قبل أن يحصل الانقلاب بمصر

أمير سعيد

كل المعطيات تبين أن ثمة جهات "متمردة" في الدولة المصرية لا يمكن الاعتماد عليها في عودة الهدوء لمصر، وأن تلك الجهات تطمئن عصابة البرادعي جيدا إلى أن الدائرة ستكون لهم..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -


كل المعطيات تبين أن ثمة جهات "متمردة" في الدولة المصرية لا يمكن الاعتماد عليها في عودة الهدوء لمصر، وأن تلك الجهات تطمئن عصابة البرادعي جيدا إلى أن الدائرة ستكون لهم.. إزاء ذلك، لابد من النظر بعين الاعتبار لما يلي:

أولا: إذا انتظر "الإسلاميون" حتى تنقضى الغمة لن تنقضي بل ستتفاقم، وبالتالي يتوجب أن يكونون في مليونية حاشدة جدا غدا بأي مكان لا يحتك بالآخرين تحسبا لأي طارئ، واستعدادا لأن يكونوا بجوار الاتحادية إن لزم الأمر.

ثانيا: كلا الفريقين لا يرغب في أن يستمع إلى خطبة من الرئيس، بل إلى قرارات حاسمة وواضحة أو حتى مكاشفة إن كان ثمة من يغل يد الرئيس عن التحرك؛ فخيوط المؤامرة تتضح ولابد من بيانها للناس أو اتخاذ إجراءات سريعة جدا لوأدها قبل فوات الأوان غدا. خطبة الرئيس إذا لم تكن مدعومة بقرارات حازمة وزخم شعبي سيكون أثرها سلبي على المؤيد والمعارض.

ثالثا: على كل الفصائل الإسلامية أن تدرك أنها ليست معنية بلعب دور "حيادي" ليس مقبولاً منها من أي طرف كان، وهذا ليس وقت امتصاص غضب الآخرين، لأنهم ليسوا راغبين بحلول مشتركة بل بصدد انقلاب، وبالتالي فهذا كله جهد ضائع، واستهلاك للوقت ليس في محله، وعلى الجميع أن يدرك دقة المرحلة، ويهب لنصرة الشرعية بالطرق السلمية، وألا يتوانى عن تلبية نداء الواجب بمآزرة قرارات الرئيس، والحفاظ على مكتسب الاستفتاء على الدستور.

رابعا: مهما كان حجم اتفاقنا أو اختلافنا مع طريقة تعاطي الرئاسة أو جماعة الإخوان مع الأزمة؛ فإن حالة الاستقطاب الحالية توجب على جميع مناصري المشروع الإسلامي أن يقفوا صفاً واحداً ويأجلوا انتقاداتهم وتحفظاتهم على طرق المعالجة الحالية، لأن الخيار أضحى واضحاً بين رؤية مؤسسة الرئاسة، وعودة راجحة للاستبداد على يد البرادعي وعصابته إن نجحت مساعيهم -لا قدر الله- وإعادة إنتاج كل الأجهزة والطرق القمعية، يضاف إليها تغييباً لهوية المصريين، وتغليباً للأفكار العلمانية في نسختها الجديدة.

من يرد أن يطالع لحظتنا هذه بدقة عليه أن يدرك محددات اللعبة ومخاطرها؛ فنحن نعاين الآن أخطر مرحلة مرت بها ثورتنا، ونحن نجابه قوى دولية وإقليمية تبدو مختلفة لكنها تلتقي عند رغبة الإطاحة بنظام مرسي لما يمثله من بعد..

والدستور الحالي:

تراه واشنطن إسلامياً (بغيضاً).
تراه "إسرائيل" بوابة لصعود مصر الإقليمي.
تراه بعض دول الخليج أيقونة ثورة إصلاحية جديدة لديها تتخوف منها.
تراه إيران إبعاداً لسطوتها بمصر (لاسيما مع البند الخاص بأهل السنة والجماعة، حيث تخلو كل دساتير المنطقة ـبما فيها السعوديةـ من نص مقابل لنصها الذي يشدد على أن إيران دولة شيعية إمامية).
تراه عصابات الفلول نازعاً لما تبقى من نفوذهم (وثمة نص قاهر لهم في ذلك).
تراه القوى المنفلتة أخلاقياً (الليبرالية الأخلاقية المتحررة) قيدا على انفلات أخلاقي، ومساواة مزعومة للمرأة.... إلخ.

لذا، فلا عجب أن يرمي الجميع هذا المشروع، هذا الدستور، وتلك الإرادة بالانطلاق، عن قوس واحدة، وتتجمع خيوط المؤامرات. ومن ثم، فإن خطورة ما نلقاه اليوم مبعثه قوة فعالية المطروح من مشروع، والجميع في المنطقة يدرك أن نجاح مشروع إسلامي في دولة بحجم مصر مدعاة لتغيير خارطة المنطقة رأساً على عقب، ومغادرة الولايات المتحدة تدريجياً للمنطقة، والإطاحة بكل أدواتها، وهذا ما لم ولن يتم القبول به تحت أي ظرف من الظروف.. وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن استحقاق الاستفتاء ليس أمراً عارضاً يمكن ابتلاعه خارجياً أو داخلياً، وعليه؛ فأمام الرئيس وجماعة الإخوان أمران بالغا الأهمية:

ـ الاحتشاد الهادر للمساندة والدعم المعنوي ومنع وساوس الانقلاب ومن يدبرون له.
ـ القرارات الحازمة من الرئيس والنائب العام إن وجدا أنهما يملكان الجاهزية والقدرة الكافية لهما.

لكن فكرة التراجع غير مقبولة مطلقاً في ظل حالة حشد مقابلة لا نظير لها.


22/1/1434 هـ