سورة النبأ - تفسير السعدي



 

" عم يتساءلون "

عن أي شيء يسأل بعض كفار قريش بعضا؟

" عن النبإ العظيم "

يتساءلون عن الخبر العظيم الشأن , وهو القرآن العظيم الذي ينبئ عن البعث

" الذي هم فيه مختلفون "

الذي شك فيه كفار قريش وكذبوا به

" كلا سيعلمون "

ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون, سيعلم هؤلاء المشركون عاقبة تكذيبهم , ويظهر لهم ما الله فاعله بهم يوم القيامة

" ثم كلا سيعلمون "

ثم سيتأكد لهم ذلك, ويتأكد لهم صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, من القرآن والبعث. وهذا تهديد ووعيد لهم.

" ألم نجعل الأرض مهادا "

ألم نجعل الأرض ممهدة لكم كالفراش؟

" والجبال أوتادا "

والجبال رواسي. كي لا تتحرك بكم الأرض؟

" وخلقناكم أزواجا "

وخلقناكم أصنافا ذكرا وأنثى؟

" وجعلنا نومكم سباتا "

وجعلنا نومكم راحة لأبدانكم , تهدؤون وتسكنون؟

" وجعلنا الليل لباسا "

وجعلنا الليل لباسا تلبسكم ظلمته وتغشاكم, كما يستر الثوب لابسه؟

" وجعلنا النهار معاشا "

وجعلنا النهار معاشا تنتشرون فيه لمعاشكم, وتسعون فيه لمصالحكم؟

" وبنينا فوقكم سبعا شدادا "

وبنينا فوقكم سبع سموات متينة البناء محكمة الخلق, لا صدوع لها ولا فطور؟

" وجعلنا سراجا وهاجا "

وجعلنا الشمس سراجا وقادا مضيئا؟

" وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا "

وأنزلنا من السحب الممطرة ماء منصبا بكثرة,

" لنخرج به حبا ونباتا "

لنخرج به حبا مما يقتات به الناس وحشائش مما تأكله الدواب ,

" وجنات ألفافا "

وبساتين ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها؟

" إن يوم الفصل كان ميقاتا "

إن يوم الفصل بين الخلق, يوم القيامة, كان وقتا وميعادا محدثا للأولين والآخرين,

" يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا "

يوم ينفخ الملك في " القرن " إيذانا بالبعث فتأتون أمما, كل أمة مع إمامهم.

" وفتحت السماء فكانت أبوابا "

وفتحت السماء , فكانت ذات أبواب كثيرة لنزول الملائكة.

" وسيرت الجبال فكانت سرابا "

ونسفت الجبال بعد ثبوتها, فكانت كالسراب.

" إن جهنم كانت مرصادا "

إن جهنم كانت يومئذ ترصد أهل الكفر الذين أعدت لهم,

" للطاغين مآبا "

للكافرين مرجعا,

" لابثين فيها أحقابا "

ماكثين فيها دهورا متعاقبة لا تنقطع

" لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا "

لا يطعمون فيها ما يبرد حر السعير عنهم , ولا شرابا يرويهم,

" إلا حميما وغساقا "

إلا ماء حارا , وصديد أهل النار ,

" جزاء وفاقا "

يجازون بذلك جزاء عادلا; موافقا لأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا.

" إنهم كانوا لا يرجون حسابا "

إنهم كانوا لا يخافون يوم الحساب فلم يعملوا له,

" وكذبوا بآياتنا كذابا "

وكذبوا بما جاءتهم به الرسل تكذيبا,

" وكل شيء أحصيناه كتابا "

وكل شيء علمناه وكتبناه في اللوح المحفوظ,

" فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا "

فذوقوا -أيها الكافرون- جزاء أعمالكم, فلن نزيدكم إلا عذابا فوق عذابكم.

" إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا "


إن الذين يخافون ربهم ويعملون صالحا, فوزا بدخولهم الجنة.

" حدائق وأعنابا "

إن لهم بساتين عظيمة وأعنابا,

" وكواعب أترابا "

ولهم زوجات حديثات السن , نواهد مستويات في سن واحدة,

" وكأسا دهاقا "

ولهم كأس مملوءة خمرا

" لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا "

لا يسمعون في هذه الجنة باطلا من القول , ولا يكذب بعضهم بعضا.

" جزاء من ربك عطاء حسابا "

لهم كل ذلك جزاء ومنه من الله وعطاء كثيرا كافيا لهم.

" رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا "

إنه رب السموات والأرض وما بينهما , رحمن الدنيا والآخرة, لا يملكون أن يسألوه إلا فيما أذن لهم فيه,

" يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا "

يوم يقوم جبريل عليه السلام والملائكة مصطفين , لا يشفعون إلا لمن أذن له الرحمن في الشفاعة, وقال حقا وسدادا.

" ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا "

ذلك اليوم الحق الذي لا ريب في وقوعه, فمن شاء النجاة من أهواله فليتخذ إلى ربه مرجعا بالعمل الصالح.

" إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا "

إنا حذرناكم عذاب يوم الآخرة القريب الذي يرى فيه كل امرئ ما عمل من خير أو اكتسب من إثم, ويقول الكافر من هول الحساب: يا ليتني كنت ترابا فلم أبعث.

 

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً