حسن أويس: المحاكم الإسلاميّة هي الحل الأمثل للصومال

ملفات متنوعة

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

يعتبر الشيخ حسن طاهر أويس ـ رئيس مجلس شورى المحاكم الإسلامية ـ من أبرز وأهم القيادات الإسلامية في الصومال، وعُرف عنه تمسكه الشديد وحرصه الدائم على إقامة دولة إسلامية في الصومال، وقد أثار اختياره رئيساً لمجلس شورى المحاكم الإسلامية قلق الكونجرس الأمريكي، وهو على قائمة المجمّدة أموالُهم لدى الإدارة الأمريكية.. حول تداعيات الوضع في الصومال، ومستقبل المحاكم الإسلامية، ودور الدول العربية في حل الأزمة الصومالية أجرينا معه هذا الحوار:

 

 

 

- أنتم من أبرز قيادات الحركة الإسلامية في الصومال، فما هو موقع المحاكم الإسلامية في الخارطة الإسلامية الصومالية؟

كما يعلم الجميع أن الحركات الإسلامية في المراحل السابقة لعبت دوراً في نشر الدعوة الإسلامية في المنطقة، ولذلك يمكن أن نقول أن المحاكم الإسلامية وما حققته من نتائج إيجابية في الوقت الراهن، ثمرة من ثمرات الحركات الإسلامية، ويأتي هذا في إطار التحول التاريخي الذي طرأ في أدبيات وبرامج الحركات الإسلامية حيث خرجت من حصونها، وانخرطت في العمل العام، خدمة للدعوة الإسلامية ونشراً للعقيدة الصحيحة. والشكر بعد الله موجّه إلى الشخصيات والحركات الإسلامية التي ساهمت في إلحاق الهزيمة بأمراء الحرب، الذين فرضوا سيطرتهم على العاصمة ردحاً من الزمن.

 

 

 

- تم اختياركم مؤخرا رئيساً لمجلس الشورى للمحاكم الإسلامية، فماهي خطواتكم المستقبلية؟

المرحلة الصعبة تمحّص القيادة القوية من القيادة الضعيفة، وهي سنة الله في خلقه، وليست هناك مشاكل كبيرة تصدّنا عن تحقيق أهدافنا السامية، والمطلوب منا في هذه المرحلة الصبر والمصابرة قبل كل شيء، والتفاعل مع ما يحدث في الساحة الصومالية بما يخدم مصلحة الشعب. الأمر الآخر هو أن الخدمات الضرورية معدومة تماماً؛ إذ انهار كل شيء مادياً، ومعنوياً.. انهارت المؤسسات العامة من تعليم، وصحة، ومؤسسات اقتصادية، والطرق أصبحت غير صالحة للاستعمال، وكذلك المطار الدولي، والميناء، وحتى الأرض ماتت، وأقول: إن الأرض قد تصبح يتيمة، إذا فقدت من يعمّرها، ويصلحها بما يرضي الله تعالى، وباختصار فإن العاصمة قد تحوّلت إلى أشباح حيث اختفت مظاهر الحياة العادية بمفهومها العام، وبالتالي فإن إصلاح المرافق العامة من أولوياتنا، وكذلك نشر العدالة، وإعداد قيادة صالحة، وإشراك الشعب في هذا الأمر، إضافة إلى البناء الفكري والمعنوي. كل هذه الأمور وغيرها تنتظرنا، فنسأل الله -عز وجل- أن يسدّد خطانا، ويعيننا على أداء واجبنا.

 

 

 

- انتخابكم رئيساً لمجلس الشورى للمحاكم الإسلامية أحدث ردود أفعال محلية ودولية؛ إذ إن أمريكا قررت أنها لن تتعامل معكم، فما هو موقفكم في تلك الردود؟

أخي الكريم الرد الفعلي الذي صدر من أمريكا لا يسبب لنا مشاكل أولاً، وعادة فإن منهجها السياسي الذي تسلكه في الآونة الأخيرة واضح لا لبس فيه؛ إذ تقف ضد كل من يريد إنشاء دولة إسلامية، وتُطلق عليهم ألقاباً ومسمياتٍ لا تليق بهم، كما تحاربهم وتدمر بيوتهم، مثل أفغانستان، والعراق، وما يجري الآن في الساحة الفلسطينية من تدمير للبيوت، وتجريف للأراضي، وقتل للمواطنين الأبرياء خير شاهد على ذلك؛ إذ اتخذت أمريكا مواقف متطرفة، وغير مسوّغة ضد القيادة الفلسطينية الشرعية المنتخبة من شعبها، "حركة المقاومة الإسلامية حماس" وبالتالي فإن تصرفات أمريكا ومن سلك طريقها يبرهن على أنهم يواصلون حربهم ضد الإسلام وأهله، ونحن جزء من العالم الإسلامي المستهدف، نرجو من الله أن ينصرنا عليهم، ويرد عنا كيدهم. وكنا مدركين تماماً أنهم لا يفرشون لنا الحرير، ولن يرسلون إلينا برقيات التهنئة، كما علّمتنا تجربتنا الدعوية التي عاصرناها.

 

ومن جهة أخرى فإن القيادة الجديدة في كل شعب قد لا تتلقى الترحيب من الدول الغربية التي استعمرت العالم الإسلامي، ونهبت خيراته، وعلى هذا الأساس فإن أي تغيير يطرأ في الساحة الإسلامية بغض النظر عن ميوله السياسية، لابد أن يُمتحن، فإن نفذ أوامر الدوائر الغربية فمرحباً به، و إلا فإن العواصم الغربية تحاول إفشال التجربة، وخاصة الحالات النادرة التي تحدث في العالم الإسلامي.

 

 

 

- ما هي طبيعة العلاقة بين مجلس الشورى واللجنة التنفيذية، للمحاكم الإسلامية، وما هي اختصاصات كل منهما؟

مجلس الشوري يختص في مناقشة القضايا الكلية، ويقرر الإستراتيجية العامة للمحاكم الإسلامية، كما يقدم النصائح والاستشارات إلى اللجنة التنفيذية، ويلعب دور الرقابة والمحاسبة عليها، أما اللجنة التنفيذية فهي تباشر الأعمال اليومية، وتنفذ الخطط والبرامج التي يقررها مجلس الشورى وفق الشريعة الإسلامية، إذاً فليست هناك أي إشكالية، ولا تناقض بينهما، بل هناك انسجام وتناغم وتفاهم بين المجلسين، وأنا أتعجب من كثرة الأقاويل التي تُقال حول التشكيلة الجديدة للمحاكم الإسلامية، وأن هناك أجنحة متصارعة ومتشاكسة، وكل هذا الكلام لا أساس له من الصحة.

 

 

 

- هل هذا يعني أن رؤيتكم السياسية حيال شكل الحكومة التي تودّون إنشائها تقوم على الهيكل الحالي للمحاكم الإسلامية؟

نحن لم نعلن أولاً تأسيس دولة إسلامية حتى الآن، ونرجو أن نصل إلى تلك المرحلة، وفي حال تحقيق هذا المقصد الكبير فإن شكل الحكومة قد لا يبتعد كثيراً عن الشكل الحالي؛ إذ ينشأ البرلمان الذي سيحل محل مجلس الشورى، ومجلس الوزراء الذي سيحل محل اللجنة التنفيذية، وفق قواعد وأنظمة لا تتعارض مع الإسلام، وفي كل مرحلة نظامها وهيكلها الإداري الذي يساعد على تحقيق أهدافها.

 

 

 

- هل تنوون مواصلة زحفكم على مدن ومناطق أخرى، بعد سيطرتكم على العاصمة ومدن إستراتيجية أخرى من البلاد؟

ليست هناك أي مشكلة حول توسيع الرقعة التي تسيطر عليها المحاكم الإسلامية إذا دعت الضرورة إلى ذلك، وحيث إن الفوضى لا تزال مستمرة في كثير من مناطق الصومال، لذلك فلا مانع من الذهاب إلى المناطق المضطربة بغية القضاء على العصابات المجرمة، وفرض النظام عليها.أما المناطق التي تتمتع بالأمن والاستقرار فدور المحاكم يقتصر على تشجيعهم في حفظ الأمن والنظام، وإعادة المؤسسات العامة وتقديم الخدمات للأهالي.

 

المحاكم الإسلامية هى الجهة الوحيدة في الوقت الحالي التي تقوم بدور الحكومة في فرض النظام، وإعادة الهدوء إلى المناطق الأكثر تضرراً من الحرب الأهلية.

