تحليل خطاب السيسي

منذ 2014-05-07

كان الرجل -السيسي- قاطعًا في أنه لن يسمح مطلقًا بوجود الإخوان مرة ثانية، ليس فقط في شكل حزب أو جماعة، وإنما لن يسمح للفكر الإخواني بالوجود أصلاً، كما لن يسمح بأي خطاب دعوي خارج الإطار الرسمي الذي سوف يتم فيه التحكم تمامًا من قبل الدولة..

وأكثر ما لفت نظري في حوار السيسي أمس أنه لم يجب عن أغلب الأسئلة التي وجهت له -من رمزين فلوليين عتيدين، وفي قناتين لا يخفى توجهما ولا دلالة اختيارهما للظهور أول مرة- إجابة مباشرة وإنما كان يداور ويناور، لكنه كان واضحًا صريحًا فيما يتعلق بموقفه من الدين والخطاب الديني والحركة الإسلامية بكافة فصائلها، أو ما يمكن تسميته بالإسلام السياسي.

1- فمفهوم الدين عند الرجل قاصر على التدين الشخصي وصلة العبد بربه ليس أكثر، ولا علاقة له فعليًا بالدولة ونظمها، ولا فرق بين مسلم أو مسيحي أو يهودي فالكل سواء، وهو تصور علماني قح كما لا يخفى على من يعرف العلمانية وأسسها وموقفها من الدين.

2- والرجل يلح كثيرًا على ما يسميه بانحراف الخطاب الديني، ويحدد تاريخ ذلك بأربعين سنة ماضية، أي من السبيعينيات تقريبًا، وهي الفترة التي بدأت فيها الصحوة الإسلامية وعاد فيها الإخوان للعمل بعد الحقبة الناصرية كما أنها -بالمناسبة- الحقبة التي ظهرت فيها الدعوة السلفية والجماعة الإسلامية وغيرها من فصائل العمل الإسلامي.

3- وواضح أن من أولويات الرجل العمل على إنهاء هذه الصفحة تمامًا، وجعل الخطاب الديني محصورًا في المؤسسات الرسمية فقط (الأزهر، والأوقاف، والصوفية، وربما بعض الجمعيات الأهلية الوعظية الصرفة) ولن يسمح إلا بخطاب ديني يتكلم عن الشعائر ومكارم الأخلاق ليس أكثر.

4- كان الرجل قاطعًا في أنه لن يسمح مطلقًا بوجود الإخوان مرة ثانية، ليس فقط في شكل حزب أو جماعة وإنما لن يسمح للفكر الإخواني بالوجود أصلاً، كما لن يسمح بأي خطاب دعوي خارج الإطار الرسمي الذي سوف يتم فيه التحكم تمامًا من قبل الدولة.

5- مع أن حزب النور أعلن تأييده للسيسي فإنه لم يشكره ولو بنصف كلمة، ولم يصن ماء وجه قيادته، ولم تعلن حملته عن اللقاء بهم ولم تخرج صورة واحدة مع أنها نشرت لقاءات مع طوب الأرض، ثم جاءت الكارثة في حوار الأمس بأنه لا مقابل لهذا التأييد، وسوف يكون الحل مصير الحزب بمقتضى الدستور، ولن يسمح لهم بالدعوة، هكذا بلا مجاملة ولا تزويق للعبارات، وهي سنة الله في من أعان ظالمًا أنه لا بد أن يسلط عليه.

والخلاصة أن من أولويات مشروع السيسي التحكم التام في مصادر الدعوة والتوجيه، وتجفيف منابع الدعوة، والقضاء التام على كل مظاهر العمل الإسلامي التي تهدف لتطبيق شرع الله في الأرض، وعدم السماح بمن يتكلم خارج هذا الإطار، فلا إخوان ولا سلفيين، ولا غيرهم، وقد بدأت بعض خطوات ذلك فيما يحدث في المساجد وخطب الجمعة، وربما كان الأسوأ لم يأت بعد ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 5
  • 0
  • 1,880

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً