بيان هام عن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس

ملفات متنوعة

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


تتعرض المرأة التونسية منذ أسابيع طويلة إلى جولة جديدة قاسية من جولات العدوان على حقها الشرعي وحريتها الشخصية في لباسها الإسلامي من لدن سلطة السابع من نوفمبر.

وبهذه المناسبة فإن الهيئة ترى من واجبها التأكيد على المسائل التالية فيما يتعلق بقضية الحجاب :

1 ــ الحرب على الحجاب في تونس هي جزء لا يتجزأ من الحرب ضد الحريات الشخصية للناس إناثا وذكرانا ومعلوم أن ذلك يتنافى مع الدستور التونسي الذي ينص في أول بنوده على أن الدولة عربية إسلامية. كما يتنافى مع كل المواثيق الدولية التي أمضت عليها تونس.

2 ــ الحرب على الحجاب في تونس هي جزء لا يتجزأ من الحرب ضد الاسلام في أظهر شعائره المعلومة من الدين بالضرورة إذ لم يختلف علماء تونس ولا غيرهم قديما وحديثا على أن ذلك واجب شرعي مؤيد بصريح القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية فضلا عن إجماع المسلمين جيلا بعد جيل على مدى أربعة عشر قرنا كاملة.

3 ــ تندرج تلك الحرب ضمن مناخ داخلي يتميز بصعود صحوة تدين واسعة أعلنت فشل خطة تجفيف منابع التدين التي تفرضها الدولة بقوة الحديد والنار على مدى عقدين كاملين فيما عرف بسنوات الجمر الكالحة . كما تندرج تلك الحرب ضمن التستر من لدن الحكومة على فشل خياراتها وتفاقم أزماتها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

4 ــ تميزت تلك الحملة بحمى هستيرية بدأت بمطاردة الدمية " فلة " ومصادرتها من الأسواق لمجرد أن تلك الدمية تزدان بلباس ساتر ثم أشفعت بإعلان حالة الطوارئ القصوى في البلاد بسبب تنامي الإقبال على الحجاب فتوزعت وفود الحزب الحاكم على سائر أنحاء البلاد متوعدة بالثبور ولسان مقالها يردد مع فرعون { إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون } [الشعراء:54ـ 56] .

5 ــ تذرعت السلطة في حربها ضد الحجاب بدعوى الطائفية وهي ذريعة أوهى من بيت العنكبوت بسبب أن شكل الحجاب المرتدى في تونس هو ذاته السائد في سائر أرجاء الأرض شرقا وغربا على امتداد عقود طويلة .
أما التعلل باستيراد الدخيل من اللباس فهو مردود عليها بسبب أن الرئيس السابق هو نفسه من قام بنزع اللباس التقليدي التونسي في شوارع البلاد من رؤوس النساء وبمثل ذلك فعل الحكام الجدد لما احتمت الطالبات باللباس التقليدي التونسي ـ رغم إندثاره ـ للسماح لهن بمواصلة الدراسة فقوبلن بالرفض مجددا بل تعرضت كثيرات منهن إلى التعنيف البدني فضلا عن الإهانات اللفظية الموغلة في البذاءة.

6 ــ السلطة هي أسرع من يتنكر للباس التقليدي التونسي للنساء والرجال سواء بسواء بسبب تنكرها لعادات الناس وتقاليدهم وثقافتهم ودينهم وذلك من خلال تشجيعها على كل مظاهر التغريب والتبعية في الأنماط المعيشية والمسالك الحياتية للناس تفرضها مكرا بالليل والنهار.
لم تدخر تلك السلطة جهدا في الحرب ضد كل ما يشد التونسيين إلى هويّتهم بذريعة مقاومة التخلف والانحطاط واللحاق بركب الأمم المتقدمة. فأنى لها اليوم أن تتذرع في حربها ضد الحجاب بالخروج عن التقليد التونسي ؟

7 ــ ورغم ذلك فإن كثيرا من الطالبات والعاملات في مختلف المجالات ارتدين غطاء الرأس التونسي التقليدي المعروف بــ " الفولارة أو التقريطة " لمواجهة تلك الحملة توفيقا بين الواجب الشرعي وحالة الضرورة القاهرة ولكن جوبهن بالطرد. ( أبرز مثال موثق على ذلك : الشابة هاجر الشاوي التي رفعت قضية عدلية عبر محاميها الاستاذ عبد الوهاب المعطر ).

8 ــ تؤكد الادلة الدامغة على شمولية الحرب ضد الإسلام والحريات معا ومنها على سبيل الذكر لا الحصر : عزل عدد من الأئمة بسبب إقبال الناس عليهم في شهر رمضان ( عبد الرحمان العرباوي مثلا من جهة بن عروس ) ـ تداعيات تدنيس المصحف الشريف قبل شهور قليلة حيث بقي الجناة أحرارا متنفذين ـ طرد حارس مرمى النادي الرياضي الصفاقسي من المباراة بسبب صيامه لشهر رمضان ورفضه الإذعان للضغوط بالإفطار عمدا ـ إلخ ...

وفي الأخير فإن الهيئة :

1 ــ تحيي صمود المرأة التونسية وتشبثها بدينها وإصرارها على التمتع بحقها وحريتها رغم نكاية الجرح كما تثبت الهيئة كل نساء تونس في محنتهن العصيبة وتدعوهن إلى مزيد من الصبر والثبات وتبشرهن بقرب إنبلاج فجرجديد . وإن غدا لناظره قريب.

2 ــ تحيي صمود الشعب التونسي الذي وقف إلى جانب بناته ونسائه في مواجهة آلة الحرب الحكومية وذلك هو المأمول من شعب إستبسل بإباء وإعتزاز على مدى عقود طويلة أمام محاولات مسخ هويته وتغريب ثقافته وسلب حريته.

3 ــ تحيي كل من وقف إلى جانب المرأة التونسية في محنتها ونخص بالذكر الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وكلّ الشخصيّات الوطنيّة و المنظمّات الحقوقيّة. وآخرين كثر من مشارق الارض ومغاربها يضيق عن ذكرهم المجال.

4 - تعتبر عدوان حكام تونس على اللباس الشرعي ومطاردة النساء التونسيات وحرمانهن بسببه من حقوقهن الطبيعية والشرعية والدستورية، جريمة من جرائم التمييز ضدّ المرأة. كما تحمّل حكّام تونس مسؤولية ما قد ينجرّ عن هذه الفتنة من تداعيات خطيرة على كيان المجتمع التونسي. وليعلموا أن في اعتدائهم على الأعراض لعبا بالنار! إذ أن استمرار سياسة التمييز بين الأهالي بسبب اللباس أو المظهر أو الهيئة أو التوجّه الفكري أو الانتماء السياسي ونحوه، أمر غير مأمون العواقب.

5 ــ تدعو علماء تونس إلى الاصداع بكلمة الحق في هذه القضية الشرعية تبرئة للذمة وإنتصارا للاسلام وللمرأة المظلومة في بلاد الزيتونة .
كما تدعو الهيئة سائر علماء المسلمين ومؤسساتهم إلى الاهتمام بالحالة التونسية حيث يعتدى على الإسلام.

6 ــ تحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة أمام الله سبحانه وأمام الشعب والأمة وتدعوها إلى التخلي عن محاربة الإسلام الذي فشلت في محو عقيدته رغم محاولات قديمة متجددة تكر بالصبح والعشي.

7 ــ تبتهل إلى الله سبحانه أن يبرم لشعب تونس أمر رشد وخير يعز فيه الإسلام وتستعيد فيها الزيتونة دورها الريادي عربيا ودوليا.

قال تعالى { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن إتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين } [سورة يوسف:108] .

والســــــــــــــــــــلام .

عن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس.

الشيخ محمد الهادي مصطفى الزمزمي .

ألمانيا في 27 أكتوبر 2006 الموافق للرابع من شوال 1427 هجرية.

المصدر صحيفة الوسط التونسية بتاريخ 28 أكتوبر 2006