 

 

 

- هل توافقون على نشر قوات عربية وإسلامية في الصومال بدلاً من قوات إفريقية؟

نحن نرفض تماماً -وبدون تحفُّظ- نشر أي قوات دولية مها كانت الظروف، بدون تمييز؛ لأننا نعتقد أن جميع المسوّغات قد زالت تماماً، وإذا كانت العاصمة الصومالية منطقة توتر بصورة شبه يومية، فإن الأوضاع تغيّرت، والحمد لله تمكّنت المحاكم الإسلامية من إلحاق الهزيمة بأمراء الحرب.

 

ويبدو أن الحكومة الانتقالية تصر على نشر قوات أجنبية في البلد، وهي مخطئة في ذلك؛ لأنها ربما تخاف من الثورة الشعبية "المحاكم الإسلامية" وتلتحق بأمراء الحرب المهزومين، وهو مجرد خوف وهميّ ليس إلاّ؛ إذ لم تتخذ المحاكم الإسلامية أي خطوة أمنية ضد الحكومة الانتقالية، ونحن دائماً نحاول طمأنتها، أما الدول التي تدعو ليلاً ونهاراً إلى إرسال قوات أجنبية إلى الصومال فهدفها واضح لا غموض فيه؛ إذ إنها تكره الإسلام وأهله، وتخاف نشر الدعوة الإسلامية في المنطقة.

 

نحن نكرر أن الشعب الصومالي لا يحتاج إلى القوات الأجنبية جملة وتفصيلاً مهما اختلفت مسمياتها، والمطلوب من العالم أن يدعم التطورات الأخيرة التي أزاحت أمراء الحرب الذين دمّروا البلاد والعباد.

 

 

 

- ما هي الطريقة الأنسب لتحقيق المصالحة والوفاق الوطني الصومالي؟

ببساطة شديدة أقول: إن المحاكم الإسلامية هي الجهة الوحيدة الأقدر على إعادة الأمن والنظام والهدوء في البلد بطردها أمراء الحرب من العاصمة، وكل من يواصل تخريب البلد، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وبالتالي انتهى الصراع السياسي والاقتتال القبلي حول الكراسي الوهمية، والحمد لله الأمور تتجه الآن نحو الاتجاه الصحيح، وما بقي الآن فسيتم حله وعلاجه بأسرع وقت ممكن، مما يمكننا بفضل الله وعونه تطبيق الشريعة الإسلامية، وإنزالها في أرض الواقع، وأتوقع تحقيق هذا المشروع الكبير خلال ثلاثة أشهر بإذن الله، وعلى الرغم أن من أعداء الإسلام يحاولون إعطاء الصوماليين أدوية ومهدئات " النظام الديموقراطي" إلاّ أن الدواء الأنسب والعلاج الناجح الذي ينهي جميع المشاكل العالقة في الهواء هو الإسلام، انتهت جميع الأطروحات، والمقترحات التي قيلت في هذا المجال، وعلى أساسها شُكّلت الحكومة الحالية. نؤكد أن اللف والدوران لا ينفع الشعب الصومالي، وأن الشريعة الإسلامية هي الحل الوحيد.

 

 

 

- هل صحيح أن أمريكا أضافتك إلى قائمة المطلوبين لديها؟

لم يحدث هذا الأمر كما يُشاع في وسائل الإعلام الدولية، ولكنْ ورد اسمي في اللائحة التي جُمّدت أرصدتها المالية، ولم تضف أمريكا اسمي إلى القائمة المطلوبة أمريكيًّا، بسجنهم، أو تصفيتهم.

 

وفي يوم من الأيام سألني أحد الصحفيين الأمريكيين سؤالاً قال فيه: لماذا يتهمونك بالإرهاب وأنت كما يبدو لي لست إرهابياً؟ فقلت له: إن أفكاري الإسلامية، الداعية إلى إنشاء دولة إسلامية هي الإرهاب الحقيقي لديكم، هذا هو بيت القصيد؛ إذ إنني أسعى إلى تحقيق إنشاء دولة إسلامية تحكم بالعدل والمساواة، وتبسط الأمن للناس، وهو أخطر شيء على الغرب من الأشخاص المطرودين والملاحقين أمريكيًّا، وأنا بريء من جميع التهم المنسوبة إليّ من أمريكا والدول التابعة لها.

