الخطر الأعظم

منذ 2007-01-26
















أفنان سميرالحلو

…. وأمسك البطل بالمظلة وقفز بها من فوق البناء الشاهق هاربا من مطارديه الذين يحاولون منعه من تحقيق العدالة والوقوف في وجه الطغاة ….. "

كان هذا النص هو ما سمعته سوزان الصغيرة وشاهدته على شاشة التلفاز ، وعلقت بذهنها فكرة القفز العالي بالمظلة - مظلة الوقاية من الأمطار والشمس وليست مظلة للهبوط - وكانت تحدق في ذلك البطل ، فرحت كثيرا عندما رأته مرتديا ملابسا تشبه التي لديها ، وفكرت كثيراً . هل تنفذ ما فكرت به منذ أول ما شاهدت هذه الحلقة ؟ ترى كيف يكون شكلها عندما تمسك بمظلتها وتلبس تلك الملابس المشابهة ، سيعتقد الناس أنها البطل ، وسيصفقون لها كثيرا ويهتفون و … و …

قطعت أمها سيول أحلامها وهي تدعوها للنوم ، وتؤكد لها ضرورة النوم مبكراً و … و … من النصائح التي حفظتها سوزان عن ظهر قلب ، فأسرعت كي لا تسترسل أمها في الكلام ، وكانت عيناها تشعان بريقاً غريباً.

و في صباح اليوم التالي استيقظت أختها الكبرى ورأت فراش أختها خال ، بعد قليل أقبلت أختها الصغيرة … قالت لها في دهشة :

- لماذا استيقظت باكراً على غير عادتك ؟ وما هذه الملابس التي ترتدينها الآن هل تنوين الخروج؟ ومن سمح لك بأخذ مظلة والدي هذه ؟

جذبتها سوزان من يدها وقالت : تعالى معي لتشاهدي البطلة ، وتعرفي الجواب على كل أسئلتك الكثيرة .

أسرعت أختها وراءها حيث قادتها إلى سطح البناية ووقفت على السور ، أمسكت بالمظلة تماما كما فعل البطل . وقبل أن تقفز صرخت أختها بها : ما الذي تفعلينه يا حمقاء ؟ هل نويت الانتحار ؟

أسرعت سوزان وشرحت لها ما يدور في عقلها ، وعبثاً حاولت أختها الكبيرة إقناعها بخطأ فكرتها القاتلة ، ثم لمعت عيناها فجأة وقالت في لهفة : انتظري هنا .. سأحضر لك شيئاً .

عادت بعد قليل ومعها جريدة … قلبت صفحاتها في سرعة ولهفة ، وتوقفت عيناها على الموضوع المنشود . قالت لها : خذي وانظري .

كان الموضوع يتحدث عن طفل صغير أراد أن يقلد البطل ذاته ، فقفز بلا مظلة من النافذة وكانت النتيجة المتوقعة .. انكسر عنقه ومات .

سألتها : ما رأيك ؟ هتفت سوزان محتجة : إنه لم يقفز بالمظلة ، وهذا خطأ وأنا لابد وأن أجرب .

أغمضت أختها الكبرى عيناها في يأس وألم .. ماذا تفعل ؟ هل تمسكها بالقوة ؟ وماذا لو وقعتا هما الاثنتان ؟ كل ما يحدث الآن بسبب التلفاز . وعند هذه الكلمة أضاء عقلها بفكرة أخرى ، قالت لأختها .. انتظري ، سوف أدع شيئا ما يجرب القفز قبلك ، وإذا لم يحدث له مكروه قفزت أنت وراءه ، هل رضيت ؟ قالت سوزان : نعم ، ولكن أين هو ؟ و ما هو ؟

بعد قليل عادت أختها الكبرى حاملة التلفاز ذاته ، ربطت به المظلة وألقته .

ألغت سوزان فكرتها من ذهنها تماما عندما سمعت صوت ارتطامه بالأرض ، وشاهدت حطامه وهو يتناثر …

وهكذا تخلصت أختها الكبرى العاقلة من خطرين ..

خطر كاد يودي بحياة أختها الحبيبة ….

والخطر الأعظم : التلفاز .

المصدر: نخبة النخب
  • 0
  • 0
  • 8,054

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً