انقلاب العلمانيين والفلول في مصر

ما يحدث الآن في مصر لايدعو للدهشة على الإطلاق فالعلمانيون منذ نهاية ثورة يناير والإطاحة بنظام مبارك وتأكدهم من شعبية الإسلاميين في الشارع بعد فوزهم في جميع الانتخابات التي أجريت، شحذوا أسلحتهم ليهاجموا الإسلاميين من مختلف الاتجاهات..

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


ما يحدث الآن في مصر لايدعو للدهشة على الإطلاق فالعلمانيون منذ نهاية ثورة يناير والإطاحة بنظام مبارك وتأكدهم من شعبية الإسلاميين في الشارع بعد فوزهم في جميع الانتخابات التي أجريت، شحذوا أسلحتهم وسنوا ألسنتهم على فضائيات رجال أعمال مبارك، ليهاجموا الإسلاميين من مختلف الاتجاهات..

وبعد نجاح الرئيس محمد مرسي ركزوا هجماتهم عليه ولم يتركوا قرارا له إلا وانتقدوه بل وحملوه مسؤولية جميع السلبيات الموجودة في البلاد رغم أنه لم يمر على انتخابه سوى عدة أشهر..

واستند هؤلاء على آخر معاقلهم وهو القضاء الذي كانوا يطالبون تطهيره أثناء الثورة لاختراقه بشدة في عهد مبارك

خصوصا المحكمة الدستورية التي اختار مبارك أعضاءها عضوا عضوا على غينه والتي كانت "تشرعن" فساد نظامه، والنائب العام المسؤول الأول عن تمرير حميع قضايا الفساد في عهد مبارك، ومع ذلك وجد العلمانيون الذين ينسبون أنفسهم للثورة في هؤلاء ملاذهم الأخير وتحالفوا معهم من أجل تكبيل مؤسسة الرئاسة وتكريس حالة الفراغ التشريعي والدستوري في البلاد..حاول هؤلاء إفشال الجمعية التأسيسية بشتى الطرق وبعد أن فشلوا انسحبوا منها رغم أنهم وافقوا على معظم مواد الدستور الذي كان قد قارب على الانتهاء وذلك قبل أيام من حكم المحكمة الدستورية بحل الجمعية بعد أن تسربت أخبار بذلك عن طريق أحد أعضاء المحكمة والمعروف بتوجهاته العلمانية المتطرفة...

يسعى العلمانيون بقوة لإفشال تجربة الإسلاميين في البرلمان وفي الرئاسة حتى يخفوا فشلهم الذريع في الوصول للشارع ويتسنى لهم وهم في أبراجهم العاجية أن يحكموا البلاد كنخبة منفصلة عن هوية وتقاليد الشعب الذي وصموه بالجهل وعدم الوعي بعد أن لفظهم في جميع الانتخابات السابقة وهو ما أثار حنقهم وغيظهم وقرروا الانتقام منه على طريقتهم بإشعال التوتر والارتباك في البلاد حتى لا تهنأ بنظام مستقر يستطيع إعادة الامور إلى نصابها..الفضيحة الكبرى التي ظهرت خلال احتجاج التيار العلماني في مصر على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي من أجل تفويت الفرصة على قضاء مبارك لتخريب البلاد باسم القانون، أنهم دعوا صراحة إلى التدخل الاجنبي في البلاد بل دعو إلى تدخل الجيش ووصل الامر بأحد كبرائهم أن يكشف غن نواياه القبيحة فينتقد الجمعية التاسيسية لأنها ضد "الهولوكوست" اليهودي محاولا تقديم نفسه للغرب على أنه الإبن البار لمشروعهم الذي يوالي اليهود ويرفض إغضابهم، العجيب أننا لم نسمع إدانة واحدة من اليساريين والناصريين الذين يشاركون هذا الرجل معارضته وهم الذين يزايدون على جميع التيارات بدعوتهم للاستقلال الوطني ورفض التدخل الغربي ومناهضة "إسرائيل" فاين المبادئ الذين أشعلوا البلاد من أجل الحفاظ عليها وهم يسكتون على هذه الترهات؟! أم أن الوصولية والانتهازية السياسية تمنعهم من ذلك في سبيل إسقاط الإسلاميين؟..

ولا تقل عن هذه الفضيحة فضيحة أخرى تمثلت في تحالف هؤلاء العلمانيين المنتسبين للثورة مع فلول النظام السابق والذين رجعوا لديدنهم في تأجير البلطجية للهجوم على مقرات جماعة الإخوان والاعتداء على المتظاهرين المؤيدين للرئيس محمد مرسي، وقد شاهد الكثيرون أن معظم الموجودين في مظاهرات المعارضين هم من البلطجية والفلول الذين ينتهزون الفرصة لإسقاط الحكم الشرعي الذي جاء بانتخاب حر وإرادة الشعب من أجل إعادة مبارك من جديد أو أحد رجاله والذي ينظر لما يحدث في شارع محمد محمود والقصر العيني يتأكد من ذلك.. لقد ظهرت بوادر التحالف الشيطاني مبكرا عندما أعلن بعض هؤلاء أنهم سيؤيدون الفريق شفيق، أحد أخلص تلاميذ مبارك، في الانتخابات الرئاسية ضد مرسي، والبعض الآخر خجل من الإعلان عن ذلك صراحة ولكنه أخذ يكيل الاتهامات لجماعة الإخوان قبيل الانتخابات من أجل التخديم على شفيق وحملته...

العلمانيون يراهنون على إسقاط الإعلان الدستوري بإشعال الحرائق في البلاد ضاربين عرض الحائط بأمن واستقرار البلاد، في نفس الوقت يعلمون أن التراجع عن الإعلان يعطيهم فرصة من أجل انقلاب تحت غطاء قانوني وهو ما سيصعب من مهمة الرئيس في تنفيذ برنامجه الذي يحتاج لاستقرار ومؤسسات منتخبة تحميه.


خالد مصطفى - 14/1/1434 هـ