 

 

 

- ما هي التحدّيات التي تواجهكم في المرحلة الحالية؟

لا يوجد عمل بدون تحدّيات، وخاصة أن ظهور المحاكم تزامن في وقت حسّاس، حيث يدور معظم العالم في فلك والمحاكم الإسلامية في الصومال تدور في فلك آخر، ولذلك فإن التحدي الأكبر يتجلّى في رفض العالم الغربي لإرادة الشعب الصومالي باختياره الإسلام، وبما أن النظام الغربي الأحادي القطبية بقيادة أمريكا الذي يحكم العالم، فإن المياه تجري في الاتجاه الشمالي ونحن نريد أن نحولها إلى الاتجاه الجنوبي، وهي معادلة صعبة تتطلب منا مزيداً من الصبر واليقين، ويؤدي إلى الاصطدام الحقيقي بيننا وبينهم، التحديات الداخلية كثيرة، وهدفنا هو إنقاذ الشعب الصومالي من محنته الحالية، وبناء مجتمع متماسك مادياً ومعنوياً.

 

 

 

- برأيكم ما هو الدور العربي في حل القضية الصومالية؟

الدور العربي والإسلامي مهم جداً في إنهاء المشكلة الصومالية، خاصة الدول العربية التي نشترك معها في أمرين:

 

الأمر الأول: هو الإسلام.

والثاني: رابطة الدم. وكان يجب عليهم أن يلعبوا أدواراً متعددة، وليس دوراً واحداً، بما يحقق مصلحة الشعب الصومالي، ولكن إخواننا العرب ضيعوا الشعب الصومالي في مرحلة خطيرة، وتركوه فريسة لأعدائه، ونطلب من إخواننا العرب ألاّ يتركونا وحدنا، ويستعيدوا دورهم الرائد في المنطقة ككل وليس في القضية الصومالية وحدها.

 

ونحن ندرك أن الدول العربية تتعرض إلى ضغوطات عدة حول دورها في القضايا العربية والإسلامية، بهدف تركيعها وإذلالها، وتغيير منهجها، وترك الشعائر الدينية، وهناك جهات إقليمية تنشط في قطع العلاقات الصومالية العربية، وأفرقة القضية الصومالية.

 

وكنا نواجه كل تلك المشاكل الداخلية منها والخارجية بمفردنا طيلة الستة عشر عاماً، ولذلك نقول لإخواننا العرب: كفى إهمالاً للقضية الصومالية في الفترة الماضية. أما الآن فالمطلوب منكم إعادة النظر في جميع الملفات بغية إحياء الدور العربي في الشأن الصومالي.

 

 

 

- ما موقف المحاكم الإسلامية من التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال؟

نحن نعلم أن الصومال وإثيوبيا خاضتا حروباً شرسة قديماً وحديثاً، وقد نجحت إثيوبيا في إسقاط الحكومة الصومالية بدعمها أمراء الحرب، كما أجّجت الحرب الأهلية التي اندلعت في البلد، وسبّبت حالة من عدم الاستقرار، والفوضى والتناحر القبلي، وفي نهاية المطاف، أنشأت إثيوبيا الحكومة الانتقالية الحالية بجهودها، وأفكارها لتحقق مصالحها الإستراتيجية في المنطقة، وتصل في مرحلة تستطيع أن تفعل ما تشاء في الشأن الصومالي.

 

ولكن نقول -وبكل ثقة- لم يمت الشعب الصومالي، بل هناك طائفة من الشعب الصومالي تقوم بإفشال جميع خططها الرامية إلى إذلال الشعب الصومالي في ظل القيادة العميلة المأجورة. على إثيوبيا أن توقف استفزازاتها المتكررة ضد الشعب الصومالي، وتنسحب من الأراضي الصومالية، ونقول لها إن الطريق إلى الصومال محفوف بكثير من المخاطر والمتاعب الجمّة، ولن تجد طريقاً سهلاً، وستخرج إثيوبيا من الصومال، وهي تجر أذيال الهزيمة والعار؛ لأن الشعب الصومالي شعب مجاهد، ومصابر، وشجاع، والتاريخ خير شاهد على ذلك.

المصدر: الاسلام اليوم