سورة الأحزاب - تفسير السعدي



" يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما "

يا أيها النبي دم على نقوى الله بالعمل بأوامره واجتناب محارمه, وليقتد بك المؤمنون; لأنهم أحوج إلى ذلك منك, ولا تطع الكافرين وأهل النفاق.
إن الله كان عليما بكل شيء, حكيما في خلقه وأمره وتدبيره.

" واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا "

واتبع ما يوحى إليك من ربك من فرآن وسنة, إن الله مطلع على كل ما تعملون ومجازيكم به, لا يخفى عليه شيء من ذلك.

" وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا "

واعتمد على ربك, وفوض جميع أمورك إليه, وحسبك به حافظا لمن توكل عليه وأناب إليه.

" ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل "

ما جعل الله لأحد من البشر من قلبين في صدره, وما جعل زوجاتكم اللاتي تظاهرون منهن (في الحرمة) كحرمة أمهاتكم (والظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي, وقد كان هذا طلاقا في الجاهلية, فبين الله أن الزوجة لا تصير أما بحال) وما جعل الله الأولاد المتبنين أبناء في الشرع, بل إن الظهار والتبني لا حقيقة لهما في التحريم الأبدي, فلا تكون الزوجة المظاهر منها كالأم في الحرمة, ولا يثبت النسب بالتبني من قول الشخص للذعي؟ هذا ابني, فهو كلام بالفم لا حقيقة له, ولا يعتد به, والله سبحانه يقول الحق ويبين لعباده سبيله, ويرشدهم إلى طريق الرشاد.

" ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما "

انسبوا أدعياءكم لآبائهم, هو أعدل وأقوم عند الله, فإن لم تعلموا آباءهم الحقيقيين فادعوهم إذأ بأخوة الدين التي تجمعكم بهم, فإنهم إخوانكم في الدين ومواليكم فيه, وليس عليكم إثم فيما وقعتم فيه من خطأ لم تتعمدوه, وإنما يؤاخذكم الله إذا تعمدتم ذلك.
وكان الله غفورا لمن أخطأ, رحيما لمن تاب من ذنبه.

" النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا "

النبي محمد صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين, وأقرب لهم من أنفسهم في أمور الدين والدنيا, وحرمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على أمته كحرمة أمهاتهم, فلا يجوز نكاح زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم من بعده.
وذوو القرابة من المسلمين بعضهم أحق بميراث بعض في حكم الله وشرعه من الإرث بالإيمان والهجرة (وكان المسلمون في أول الإسلام يتوارثون بالهجرة والإيمان دون الرحم, ثم نسخ ذلك بآيه المواريث) إلا أن تفعلوا -أيها المسلمون- إلى غير الورثة معروفا بالنصر والبر والصلة والإحسان والوصية, كان هذا الحكم المذكور مقدرا مكتوبا في اللوح المحفوظ, فيجب عليكم العمل به.
وفي الآية وجوب كون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلى العبد من نفسه, ووجوب كمال الانقياد له, وفيها وجوب احترام أمهات المؤمنين, زوجاته صلى الله عليه وسلم, وأن من سبهن فقد باء بالخسران.

" وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا "

واذكر -يا محمد- حين أخذنا من النبيين العهد المؤكد بتبليغ الرسالة, وأخذنا الميثاق منك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم, وأخذنا منهم عهدا مؤكدا بتبليغ الرسالة وأداء الأمانة, وأن يصدق بعضهم بعضا.

" ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما "

(أخذ الله ذلك العهد من أولئك الرسل) ليسأل المرسلين عما أجابتهم به أممهم, فيجزي الله المؤمنين الجنة, وأعد للكافرين يوم القيامة عذابا شديدا في جهنم.

" يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا "

يا معشر المؤمنين اذكروا نعمة الله تعالى التي أنعمها عليكم في (المدينة) أيام غزوة الأحزاب -وهي غزوة الخندق-, حين اجتمع عليكم المشركون من خارج (المدينه), واليهود والمنافقون من (المدينة) وما حولها, فأحاطوا بكم, فأرسلنا على الأحزاب ريحا شدبدة اقتلعت خيامهم ورمت قدورهم, وأرسلنا ملائكة من السماء لم تروها, فوقع الرعب في قلوبهم.
وكان الله بما تعملون بصيرا, لا يخفى عليه من ذلك شيء.

" إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون "

اذكروا إذ جاؤوكم من فوقكم من أعلى الوادي من جهة المشرق, ومن أسفل منكم من بطن الوادي من جهه المغرب, وإذ شخصت الأبصار من شدة الحيرة والدهشة, وبلغت القلوب الحناجر من شدة الرعب, وغلب اليأس المنافقين, وكثرت الأقاويل, وتظنون بالله الظنون السيئة أنه لا ينصر دينه, ولا يعلي كلمته.

" هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا "

في ذلك الموقف العصيب اختبر إيمان المؤمنين ومحص القوم, وعرف المؤمن من المنافق, واضطربوا اضطرابا شديدا بالخوف والقلق; ليتبين إيمانهم ويزيد يقينهم.

" وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "

وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم شك, وهم ضعفاء الإيمان: ما وعدنا الله ورسوله من النصر والتمكين إلا باطلا من القول وغرورا, فلا تصدقوه.

" وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا "

واذكر -يا محمد- قول طائفة من المنافقين منادين المؤمنين من أهل (المدينة): يا أهل (يثرب) (وهو الاسم القديم (للمدينة)) لا إقامة لكم في معركة خاسرة, فارجعوا إلى منازلكم داخل (المدينة), ويستأذن فريق آخر من المنافقين الرسول صلى الله عليه وسلم بالعودة إلى منازلهم بحجة أنها غير محصنة, فيخشون عليها, والحق أنها ليست كذلك, وما قصدوا بذلك إلا الفرار من القتال.

" ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا "

ولو دخل جيش الأحزاب (المدينة) من جوانبها, ثم سئل هؤلاء المنافقون الشرك بالله والرجوع عن الإسلام, لأجابوا إلى ذلك مبادرين, وما تأخروا عن الشرك إلا يسيرا.

" ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا "

ولقد كان هؤلاء المنافقون عاهدوا الله على يد رسوله من قبل غزوة الخندق, لا يفرون إن شهدوا الحرب,, لا يتأخرون إذا دعوا إلى الجهاد, ولكنهم خانوا عهدهم, وسيحاسبهم الله على ذلك, ويسألهم عن ذلك العهد, وكان عهد الله مسؤولا عنه, محاسبيا عليه.

" قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا "

قل -يا محمد- لهؤلاء المنافقين: لن ينفعكم الفرار من المعركة خوفا من الموت أو القتل; فإن ذلك لا يؤخر آجالكم, وإن قررتم فلن تتمتعوا في هذه الدنيا إلا بقدر أعماركم المحدودة, وهو زمن يسير جدا بالنسبة إلى الآخرة

" قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا "

قل -يا محمد- لهم: من ذا الذي يمنعكم من الله, أو يجيركم من عذابه, إن أراد بكم سوءا, أو أراد بكم رحمة, فإنه المعطي المانع الضار النافع؟ ولا يجد هؤلاء المنافقون لهم من دون الله وليا يواليهم, ولا نصيرا ينصرهم.

" قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا "

إن الله يعلم المثبطين عن الجهاد في سبيل الله, والقائلين لإخوانهم: تعالوا وانضموا إلينا, واتركوا محمدا, فلا تشهدوا معه قتالا; فإنا نخاف عليكم الهلاك بهلاكه, وهم مع تخذيلهم هذا لا يأتون القتال إلا نادرا, رياء وسمعة وخوف الفضيحة.

" أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا "

بخلاء عليكم -أيها المؤمنون- بالمال والنفس والجهد والمودة لما في نفوسهم من العداوة والحقد; حبا في الحياة وكراهة للموت, فإذا حضر القتال خافوا الهلاك ورأيتهم ينظرون إليك, تدور أعينهم لذهاب عقولهم; خوفا من القتل وفرارا منه كدوران عين من حضره الموت, فإذا انتهت الحرب وذهب الرعب رموكم بألسنة حداد مؤذية, وتراهم عند قسمة الغنائم بخلاء وحسدة, أولئك لم يؤمنوا بقلوبهم, فأذهب الله ثواب أعمالهم, وكان ذلك على الله يسيرا.

" يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا "

يظن المنافقون أن الأحزاب الذين هزمهم الله تعالى شر هزيمة لم يذهبوا, ذلك من شدة الخوف والجبن, ولو عاد الأحزاب إلى (المدينة), لتمني أولئك المنافقون أنهم كانوا غائبين عن (المدينة) بين أعراب البادية, يتجسسون أخباركم من بعيد, ولو كانوا فيكم ما قاتلوا معكم إلا قليلا; لكثرة جبنهم وذلتهم وضعف يقينهم.

" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا "

لقد كان لكم -أيها المؤمنون- في أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله قدوة حسنة تتأسون بها, فالزموا سنته, فإنما يسلكها ويتأسى بها من كان يرجو الله واليوم الآخر, وأكثر من ذكر الله واستغفاره, وشكره في كل حال.

" ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما "

ولما شاهد المؤمنون الأحزاب الذين تحزبوا حول (المدينة) وأحاطوا بها, تذكروا أن موعد النصر قد قرب, فقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله, من الابتلاء والمحنة والنصر, فأنجز الله وعده, وصدق رسوله فيما بشر به, وما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا إيمانا بالله وتسليما لقضائه وانقيادا لأمره.

" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "

من المؤمنين رجال أوفوا بعهودهم مع الله تعالى, وصبروا على البأساء والضراء وحين البأس: فمنهم من وفى بنذره فاستشهد في سبيل الله, ومنهم من ينتظر إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة, وما غيروا عهد الله, ولا نقضوه ولا بدلوه, كما غير المنافقون.

" ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما "

ليثيب الله أهل الصدق بسبب صدقهم وبلائهم وهم المؤمنون, ويعذب المنافقين إن شاء تعذيبهم, بأن لا يوفقهم للتوبة النصوح قبل الموت, فيموتوا على الكفر, فيستوجبوا النار, أو يتوب عليهم بأن يوفقهم للتوبة والإنابة, إن الله كان غفورا لذنوب المسرفين على أنفسهم إذا تابوا, رحيما بهم; حيث وفقهم للتوبة النصوح.

" ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا "

ورد الله أحزاب الكفر عن (المدينة) خائبين خاسرين مغتاظين, لم ينالوا خيرا في الدنيا ولا في الآخز وكفى الله المؤمنين القتال بما أيدهم به من الأسباب.
وكان الله قويا لا يغالب, عزيزا في ملكه وسلطانه.

" وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا "

وأنزل الله يهود بني قريظة من حصونهم; لإعانتهم الأحزاب في قتال المسلمين, وألقى في قلوبهم الخوف فهزموا, تقتلون منهم فريقا, وتأسرون فريقا آخر.

" وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا "

وملككم الله -أيها المؤمنون- أرضهم ومساكنهم وأموالهم المنقولة كالحلي والسلاح والمواشي, وغير المنقولة كالمزارع والبيوت والحصون المنيعة, وأورثكم أرضا لم تتمكنوا من وطئها من قبل; لمنعتها وعزتها عند أهلها.
وكان الله على كل شيء قديرا, لا يعجزه شيء.

" يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا "

يا أيها النبي قل لأزواجك اللاتي اجتمعن عليك, يطلبن منك زيادة النفقة: إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فأقبلن أمتعكن شيئا مما عندي من الدنيا, وأفارقكن دون ضرر أو إيذاء.

" وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما "

وإن كنتن تردن رضا الله ورضا رسوله وما أعد الله لكن من الدار الآخرة, فاصبرن على ما أنتن عليه, وأطعن الله ورسوله, فإن الله أعد للمحسنات منكن ثوابا عظيما.
(وقد اخترن الله ورسوله, وما أعد الله لهن في الدار الآخرة).

" يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا "

يا نساء النبي من يأت منكن بمعصية ظاهرة يضاعف لها العذاب مرتين.
فلما كانت مكانتهن رفيعة ناسب أن يجعل الله الذنب الواقع منهن عقوبته مغلظة; صيانة لجنابهن وجناب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان ذلك العقاب على الله يسيرا.

" ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما "

ومن تطع منكن الله ورسوله, وتعمل بما أمر الله به, نعطها ثواب عملها مثلي ثواب عمل غيرها من سائر النساء, وأعددنا لها رزقا كريما, وهو الجنة.

" يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا "

يا نساء النبي -محمد- لستن في الفضل والمنزلة كغيركن من النساء, إن خفتن الله فلا تتحدثن مع الأجانب بصوت لين يطمع الذي في قلبه فجور وميل إلى النساء, وهذا أدب واجب على كل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر, وقلن قولا بعيدا عن الريبة, لا تنكره الشريعة.

" وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا "

والزمن بيوتكن, ولا تخرجن منها إلا لحاجة, ولا تظهرن محاسنكن, كما كان يفعل نساء الجاهلية الأولى في الأزمنة السابقة على الإسلام, وكما يفعله كثير من النساء في هذا العصر: الكاسيات العاريات, المتبرجات المتبخترات.
وادين الصلاة كاملة في أوقاتها, وأعطين الزكاة كما شرع الله, وأطعن الله ورسوله في أمرهما ونهيهما, إنما أوصاكن الله بهذا; ليزكيكن, ويبعد عنكن الأذى والسوء والشر يا أهل بيت النبي -ومنهم زوجاته وذريته عليه الصلاة والسلام-, ويطهر نفوسكم غاية الطهارة.

" واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا "

واذكرن ما يتلى في بيوتكن من القرآن وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم, واعملن به, واقدرنه حق قدره, فهو من نعم الله عليكن, إن الله كان لطيفا بكن; إذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آيات الله والسنة, خبيرا بكن إذ اختاركن لرسوله أزواجا.

" إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما "

إن المنقادين لأوامر الله والمنقادات, والمصدقين والمصدقات والمطيعين لله ورسوله والمطيعات, والصادقين في أقوالهم والصادقات, والصابرين عن الشهوات وعلى الطاعات وعلى المكاره والصابرات, والخائفين من الله والخائفات, والمتصدقين بالفرض رالنفل والمتصدقات, والصائمين في الفرض والنفل والصائمات, والحافظين فروجهم عن الزنى ومقدماته, وعن كشف العورات والحافظات, والذاكرين الله كثيرا بقلوبهم وألسنتهم والذاكرات, أعد الله لهؤلاء مغفرة لذنوبهم وثوابا عظيما, وهو الجنة.

" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "

ولا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة إذا حكم الله ورسوله فيهم حكما أن يخالفوه, بأن يختاروا غير الذي قضى فيهم.
رمن يعص الله ورسوله فقد بعد عن طريق الصواب بعدا ظاهرا.

" وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا "

واذ تقول -يا محمد- للذي أنعم الله عليه بالإسلام -وهو زيد بن حارثة الذي أعتقه وتبناه النبي صلى الله عليه وسلم- وأنعمت عليه بالعتق: أبق زوجك زينب بنت جحش ولا تطلقها, واتق الله يا زيد, وتخفي -يا محمد- في نفسك ما أوحى الله به إليك من طلاق زيد لزوجه وزواجك منها, والله تعالى مظهر ما أخفيت, وتخاف المنافقين أن يقولوا: تزوج محمد مطلقة متبناه, والله تعالى أحق أن تخافه, فلما قضى زيد منها حاجته, وطلقها, وانقضت عدتها, زوجناكها; لتكون أسوة في إبطال عادة تحريم الزواج بزوجة المتبنى بعد طلاقها, ولا يكون على المؤمنين إثم وذنب في أن يتزوجوا من زوجات من كانوا يتبنونهم بعد طلاقهن إذا قضوا منهن حاجتهم.
وكان أمر الله مفعولا, لا عائق له ولا مانع.

" ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا "

ما كان على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من ذنب فيما أحل الله له من زواج امرأة من تبناه بعد طلاقها, كما أباحه للأنبياء قبله, سنة الله في الذين خلوا من قبل, وكان أمر الله قدرا مقدورا لا بد من وقوعه.

" الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا "

الذين يبلغون رسالات الله إلى الناس, ويخافون الله وحده, ولا يخافون أحدا سواه.
وكفى بالله محاسبا عباده على جميع أعمالهم ومراقبا لها.

" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما "

ما كان محمد أبا لأحد من رجالكم, ولكنه رسول الله وخاتم النبيين, فلا نبوة بعده إلى يوم القيامة.
وكان الله بكل شيء من أعمالكم عليما, لا يخفى عليه شيء.

" يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا "

يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكرا كثيرا,

" وسبحوه بكرة وأصيلا "

واشغلوا أوقاتكم بذكر الله تعالى عند الصباح والمساء, وأدبار الصلوات المفروضات, وعند العوارض والأسباب, فإن ذلك عبادة مشروعة, تدعو إلى محبة الله, وكف اللسان عن الآثام, وتعين على كل خير.

" هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما "

هو الذي يرحمكم ويثني عليكم وتدعو لكم ملائكته; ليخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الإسلام, وكان بالمؤمنين رحيما في الدنيا والآخرة, لا يعذبهم ما داموا مطيعين مخلصين له.

" تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما "

تحية هؤلاء المؤمنين من الله في الجنة يوم يلقونه سلام, وأمان لهم من عذاب الله, وقد أعد لهم ثوابا حسنا, وهو الجنة.

" يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا "

يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا على أمنك بإبلاغهم الرسالة, ومبشرا المؤمنين منهم بالرحمة والجنة, ونذيرا للعصاة والمكذبين من النار,

" وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا "

وداعيا إلى توحيد الله وعبادته وحده يأمره إياك, وسراجا منيرا لمن استنار بك, فأمرك ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشراقها وإضاءتها, لا يجحدها إلا معاند.

" وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا "

وبشر -يا محمد- أهل الإيمان بأن لهم من الله ثوابا عظيما, وهو روضات الجنات.

" ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا "

ولا تطع -يا محمد- قول كافر أو منافق واترك أذاهم, ولا يمنعك ذلك من تبليغ الرسالة, وثق بالله في كل أمورك واعتمد عليه; فإنه يكفيك ما أهمك من كل أمور الدنيا والآخرة.

" يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا "

يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا عقدتم على النساء ولم تدخلوا بهن ثم طلقتموهن من قبل أن تجامعوهن, فما لكم عليهن من عدة تحصونها عليهن, فأعطوهن من أموالكم متعة يتمتعن بها بحسب الوسع جبرا لخواطرهن, وخلوا سبيلهن مع الستر الجميل, دون أذى أو ضرر.

" يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما "

يا أيها النبي إنا أبحنا لك أزواجك اللاتي أعطيتهن مهورهن, وأبحنا لك ما ملكت يمينك من الإماء, مما أنعم الله به عليك, وأبحنا لك الزواج من بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك, وأبحنا لك امرأة مؤمنة منحت نفسها لك من غير مهر, إن كنت تريد الزواج منها خالصة لك, وليس لغيرك أن يتزوج امرأة بالهبة.
قد علمنا ما أوجبنا على المؤمنين في أزواجهم وإمائهم بألا يتزوجوا إلا أربع نسوة, وما شاؤوا من الإماء, واشتراط الولي والمهر والشهود عليهم, ولكنا رحصنا لك في ذلك, ووسعنا عليك ما لم يوسع على غيرك; لئلا يفيق صدرك في نكاح من نكحت من هؤلاء الأصناف.
وكان الله غفورا لذنوب عباده المؤمنين, رحيما بالتوسعة عليهم.

" ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما "

تؤخر من تشاء من نسائك في القسم في المبيت, وتضم إليك من تشاء منهن, ومن طلبت ممن أخرت قسمها, فلا إثم عليك في هذا, ذلك التخيير أقرب إلى أن يفرحن ولا يحزن, ويرضين كلهن بما قسمت لهن, والله يعلم ما في قلوب الرجال من ميلها إلى بعض النساء دون بعض.
وكان الله عليما بما في القلوب, حليما لا يعجل بالعقوبة على من عصاه.

" لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا "

لا يباح لك النساء من بعد نسانك اللاتي فى عصمتك, واللاتي أبحناهن لك (وهن المذكورات في الآية السابقة رقم [50] من هذه السورة), ومن كانت في عصمتك من النساء المذكورات لا يحل لك أن تطلقها مستقبلا وتأتي بغيرها بدلا منها, ولو أعجبك جمالها, وأما الزيادة على زوجاتك من غير تطليق إحداهن فلا حرج عليك, وأما ما ملكت يمينك من الإماء, فحلال لك منهن من شئت.
وكان الله على كل شيء رقيبا, لا يغيب عنه علم شيء.

" يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما "

يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وأطاعوه لا تدخلوا بيوت النبي إلا بإذنه لتناول طعام غير منتظرين نضجه, ولكن إذا دعيتم فادخلوا, فإذا أكلتم فانصرفوا غير مستأنسين لحديث بينكم; فإن انتظاركم واستئناسكم يؤذي النبي, فيستحيي من إخراجكم من البيوت مع أن ذلك حق له, والله لا يستحيي من بيان الحق وإظهاره.
وإذا سألتم نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة من أواني البيت ونحوها فاسألوهن من وراء ستر; ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء, وللنساء في أمر الرجال; فالرؤية سبب الفتنة, وما ينبغي لكم أن تؤذوا رسول الله, ولا أن تتزوجوا أزواجه من بعد موته أبدا; لأنهن أمهاتكم, ولا يحل للرجل أن يتزوج أمه, إن أذاكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكاحكم أزواجه من بعده إثم عظيم عند الله.
(وقد امتثلت هذه الأمة هذا الأمر, واجتنبت ما نهى الله عنه منه).

" إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما "

إن تظهروا شيئا على ألسنتكم -أيها الناس- مما يؤذي رسول الله مما نهاكم الله عنه, أو تخفوه في نفوسكم, فإن الله تعالى يعلم ما في قلوبكم وما أظهرتموه, وسيجازيكم على ذلك.

" لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا "

لا إثم على النساء في عدم الاحتجاب من أبائهن وأبنائهن وإخوانهن وأبناء إخوانهن وأبناء أخواتهن والنساء المؤمنات والعبيد المملوكين لهن; لشدة الحاجة اليهم في الخدمة.
وخفن الله -أيتها النساء- أن تتعدين ما حد لكن, فتبدين من زينتكن ما ليس لكن أن تبدينه, أو تتركن الحجاب أمام من يجب عليكن الاحتجاب منه.
إن الله كان على كل شيء شهيدا, يشهد أعمال العباد ظاهرها وباطنها, وسيجزيهم عليها.

" إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "

إن الله تعالى يثني على النبي صلى الله عليه وسلم عند الملائكة المقربين, وملائكته يثنون على النبي ويدعون له, يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, صلوا على رسول لله, وسلموا تسليما, تحية وتعظيما له.
وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبتت في السنة على أنواع, منها: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد).

" إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا "

إن الذين يؤذون الله بالشرك أو غيره من المعاصي, ويؤذن رسول الله بالأقوال أو الأفعال, أبعدهم الله وطردهم من كل خير في الدنيا والآخرة, وأعد لهم في الآخرة عذابا يذلهم ويهينهم.

" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا "

والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بقول أو فعل من غير ذنب عملوه, فقد ارتكبوا أفحش الكذب والزور, وأتوا ذنبا ظاهر القبح مؤديا للعذاب في الأخرة.

" يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما "

يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يرخين على رؤوسهن ووجوههن من أرديتهن وملاحفهن; لستر وجوههن وصدورهن ورؤوسهن; ذلك أقرب أن يميزن بالستر والصيانة, فلا يتعرض لهن بمكروه أو أذى.
وكان الله غفورا رحيما حيث غفر لكم ما سلف, ورحمكم بما أوضح لكم من الحلال والحرام.

" لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا "

لئن لم يكف هذين يضمرون الكفر ويظهرون الإيمان والذين في قلوبهم شك وريبة, والذين ينشرون الأخبار الكاذبة في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن قبائحهم وشرورهم, لنسلطنك عليهم, ثم لا يسكنون معك فيها إلا زمنا قليلا.

" ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا "

مطرودين من رحمة الله, في أي مكان وجدوا فيه أسروا وقتلوا تقتيلا ما داموا مقيمين على النفاق ونشر الأخبار الكاذبة بين المسلمين بغرض الفتنة والفساد.

" سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا "

سنة الله وطريقته في منافقي الأم السابقة أن يؤسروا ويقتلوا أينما كانوا, ولن تجد -يا محمد- لطريقة الله تحويلا ولا تغييرا.

" يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا "

يسألك الناس -يا محمد- عن وقت القيامة استبعادا وتكذيبا, قل لهم: إنما علم الساعة عند الله, وما يدريك -يا محمد- لعل زمانها قريب؟ فكل أت قريب.

" إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا "

إن الله طرد الكافرين من رحمته في الدنيا والآخرة, وأعد لهم في الآخرة نارا موقدة شديدة الحرارة,

" خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا "

ماكثين فيها أبدا, لا يجدون وليا يتولاهم ويدافع عنهم, ولا نصيرا ينصرهم, فيخرجهم من النار.

" يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول "

يوم تقلب وجوه الكافرين في النار يقولون نادمين متحيرين: يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا رسوله في الدنيا, فكنا من أهل الجنة.

" وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل "

وقال الكافرون يوم القيامة: ربنا إنا أطعنا أئمتنا في الضلال وكبراءنا في الشرك, فأزالونا عن طريق الهدى والإيمان.

" ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا "

ربنا عذبهم من العذاب مثلي عذابنا الذي تعذبنا به, واطردهم من رحمتك طردا شديدا.
وفي هذا دليل على أن طاعة غير الله في مخالفة أمره وأمر رسوله, موجبة لسخط الله وعقابه, وأن التابع والمتبوع في العذاب مشتركون, فليحذر المسلم ذلك.

" يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها "

يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله لا تؤذوا رسول الله بقول أو فعل, ولا تكونوا أمثال الذين آذوا نبي الله موسى, فبرأه الله مما قالوا فيه من الكذب والزور,, كان عند الله عظيم القدر والجاه.

" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا "

يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, خافوا الله أن تعصوه, فتستحقوا بذلك العقاب, وقولوا في جميع احوالكم وشؤونكم قولا مستقيما موافقا للصواب خاليا من الكذب والباطل.

" يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "

إذا اتقيتم الله وقلتم قولا سديدا أصلح الله لكم أعمالكم, وغفر ذنوبكم.
ومن يطع الله ورسوله فيما أمر ونهى فقد فاز بالكرامة العظمى في الدنيا والآخرة.

" إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا "

إنا عرضنا الأمانة -التي ائتمن الله عليها المكلفين من امتثال الأوامر واجتناب النواهي- على السموات والأرض والجبال, فأبين أن يحملنها, وخفن أن لا يقمن بأدائها, وحملها الإنسان والتزم بها على ضعفه, إنه كان شديد الظلم والجهل لنفسه.

" ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما "

(وحمل الإنسان الأمانة) ليعذب الله المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويخفون الكفر, والمنافقات, والمشركين في عبادة الله غيره, والمشركات, ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات بستر ذنوبهم وترك عقابهم.
وكان الله غفورا للتائبين من عباده, رحيما بهم.

 

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً