التكفيريون يعقدون مؤتمرًا

منذ 2014-04-04

عُقد أول أمس مؤتمر لمكافحة التكفير والفتاوى الشاذة، وبعض من حضر المؤتمر تكفيريون!!

عُقد أول أمس مؤتمر لمكافحة التكفير والفتاوى الشاذة، وبعض من حضر المؤتمر تكفيريون!!

ففي الكلمة الافتتاحية لشيخ الأزهر قال: أن سبب ظهور فكر التكفير هو سجون الستينات وما جرى فيها. (يحزر؟ الله أعلم. يستبق الحدث؟ الله أعلم). ولكن إن كان السبب هو ظلم السلطة فما حكم السلطة؟ هل يجب المؤتمر؟ عموما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من الكبائرِ شتمُ الرَّجلِ والدَيْه. قالوا: يا رسولَ اللهِ! وهل يشتُمُ الرَّجلُ والدَيْه؟ قال: نعم؛ يسبُّ أبا الرَّجلِ ، فيسُبُّ أباه. ويسُبُّ أمَّه، فيسُبُّ أمَّه» (مسلم: [90]). ويقول أيضًا: «لعَنَ اللهُ مَنْ لعَنَ والِديْهِ» (صحيح الجامع: [5112]). يعني من تسببوا في ظهور فكر التكفير مرة أخرى ملاعين؟ سؤال، ومن يتسبب في ظهوره اليوم ملاعين بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم؟

اللافت أيضا أن شيخ الأزهر عرّف الكافر قائلا: "أنه من أنكر الإيمان بالله ورسوله". وكان معه ضمن الحضور في المؤتمر الأنبا تواضروس الذي لا يرى أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول أو أن القرآن حق.

والله عز وجل يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا . أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء:150، 151]. وبالتأكيد فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو أحد رسل الله؛ فمن كفر به فقد كفر ببعض الرسل، والله وصف فاعل ذلك بأنه من الكافرين حقا. فهل كان شيخ الأزهر يريد أن يصف الأنبا تواضروس بالكفر فقالها له ضمنا؟ ربما، الله أعلم.

على جانبٍ آخر، كان المؤتمر يشدد على محاربة الإرهاب ولا أعرف علاقة الإرهاب بالتكفير، فالكفر مطلقا ليس سببا في استباحة الدماء والأموال والاعتداء عليها خارج نطاق الشرع، أو حتى خارج نطاق القانون. والشيء بالشيء يذكر، تطالعنا وسائل الإعلام بصورة شبه دورية بأنباء عن قتل بعض أبناء الوطن من أهل سيناء وقصف منازلهم ثم تذيل هذا بكلمة تكفيريين (مثلا: مقتل ثلاثة تكفيريين، تم قصف منزل يشتبه بوجود تكفيريين به... وهكذا).

فهل في القانون نص بقتل التكفيريين؟ هل في الشرع دليل على استباحة الدماء والأموال هكذا؟ أم هذا قتل خارج القانون والشرع. فإن لم يكن هذا الفعل يدخل في نطاق الإرهاب فماذا يسمى؟ وحتى لو وضعت عقوبة في القانون بقتل التكفيريين، أليس من المتعارف عليه أن المتهم يقبض عليه ويقدم للمحاكمة، مع المحافظة على حقوقه من توفر شروط القضاء وضمانات العدالة.

المؤتمر استنكر الفتاوى الشاذة من غير المتخصصين، أُذَكِر المؤتمرين أن الفتاوى الشاذة خرجت ممن يقال عنهم متخصصين، ففتوى إرضاع الكبير خرجت من رجل ينتمي للأزهر، وكذا فتوى شرب البول، وادعاء رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة. وكذا ادعاء ظهور العذراء ورؤيتها يقظة خرجت من الكنيسة التي يرأسها الأنبا الحاضر لمؤتمرهم. وكذا ادعائها أن تماثيل وصور المقدسين لديهم يخرج منها زيت مبارك يشفي الأمراض ويفعل ويفعل.

أما عن فتاوى استباحة الدماء ففي الحضور الرجل الذي طالب بقتل خصومه، قائلا: "اضرب في المليان، وأخرجهم من الوطنية، وتبرأ منهم، واعتبرهم خوارج". ورجل آخر طالب بتنفيذ جريمة إبادة جماعية ناسبًا قوله للشرع والدين، ولما لا وهو الذي من قبل سمح لنفسه أن يمنح لآحاد الناس صفة الرسالة ومبعوثي رب العالمين. وثالث (الأنبا) الذي تخلى عن تعاليم المحبة وتقلد السيف ليقول: "لا مكان لحقوق الإنسان، لا تحدثني عن حقوق الإنسان". إلى ماذا يطرب سمعه؟ إلى أخبار القتل وسفك الدماء؟

وهل سيناقش المؤتمر ما جاء في إنجيل لوقا: (أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي) باعتباره دعوة للتكفير واستباحة الدماء ومسوغ للإرهاب؟

هل سيبحث المؤتمر دعاوى التكفيريين من الفنانين: "لينا رب وليكوا رب"؟ أم إنها ليست ضمن جدول أعماله؟ أم سيبحث المؤتمر قول التكفيريين من الإعلاميين على مخالفيهم في الرأي: "المتأسلمين"؟

إن لم تكن تلك القضايا على جدول أعمال المؤتمر، ويحضره تكفيريون، بل من يكفر بعضهم بعضًا، ويلعن بعضهم بعضًا فهل الهدف منه دعم التكفيريين. أم لنصح بعضهم ربما؟ ولكن بماذا: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:56] أهذا ما يتواصون به؟

أهو لدعم الحرب والقتل واستباحة الدماء دون شعور بالألم أو وخز من ضمير؛ فها هم المنسوبون للدين يشرعون القتل ويمنحون القتلة صكوك البراءة والجنان. فالحمد الله الذي ليس بينه وبين أحدٍ نسب، ولم يمنح أحد ملكية الجنة أو النار، ولا مفاتيح الملكوت. ولم يجعل الأمر بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب.

أم المؤتمر ليقول بعضهم لبعض إن السجن لن يكفي فقد سجنا من قبل ولم يفلح؟ وجئنا اليوم لمنحكم صك القتل.

من كان ما زال يخشى على نفسه يوم يقف أمام رب العالمين فليعلم أنه لن ينجيه وقتها أن يقول: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب:67].

حاتم أبو زيد

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 1,064

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً