استفسارات حول الطرق الصوفية

منذ 2006-12-01
السؤال: أولاً: نعيش في قرية فترة من القلق بسبب ابتداع أمور ليست في الدين فنريد من سيادتكم جواباً شافياً على ما ابتدع حتى نطبق مبادئ الإسلام على بصيرة، ثم ما هي الكتب الدالة على ذلك؟
ثانياً: إنني شاب مقبل على دينه برغم ما يلقاه من تعنت الآباء الذين طغت عليهم المادية وأهملوا أمور دينهم، فما هي الكتب الصالحة الخالية من المبتدعات، نريد من سيادتكم قائمة لذلك؟ وهل صحيح يوجد أحاديث موضوعة وضعيفة؟ وكيف نعرفها وخصوصاً ما أكثر ما نجدها متداولة على ألسنة بعض الأئمة؟
ثالثاً: ما هي حقيقة هذه الطرق الكثيرة مثل: "الشاذلية"، و"الأحمدية"، و"السعدية"، و"البرهانية"، وغيرها؟ وكيف نرد عليهم؟ وما الكتب الشافية في ذلك؟ وهل هم على حق كما يزعمون؟
رابعاً: نرى أئمة كل على مذهب يخالف الآخر، وغالباً ما ينتهي الموضوع إلى معركة بينهم تؤدي إلى أن بعض المصلين يتركون الصلاة، فهل نتبع مذهباً واحداً؟ وكيف نوفق بين المذاهب حتى يستقر الأمر؟
خامساً: قد يتطاول البعض على كتاب الله فيجعلون تفسير الآيات حسب أهوائهم ليضلوا الناس عن ذلك، مثال ذلك في سورة آل عمران قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [آل عمران:191]، فيفسرون ذلك على الرقص في الأذكار والهمهمة ويتمتم بكلمات غير مفهومة ويميل يميناً ويساراً وهو يقول: "الله حي". وهكذا أمور أخرى فيحللون تحديد النسل والغناء للنساء والمدح للرسول ويستعملون في ذلك آلات الغناء والمجون، فنريد منكم التبصير بأمور ديننا وفهمها على حق والرد على المبتدعين على الدين والكتب الشافية بذلك؟
الإجابة: أولاً: لم تذكر البدع التي تريد الجواب عنها حتى نذكر لك الجواب، ولكن نحب أن ننبهك إلى أصل عظيم، وهو أن الأصل في باب العبادات المنع حتى يرد الدليل عليها شرعاً، فلا يقال: إن هذه العبادة مشروعة من أصلها أو من جهة عددها أو هيئتها إلا بدليل شرعي، فمن ابتدع في دين الله ما لم يشرعه الله فما صدر منه مردود عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي رواية: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

ثانياً: ننصحك بتعلم كتاب الله وكثرة تلاوته وتدبره والعمل به والدعوة إليه، وتتعلم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تدعو الحاجة إليه فتقرأ [صحيح البخاري] و[صحيح مسلم] وغيرهما من كتب السنة، وتسأل أهل العلم عما أشكل عليك.

ثالثاً: طريقة "الشاذلية" و"الأحمدية" و"السعدية" و"البرهانية" ونحوها من الطرق طرق ضلال، لا يجوز للمسلم أن يتبع واحدة منها، بل الواجب عليه أن يتبع طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه وصحابته من بعده الذين أخذوا بسنته وكذا من أخذ بها بعدهم، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله"، وقال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي".
وأما الرد عليهم فيحتاج إلى أن تعرف أنت تفاصيل عقائدهم وبدعهم وشبههم وتعرض ذلك على الكتاب والسنة، ونرى أن تستعين في ذلك بالكتب المؤلفة في ذلك؛ كـ[السنن والمبتدعات]، و[مصرع التصوف] لعبد الرحمن الوكيل، و[الاعتصام] للشاطبي، و[الابداع في مضار الابتداع] للشيخ علي محفوظ، و[إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان] للعلامة ابن القيم، وأمثال هذه الكتب.

رابعاً: الخلاف الموجود في الفروع الفقهية بين أئمة المذاهب الأربعة يرجع إلى الأسباب التي نشأ عنها كون الحديث يصح عند بعضهم دون بعض، أو بلوغ الحديث لواحد دون الآخر إلى غير ذلك من أسباب الخلاف، فيجب على المسلم أن يحسن الظن بهم فكل واحد منهم مجتهد فيما صدر منه من الفقه طالب للحق فإن كان مصيباً فله أجران أجر اجتهاد وأجر إصابته، وإن كان مخطئاً فله أجر اجتهاده وخطؤه معفو عنه.
وأما التقليد لهؤلاء الأئمة الأربعة فمن تمكن أن يأخذ الحق بدليل وجب عليه الأخذ بالدليل، وإن لم يتمكن فإنه يقلد أوثق أهل العلم عنده حسب إمكانه، وهذا الاختلاف في الفروع لا يترتب عليه منع المختلفين أن يصلي بعضهم خلف بعض، بل الواجب هو أن يصلي بعضهم خلف بعض، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يختلفون في المسائل الفرعية ويصلي بعضهم خلف بعض، وهكذا كان التابعون وأتباعهم بإحسان.

خامساً: الطريقة السليمة لتفسير القرآن: هي أن يفسر القرآن بالقرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان والاستعانة على ذلك بأساليب اللغة ومقاصد التشريع، وأما التفسير الذي ذكرته لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]، وأن بعض الناس يفسره بالرقص والأذكار والهمهمة ويتمتم بكلمات غير مفهومة ويميل يميناً ويساراً وهو يقول: "الله حي"، إلى آخر ما ذكر في السؤال. فهذا تفسير باطل ليس له أصل مطلقاً.
ونوصيك بمراجعة [تفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي] وأشباهها في تفسير هذه الآية المذكورة في السؤال وأشباهها لتعرف الحقي في ذلك من كلام أهل التفسير المأمونين.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الخامس والعشرون (العقيدة).

اللجنة الدائمة

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

  • 0
  • 1
  • 12,686

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً