قُـرة العيونِ

سهام عبيد

ضاقتك بكَ الدنيا، وأرّقتك الهموم؟
كبّلتك المشكلات، وأرهقك التفكير في الملمات؟
إذن.. افزع إلى قرة العيون ومهجة القلوب.. وتوجه بقلبك إلى مولاك.. وبُث إليه أنينك وشكواك..

  • التصنيفات: فقه الصلاة - أعمال القلوب -

 


ضاقتك بكَ الدنيا، وأرّقتك الهموم؟
كبّلتك المشكلات، وأرهقك التفكير في الملمات؟
إذن.. افزع إلى قرة العيون ومهجة القلوب.. وتوجه بقلبك إلى مولاك.. وبُث إليه أنينك وشكواك..

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» (أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني). لأنها محل المناجاة ومعدن المصافاة (التيسير بشرح الجامع الصغير). قال ابن حجر رحمه الله: "ومن كانت قرة عينه في شيء، فإنه يود أن لا يفارقه ولا يخرج منه؛ لأن فيه نعيمه، وبه تطيب حياته، وإنما يحصل ذلك للعابد بالمصابرة على النصب، فإن السالك غرض الآفات والفتور".

 

وقال ابن القيم رحمه الله: "فالصلاة قرة عيون المحبين في هذه الدنيا، لما فيها من مناجاة من لا تقر العيون، ولا تطمئن القلوب، ولا تسكن النفوس إلا إليه، والتنعم بذكره، والتذلل والخضوع له، والقرب منه، ولا سيما في حال السجود، وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربه فيها".

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «يَا بِلَال أَقِمْ الصَّلَاة أَرِحْنَا بِهَا» (أخرجه أبو داوود وصححه الألباني) أَيْ نَسْتَرِيح بِأَدَائِهَا مِنْ شُغْل الْقَلْب بِهَا، وَقِيلَ كَانَ اِشْتِغَاله بِالصَّلَاةِ رَاحَة لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَعُدّ غَيْرهَا مِنْ الْأَعْمَال الدُّنْيَوِيَّة تَعَبًا فَكَانَ يَسْتَرِيح بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ مُنَاجَاة اللَّه تَعَالَى (عون المعبود).

 

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "الصلاة قرة عُيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، وبستان العابدين ولذة نفوس الخاشعين، ومحك أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين" (أسرار الصلاة).

فالمحب الصادق ينتظر الصلاة بعد الصلاة لأنها له كالبلسم يوضع على الجرح فيطيب: "فالصلاة قرة عيون المحبين وسرور أرواحهم ولذة قلوبهم وبهجة نفوسهم يحملون هم الفراغ منها إذا دخلوا فيها كما يحمل الفارغ البطال همها حتى يقضيها بسرعة... فمن كان قرة عينه في الصلاة فلا شيء أحب إليه ولا أنعم عنده منها، ويود أن لو قطع عمره بها غير مشتغل بغيرها، وإنما يسلي نفسه إذا فارقها بأنه سيعود إليها عن قرب فهو دائمًا يثوب إليها ولا يقضي منها وطرًا" (طريق الهجرتين لابن القيم).

 

وأنتَ يا أخي الكريم.. وأنتِ أيضًا أختي الفاضلة.. هل جربتم يومًا أن تلقوا بهمومكم وراء ظهركم وأن تفزعوا إلى الصلاة وتناجوا المولى جل في علاه في ظلمة الليل البهيم.. وأن تدخلوا يومًا إلى الصلاة دون التفكير بمشاغل الحياة بل لترتاحوا بها من تلك المشاغل والهموم.. وتكون لكم قرة العيون؟؟