الحرص على الدعوة

منذ 2008-02-24

الـدعاة يعلمون أنّ وحدة الصف ووحدة المنهج من أهم أسباب قوة الدعوة، وأنّ تجميع الطاقات الفـعـالـة المنتجة من أسباب قوة الدعوة، فلماذا لا يفعلون؟ وهم يعلمون أنّه ليس للدعوة الآن كلمة نافـذة وهـيـبـة مـرهـوبـة، وهيئة علماء يسمع ويستجاب لها، فلماذا لا


هل نحن حريصون على الدعوة ونجـاحـهـا، وأن تكـون هي الأقوى، وهي المهيمنة. إذا كان الأمر كذلك؛ فهل هناك حرص آخر يوازي هذا الحــرص ويزاحـمـه ويدافعه، وهو الحرص على المستقبل!! مستقبل العمل الوظيفي، مستقبل الأولاد، تأمين المسكن المريح، والمركب المريح، والوطن المريح.

إنّ واقعنا يدل على هذه المزاحمة والمدافعة إلاّ في القليل النادر، فالدعوة لا تشغل البال ولا تقـيم الداعية وتقعده، يفكر فيها ليل نهار، كيف تنجح، كيف تتقدم؟ وما هي أسباب الفشل، وما هي أسباب التأخر والضعف.

إنّ الـدعاة يعلمون أنّ وحدة الصف ووحدة المنهج من أهم أسباب قوة الدعوة، وأنّ تجميع الطاقات الفـعـالـة المنتجة من أسباب قوة الدعوة، فلماذا لا يفعلون؟ وهم يعلمون أنّه ليس للدعوة الآن كلمة نافـذة وهـيـبـة مـرهـوبـة، وهيئة علماء يسمع ويستجاب لها، فلماذا لا يسعون لتحقيق هذا؟

إنّ أشـد مـا يتعجـب له المرء حرص أصحاب البدع وأصحاب الباطل على نجاح دعوتهم، فنراهم يجوبون البلاد طولًا وعرضًا لنشر بدعهم ومبادئهم، يقول أحد دعاتهم: "وددت أن لو ظهر هذا الأمــر يـومـًا واحدًا من أول النهار إلى آخره فلا آسف على الحياة بعده".

وما زلت أذكر من قراءاتي أنّ زعيم المعتزلة واصل بن عطاء قرر إرسال أحد دعاته المقربين إلى بلدة بعيدة، وكان هذا الـداعـيـة تاجـرًا كبيرًا فحاول مع واصل أن يرسل غيره ويدفع مقابل ذلك مبلغًا كبيرًا من المال، ولكن واصــل رفض وأصر على ذهابه، فما كان منه إلاّ أن استجاب!

والآن نـشـاهـد الطـبـيـب الـمسلم لا يرضى ـ إلاّ من رحم ربّك ـ أن يبدأ عمله في قرية من القرى فيساعد أهلها ويدعـوهـم إلـى الالـتـزام بالإسلام. فكيف إذا قيل له: اذهب إلى جبال أفغانستان أو إلى غابات آسيا وأفريقيا أو ارحــل مـع الـبـدو حـيـث رحلوا؟! ونرى الشباب المتخرج من الجامعات الإسلامية يفضل العمل ولو وظيفة صغيرة في مدينة من المدن على أن يذهب إلـى بلاد بعيدة هم بأشد الحاجة إلى أمثاله لتفشي الجهل أو الـبـعـد عــن الإسلام كلية، فالـمـشـكلة إذن هي أنّ الكل يريد الاستقرار في المدن، بل وفي العاصمة، فمن للقبائل ومن للقرى ومن لمسلمي العالم؟

ونعود للسؤال الذي بدأنا به هذه الخاطرة: هــل نحـن ـ حـقــًا ـ حريصون على الدعوة ونجاحها؟


محمد العبدة
المصدر: طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 7,331
  • Mohammad Alaraby

      منذ
    [[أعجبني:]] الصدق والمباشرة... حقا نحتاج لمواجهة أنفسنا [[لم يعجبني:]] عدم ذكر المراجع في النقل

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً