب

أثارت تصريحات مفتي استراليا التي وصفت فيها المتبرجات بـ "اللحم العاري الذي يجذب إليه الذباب" حفيظة كثير من الدوائر المعنية بحقوق الإنسان في أستراليا، كما أثارت هذه التصريحات حفيظة كثير من المنتسبين إلى الإسلام ولكن قلوبهم غربية ومشاربهم إفرنجية.

وقد تزامن ذلك مع حدوث واقعة يندى لها الجبين في عيد الفطر، حينما أقدمت فتاتان أرادتا أن تطبقا ما تسمعانه في وسائل الإعلام ليل نهار عن الجرأة المحمودة للفتاة ومزاحمتها الرجال في كل ميدان، فزاحمتا الرجال على شباك تذاكر السينما، وكان ذلك كافياً لكي تجتمع الكلاب على الفريسة.

وكان ما كان مما صورته كثير من مواقع الإنترنت التي يحررها محررون "متحررون" من دينهم أنه كان حفلة تحرش جنسي جماعي بكل النساء في الطرقات لا فرق بين متبرجة ومحجبة بل ولا منقبة، ولا فرق بين من تسير مع زوجها أو أبيها أو أخيها، ولم يقدموا تفسيراً واضحاً لعدم رصد أي محاولة دفع من الآباء والأزواج والإخوة عن أعراضهم في حالة صحة هذه الروايات التي لفقها هؤلاء لكي يسدوا الباب أمام أن تكون هذه الحوادث عبرة للفتاة المسلمة أن تعود على حجابها، وأن تهجر أماكن الفسق والفجور.


وقامت الدنيا

أقام القوم الدنيا ولم يقعدوها، ونحن معهم لو كانت هذه القومة من أجل الدعوة إلى منع مهيجات السعار الجنسي عن الشباب والفتيات ومنها السينما، ونحن معهم لو كانت الدعوة إلى عودة شبابنا وفتياتنا إلى الفضيلة فيلتزم هؤلاء بغض البصر، ويلتزمن أولئك بالحجاب.

وأما أن تتحول الدعوة إلى حماية حق الفتاة في الذهاب إلى السينما، بل ودخول الأفلام التي تفوح الإسقاطات الجنسية في إعلاناتها ثم المزاحمة على شباك التذاكر فلا.

وعندما وجد بعض العقلاء الذين يقولون: إن اللوم يقع (ابتداء) على هؤلاء الفتيات، حذف دعاة الفتنة كلمة (ابتداء) أو ما في معناها وراحوا يصيحون ويشغبون: أنتم تلومون الضحية وتدافعون عن المجرم.


ريبة بمائة جلدة

وتزامن هذا أيضاً مع حكم أصدرته إحدى المحاكم السعودية في واقعة اغتصاب، رأى القوم فيه دليلاً آخر على أن المتشددين يعاقبون الفتاة الضحية، وخلاصة القصة أن "الفتاة المغتصبة كانت في موضع ريبة مع شاب فجاء سبعة آخرون فاغتصبوها".

وكان الحكم بجلد المغتصبين كل واحد ألف جلدة تعزيراً لكونهم غير محصنين، ولأن المحكمة قد رأت أن حد الحرابة لا ينطبق عليهم، وكما قضت بجلد المغتصبة وصديقها كل مائة جلدة لوجودهما في موطن ريبة، ورغم وضوح علة الحكم على المغتصبة إلا أن القوم راحوا يسخرون من هذا الحكم الذي يعاقب الضحية فيما يرون.


ميزان الحرية الشخصية

وفي واقع الأمر أن القوم يؤمنون بما يؤمن به أسيادهم في أوربا، ومن ثم يقيسون الأمور بهذا المقياس، وهو ميزان الحرية الشخصية الذي يعطي الفتاة الحرية ليس في التبرج فقط، بل وفي الزنى وفي الفجور، ومتى تبرجت المرأة فللرجل أن يتلذذ بالنظر إليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ لأنها قد أباحت زينتها للناظرين، ومتى تحركت شهوته وطلب ما هو أكثر من مجرد النظر فعليه أن يستعين بحيل أبطال الأفلام العاطفية في الإيقاع بفرائسهم، وليكن حذر فإنه إن لم يحكم شباكه جيداً ربما يجد نفسه متهماً بتهمة تحرش جنسي يكون هو متهمها الأول والأخير، وإن وصل إلى مقصوده فأفسدها وأفسدته فهذا هو غاية المنى عندهم وليس في الأمر ثمة جريمة لكي يتحركوا من أجلها.

هذه هي شريعة الغرب التي فرضها القوم قانوناً حاكماً في بلاد المسلمين، وها هم يريدون أن يفرضوها عرفاً قائماً في مجتمعاتهم.


حكم الله

ولا يخفى على من له أدنى اطلاع على دين الله أن الجرائم المتعلقة بالعرض في دين الله هي جريمة في حق الشرع ابتداءً، ثم إن كان أحد الطرفين غاصباً للآخر فهي جريمة جديدة من المغتصِب في حق المغتصَب، ولذلك فإن الزنى بتراضي الطرفين جريمة مشتركة بينهما، وكذا "الزنى الأصغر" بتراضي الطرفين مثل التبرج من المرأة والنظر من الرجل هي جريمة مشتركة، وأما التلصص على العورات فهو جريمة من مرتكبها في حق الله وفي حق المتلصص على عورته وهكذا.

ومع أن هذه المسئولية في هذه الجرائم المشتركة شبه متساوية حيث سوى الشرع بين عقوبة الزاني والزانية، إلا أنك تلمح في تقديم الزانية على الزاني في قوله تعالى:
{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } [النور: 2]
أن المرأة هي المنبع الذي إذا أصلح كان الصلاح على الرجل أسهل، وإذا فسد كانت الفتنة على الرجال أشد، مع أن هذا لا يبيح لهم الاستمتاع المحرم بمن أباحت نفسها فضلاًًًًًًًًً عمن لم تبح، وهذا هو الذي أراد مفتي استراليا أن ينبه الناس إليه أن اللحم العاري يجذب إليه الذباب، وأن اللحم المغطى لا يضره وجود الذباب من عدمه، فكانت غضبة القوم دفاعاً عن منهجهم الذي أشرنا إليه آنفاً، ولكنهم غلفوه بغلاف وجوب الدعوة بالحسنى وعدم تجريح الناس ومراعاة مشاعر المتبرجات، مع أن الرجل يعظ المسلمات اللاتي يحتجن إلى الترغيب في الطاعة والتنفير من المعصية، وتجريد مثل هذه الصور وضرب الأمثال هو نوع من ذلك كما قال تعالى:
{ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } [الحجرات: 12]، والقوم لا يحتجون على هذه الآية لأنهم لا يرون في تحريم الغيبة خطراً على منهجهم الغربي، ومن ثم يقبلون بمبدأ الترهيب منها عن طريق هذا التشبيه المنفر الذي نسج مفتي استراليا على منواله مثاله في التبرج.

وربما ثارت حفيظة القوم من ضرب المثل بالذباب لاسيما إذا كان الخطاب موجهاً لمن يعيشون في أوربا وأمريكا واستراليا الذين لا تكاد تجد في طرقاتهم ذبابة واحدة، وما درى القوم أن ذباب الأعراض أشد خطراً وأكثر قذارة من ذباب القمامة لو كانوا يعلمون!


مثال آخر

ولهذا السبب، ولأن القوم يعرفون لغة المال أكثر من معرفتهم بلغة العرض فسوف نضرب لهم مثلاً آخر يلتقي في معناه مع مثل مفتي استراليا، ويكون أكثر قرباً من عقول القوم.

من المتفق عليه بيننا نحن المسلمين وبين الغرب أن أكل مال الغير بالباطل من الأمور المنكرة في الجملة، ومع الاتفاق على إلحاق اللوم والذم والعقاب على آكل مال الغير بالباطل، إلا أن هناك أحوالاً يذم ويلام ويعاقب صاحب المال المعتدى عليه.

فهناك حالة "سفه" عند البعض تقابل بحالة "طمع وجشع" عند آخرين، وهذه تشبه حال التي تبيح عرضها سفهاً منها وعدم دراية بعاقبة ذلك في الدنيا والآخرة، ويجب أن يؤخذ على يدي كل من الطرفين.

وهناك حالة "إهمال" تقابل بحالة "نهب" عند آخرين والمهمل في حفظ ماله لم يتركه لغيره سفهاً، وإنما أغرى الغير عن طريق تركه لماله بغير حفظ كاف ولذلك أتى الشرع بقطع يد السارق ولم يأت بقطع يد المنتهب الذي يخطف الأشياء الغير محرزة مع استحقاقه للعقوبة في الجملة إلا أن صاحب المال شريك معه في الجريمة.


وإهمال المرأة في ستر نفسها أشد خطراً من إهمال الناس في حفظ أموالهم، لأنه لا يفسر عادة على أنه إهمال، بل على أنه دعوة إلى نفسها، ولذلك تجد أن معظم قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب تدور حول امرأة تتيح جزءً من عرضها، بـأن تتزين للناظرين مثلاً، ويظن الظان أنها أباحت كل عرضها، أو تبيح عرضها لشخص ما فتتواجد في مواطن الريب فيظن الظان أنها لن تمانع من أباحته لغيره فتقع الكارثة، وإلى هذا أشار قوله تعالى:
{ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } [الأحزاب: 59].

وأما من حفظ ماله "الحفظ التام" ثم جاء من "دبر وتربص" واستولى عليه فهذه هي الجريمة التي يسأل عنها المجرم وحده، ولذلك جاءت عقوبتها في شرعنا قطع الأيدي الذي تشمئز منه نفس هؤلاء المعترضين على وصف حال المتبرجة مع الناظر إليها بحال "اللحم العاري مع الذباب".

ولذلك جاء الشرع بعقوبة مقررة على الزاني والزانية بالتراضي بينما تزداد العقوبة في حق المغتصب على تطبيق حد الحرابة عليه، إذا شهر من أجل ذلك سلاحاً، أو إلى تعزيره بما يراه القاضي رادعاً، وقد تقدمت الإشارة إلى حكم محكمة سعودية بجعل هذا التعزير ألف جلدة.


نصيحة واجبة

ولذلك -وعلى افتراض صدق الروايات التي تقول:
إن التحرش الجنسي قد طال محجبات ومنقبات يسيرون مع الأزواج والآباء- نقول: إن هؤلاء مقصرون بالتواجد في أماكن النساء والفجور لاسيما في ذلك الوقت الذي يعلم الجميع ما يكون فيه من تحرش برضا الطرفين "كاللحم العاري مع الذباب".

ومع ذلك نحن لا ننكر وجود مع يعتدي عليها بغير ما ذنب منها، كما لا ننكر وجود من يسرق ماله رغم حفظه له، وهذه وذلك يجب أن يعاملا معاملة المصاب الذي تتضافر الجهود في مواساته على مصابه المادي والأدبي، ولكن وكما أن وجود حوادث السرقة يجعل أصحاب الأموال يزدادون في حفظها، فكذلك وجود حوادث الاعتداء على الأعراض يجعل المرأة تزداد حفاظاً على عرضها.

وإذا كان العلمانيون بأخبارهم تلك يريدون منا أن نزهد في حجاب نسائنا من باب أنه لم يمنع من التحرش بهن، فإننا نقول لهم: لو صحت رواياتكم فإننا سوف نلزم المسلمات الصادقات بأعلى درجات الحجاب ألا وهو القرار في البيت
{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } [الأحزاب: 33].

فالمسلمة إما أن تقر في بيتها وإما أن تخرج متقية بثيابها الذباب، وأما من أراد من الرجال والنساء أن يعيشوا حياة "اللحم العاري مع الذباب" فسنظل ندعوهم على النجاة رغم أنهم يدعوننا على النار
{ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ } [غافر: 41].


المصدر: موقع صوت السلف

عبد المنعم الشحات

أحد المشايخ البارزين بمسجد أولياء الرحمن بالاسكندرية للدعوة السلفية و منهجه منهج أهل السنة و الجماعه و سلف الأمة من الصحابة و التابعين لهم باحسان

  • 15
  • 1
  • 12,446
  • محمد

      منذ
    (أفحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) [المائدة 50]
  • nada

      منذ
    المقال اكثر من رائع وجزاكم الله خيرا و فيه توضيح وافر لهؤلاء المتسا هلين في امر خروج المرأة من منزلها متبرجة ولكن هناك مسؤلية كبيرة علي ولي امرها الدي سمح لها بالخروج علي هده الصوره,ويجدر بالهيآت الحكومية علي اعتبار انها اسلامية ان تعمل دورات تدريبية لكل زوجين جدد في التربية الاسلامية لهده الأجيال الجديده,هدا من ناحية ومن ناحية اخرا عمل دروس للآباء الجدد في تصحيح المفاهيم الخاطئه التي قد يكونو تربو عليهانتيجة قلت الوعي الاسلامي عند الآباء السابقين فالأمر بالطبع التعود من الصغر. وفقكم الله لما فيه الخير.
  • nada

      منذ
    إلى الشيخ عبد المنعم الشحات كاتب المقال: أرجو تجاهل مشاركتي السابقة، فقد كنت غاضبة من مقالك، وقد قمت بتحسين ردي وهاهو الرد المحسن: في تفسير قول الله سبحانه وتعالى "الآية: 60 - 62 من سورة الأحزاب: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا، ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا، سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا} أنقل إلى سعادتكم هذه السطور من تفسير القرطبي: قوله تعالى: "لئن لم ينته المنافقون" الآية. أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشيء واحد؛ كما روى سفيان بن سعيد عن منصور عن أبي رزين قال: "المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة" قال: هم شيء واحد، يعني أنهم قد جمعوا هذه الأشياء. والواو مقحمة، كما قال: إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم أراد إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة، وقد مضى في "البقرة". وقيل: كان منهم قوم يرجفون، وقوم يتبعون النساء للريبة وقوم يشككون المسلمين. قال عكرمة وشهر بن حوشب: "الذين في قلوبهم مرض" يعني الذين هي قلوبهم الزنى. وقال طاوس: نزلت هذه الآية في أمر النساء. وقال سلمة بن كهيل: نزلت في أصحاب الفواحش، والمعنى متقارب. وقيل: المنافقون والذين في قلوبهم مرض شيء واحد، عبر عنهم بلفظين؛ دليله آية المنافقين في أول سورة "البقرة". والمرجفون في المدينة قوم كانوا يخبرون المؤمنين بما يسوءهم من عدوهم، فيقولون إذا خرجت سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم: إنهم قد قتلوا أو هزموا، وإن العدو قد أتاكم، قال قتادة وغيره. وقيل كانوا يقولون: أصحاب الصفة قوم عزاب، فهم الذين يتعرضون للنساء. وقيل: هم قوم من المسلمين ينطقون بالأخبار الكاذبة حبا للفتنة. وقد كان في أصحاب الإفك قوم مسلمون ولكنهم خاضوا حبا للفتنة. وقال ابن عباس: الإرجاف التماس الفتنة، والإرجاف: إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به. وقيل: تحريك القلوب، يقال: رجفت الأرض - أي تحركت وتزلزلت - ترجف رجفا. والرجفان: الاضطراب الشديد. والرجاف: البحر، سمي به لاضطرابه. قال الشاعر: المطعمون اللحم كل عشية حتى تغيب الشمس في الرجاف والإرجاف: واحد أراجيف الأخبار. وقد أرجفوا في الشيء، أي خاضوا فيه. قال الشاعر: فإنا وإن عيرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسد وقال آخر: أبس الأراجيف يا ابن اللؤم توعدني وفي الأراجيف خلت اللؤم والخور فالإرجاف حرام، لأن فيه إذاية. فدلت الآية على تحريم الإيذاء بالإرجاف. انتهى كلام القرطبي. ذكر أنه في الآية المذكورة، ذكر الذين في قلوبهم مرض، وهم قوم كانوا يتبعون النساء إذا خرجن لقضاء حوائجهن بالليل فيغمزوهن وخاصة الجواري، واللواتي لم تكن تتسترن كالحرائر من النساء في تلك الفترة، وكان ذلك على أيام الرسول صلى الله عليه وسلم. لاحظ سعادتكم أن القرآن لم يلم النساء ولم يتحدث عن كون النساء محتشمات أم غير ذلك. وقد سمعت بعض الشيوخ في خطب قمت بإنزالها من على شبكة الانترنت يتحدثون عن أن "الذين في قلوبهم مرض" هو قوم مرضى فإن شاء الله عفى عنهم وإن شاء جعل حال قلوبهم إلى أسوأ. وأينا ليس كذلك؟ كلنا نرتكب الذنوب ولنا عادات لا تتفق بالكلية مع الدين، فإما أن يعفو الله عنا ونتوب، أو أن نصير إلى أسوأ فنضل والعياذ بالله. ورأيي أنا أن الله ذكر "الذين في قلوبهم مرض" في قرآنه على سبيل الذم، وأنظر هنا إلى هذه الآية حين قرنهم مع المنافقين والمرجفين في المدينة، فهم جميعًا أعداءُ للمسلمين، ولا يعني هذا أنهم مرضى مستحقون للشفقة بل هم أعداء للمسلمين، ولهذا هم يقومون بغمز نساء المسلمين تعديًا منهم على محارم الله. هناك كذلك حديث قرأته على الانترنت من كتاب إحياء علوم الدين لإبي حامد الغزالي، الفصل الخاص بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورواه الإمام أحمد عن مالك بن دينار، وهو حبر من أحبار اليهود، وقال فيه: كان حبر من أحبار بني إسرائيل يغشى الرجال والنساء منزله يعظهم ويذكرهم بأيام الله عز وجل فرأى بعض بنيه يوماً وقد غمر بعض النساء فقال: مهلاً يا بني مهلاً، وسقط من سريره فانقطع نخاعه وأسقطت امرأته وقتل بنوه في الجيش، فأوحى الله تعالى إلى نبي زمانه: أن أخبر فلاناً الحبر أني لا أخرج من صلبك صديقاً أبداً أما كان من غضبك لي إلا أن قلت: مهلاً يا بني مهلاً". انتهى كلام مالك بن دينار. لاحظ في الحديث السابق أنه لم يذكر إن كانت المرأة محتشمة أم لا. ومعنى الحديث السابق أنه لا يأثم فقط الشخص الذي يغمز المرأة، بل يأثم معه كل إنسان رأه يفعل ذلك فلم ينهه، بما فيهم أنت يا شيخ وأنت من تعرض لهذه القضية برغبتك ولم يرغمك أحد على ذلك. إن المرأة تتعرض لإيذاء نفسي شديد حين يتبعها عدد من هؤلاء الفاسدين ويسمعونها من الكلام ما تكره، ويحاصرونها ويضايقونها بينما معظم من حولها ينظرون لهذا الأمر كطرفة أو سماجة شباب لا تضر، والأسوأ أن أحدًا من رجال الدين لا يتعرض لإنصافها أو تحذير القائمين بهذا العمل من العقاب يوم القيامة رغم أن الله سبحانه وتعالى وهو أعلم بخلقه قد قرن فاعلي هذا العمل بالمنافقين وأعداء المسلمين من المرجفين الناشرين للريبة بينهم. معظم رجال الدين يركزون على خطأ المرأة فقط، ويعذرون الشباب في غمزهم لها. لتعلم يا شيخ أنه حتى المنقبات لا يسلمن من مضايقة هؤلاء الفساق لهن. أنا لا أقول بأن تمشي المرأة غير محجبة في الشارع، ولكن ما تقوله أنت من أن الشباب يتأثر بلباسها فيغمزها، وأنه يُعذر في ذلك مثل ما قال أحد الشباب المائعين: "إذا كانوا يريدوننا ألا نشرب الخمر فليغلقوا متاجرها، وإلا فإنني لا أستطيع أن أقاوم إغراء شربها." وبهذا تصبح الإتاحة شرط للإباحة، أي أن كل متاح مباح، ومعذور من يسعى وراء هذا المتاح. إن المسلم يصوم أربع عشرة ساعةوأكثر في رمضان عن الحلال كتدريب له حتى يصمد أمام الحرام، وإلا فما معنى مجاهدة النفس إذن؟ أما عن حادثة فتاة القطيف والتي أشرتم إليها في مقالكم، فأنا أرى أن قرار المحكمة كان مغرقًا في القسوة، فمهما كان ما فعلته تلك الفتاة، فقد كانت فتاةً صغيرة في الثامنة عشرة من عمرها، ومن بيت مفكك، وخدعها هذا الذي تقابله، وقد اغتصبها أكثر من سبعة ولا أذكر كم عددها، ولم يكفهم ذلك بل اغتصبوا الرجل أيضًا. أي أن من اغتصبوها كان من أراذل البشر وليسوا قومًا طبيعيين. وقد تعرضت بالطبع لمحنة نفسية شديدة دمرتها تدميرًا، ومهما كان ما فعلته فيكفيها عقابًا ما تلقته من هؤلاء والذي لا يرقى إليه الجلد من كونه عقوبة. أما كفاها ذلك حتى تحكم عليها المحكمة بالجلد؟ لاحظ سعادتكم أن الفتاة لم تكن محصنة وكانت صغيرة السن وظروفها الاجتماعية سيئة. أرجو من سعادتكم أن تكتب مقالاً أكثر توازنًا عن هذا الموضوع. وشكرًا.
  • nada

      منذ
    في أيام المدينة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان هناك فجار يضايقن النساء عند خروجهن لقضاء حاجاتهن مستترات في الليل، ونزلت آية لا أحفظها ومعناها لئن لم ينته المرجفون في المدينة والذين في قلوبهم مرض، فسيغري الله رسوله بهم، وأرجو من الشيخ كاتب هذا المقال مراجعة زملاءه أو مراجعة شبكة الانترنت إن كان لا يعرف، ففي تلك الحالة أيام الرسول لم تكن المرأة تفعل شيئًا وتمت مضايقتها. أنت هناتقول قولاً بخلاف السنة وهو قول ظالم تشجع به من يقوم بمضايقة النساء، مع أن هؤلاء لا ينقصهم تشجيع لا من الأعمال الجنسية السينمائية والتي تصورهم بصورة الشباب المجني عليه أو الروش. أنت تقول بهواك، وحسبي الله ونعم الوكيل

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً