سجِّل أنا سني

منذ 2015-04-06

من اليوم، ومن هذه الساعة، لا تخجلوا من سنيتكم، أعلنوها فأنتم ملح هذه الأرض، وحماة الإسلام، ودعاة التسامح، لكنكم أيضًا أسود السنَّة وأبناؤها، ولو رغمت أنوف الشيعة الروافض وإيران وأمريكا والغرب وإسرائيل، وهذه الفئة الجاهلة والخائنة من المثقفين التافهين.

لم يعد سهلًا أن تُكون سنيِّا اليوم.
السنِّي الطيب بالنسبة للغرب وأمريكا وإيران وإسرائيل، هو السنِّي الميت.
كل سنِّي يقاوم الغرب وإيران ويحمل السلاح لدفع احتلالهما يصبح إرهابيًا أو قاعديًا أو سلفيًا أو وهابيًا أو داعشيًا.. خذ ما يناسبك، المهم أن لا يتم وصفه بالسنِّي كي لا تستثار مشاعر مليار مسلم سنِّي! يجب أن تركع وتستسلم وتيأس، ليس هذا فقط! بل وأن تغفل وتنسى ولا تعي أنَّك تحت الاحتلال والاضطهاد، وهذا هو دور الثقافة الإمبريالية التي يصفها إدوارد سعيد بأنها "السلطة التي تغير آراء الناس المستعمَرين دون الحاجة إلى أن يلجأ المستعمر للسيطرة العسكرية".

أنت أيها السني بمثابة المارد الذي يخشى العالم أن يصحو، أنت الإرهابي الوحيد.
سيتحالف ضدك الشرق والغرب، كي تظل تحت السيطرة، لا يهم إن كنت تحت حكم شيعة إيران أو صهاينة إسرائيل أو علوية بشار، أو تحت البسطار العسكري لزعيم يزعم أنَّه منك وفيك، أو حكم الغرب وأمريكا، المهم هو أن تظل راكعًا.

سيقتلك شيعة إيران وحزب الله في العراق بمساعدة الغطاء الجوي الأمريكي، غطاء الشيطان الأكبر، وسيقتلك الحوثيون في اليمن بمساعدة الحرس الثوري الإيراني، وسيقتلك العلويون في سوريا بمساعدة الإيرانيين والروس، وسيقتلك الأمريكان لمجرد التسلية في العراق وأفغانستان، لقد ارتكبوا وسيرتكبون المذابح والمجازر بحق أطفال وشيوخ ونساء السنَّة، مجازر يندى لها جبين البشرية، لكن جوابهم حاضر: "إنَّهم دواعش". إنَّها الموضة الجديدة، قتلوك في السابق بدعوى أنك إرهابي، ثم بدعوى أنَّك قاعدي، ثم بدعوى أنَّك سلفي، ثم بدعوى أنَّك وهابي، واليوم بدعوى أنَّك داعشي.

السنَّة نواصب، مغتصبو الحق الإلهي، مرتدُّون، وقتل المزيد منهم هو السبيل لتقريب خروج المهدي المسردب، هذا هو دين الشيعة، وهذا هو التفسير (الموضوعي) الوحيد لهذا الهوس الجنوني بقتل سنَّة العراق وسوريا بهذا الشكل المروع، ولن يقول أحدٌ الحقيقة الموجودة والمكتوبة في كتب القوم المعتبرة.

دعها تعمل، دعها تمر!
اصمت ولا تتهم الشيعة؛ تغدو طائفيًا لو فعلت، بحسب رواية المثقفين السنَّة، الذين لم يقرؤوا كتابًا شيعيًا واحدًا كي يروا إن كان ما تقوله حول تكفيرية الشيعة وشتمهم لكل رموز ومقدسات المسلمين صحيحًا أم لا. هذا لا يهم، المهم، أن تظهر هذه النخبة أمام الملأ، وفي الإعلام بشكل حضاري، بشكل يبدون فيه موضوعيين، وضد الطائفية بالمطلق، ولتذهب الحقيقة إلى الجحيم.

لقد عانى أهل السنَّة والجماعة بما يكفي.
لا تنبع معاناتهم بسبب الشيعة الروافض أو العلويين، أو الغرب المجرم أو الأمريكان أو الروس فقط؛ بل ومن مثقفي السنَّة الذين باتوا يلعبون دور الطابور الخامس لكل أحد، أولئك المهووسون بتوزيع الاتهامات بالتناصف، بين الضحية والجلاد.

إن الكثير من المثقفين لا يريدون أن يقرؤوا، خصوصًا بعد أن كبروا في العمر، ولا يريدون أن يسمعوا ما قد يربك طمأنينتهم، أو يشعرهم بالخيانة والغباء والسذاجة، هم حزموا أمرهم، رغم أنَّهم لم يقرؤوا كتب الشيعة الروافض ولم يتعرفوا على مذهبهم من خلال مصادرهم، لكنهم وبخفة شديدة وجدوا أن أقرب ما يمكن وصف الشيعة به هو أنَّهم مدرسة فقهية خامسة قريبة من المذاهب الفقهية الأربعة، بجامع الاختلاف. هذا الفعل يريح المثقف، المثقف السخيف بطبيعة الحال، وغير الباحث عن الحقيقة.

دون أن يرى هذا المثقف العبقري أو ذلك، أن مذاهب السنَّة الأربعة هي تنوع "فقهي" بحت، وأما في العقيدة والتوحيد فأصحاب المذاهب الأربعة متفقون على أهمية التوحيد لله وحده ونبذ الشرك والبدع، وكفر دعاء غير الله والاستغاثة بالأموات وحرمة سب الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم، وكفر القائل بتحريف القرآن، مما يشكل فرقًا جوهريًا ورئيسًا في العقيدة بين السنَّة والشيعة، وليس هذا من بنات أفكاري؛ بل من كتب ومراجع القوم المعتبرة.

هؤلاء المثقفون هم ذاتهم الذين صدَّقوا كذبة الوطن العراقي الواحد، ثم حين حصلت مجازر كتائب الموت التي يقودها مقتدى والعامري لم يقولوا كلمة: "دعها تعمل، دعها تمر"، وهم ذات المثقفين الذين يرون الكفر الصريح من الجنود العلوية حين يقول أحدهم للسني قبل أن يقتله، قل: "ربي بشار!"، ثم لا يقولون كلمة: "يا حبيبي دعها تعمل، دعها تمر.. لا تدقق".

هم ذات المثقفين الذين يرون حسن نصر الله يعلن: "إننا اثني عشرية"، ثم لا يقولون كلمة.
قتلونا كلامًا عن ضرورة غربلة التراث السنِّي، ووضعوا المشانق والمقاصل، وأعملوا مقصاتهم في التراث السنِّي، كي يوائم العصر، رغم أن هذا التراث ليس تكفيريًا أو أسطوريًا يمتلىء بالخرافات والمضحكات وسب الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم، ولا يصف الشيعة بما وصفونا به بأننا أبناء زنا وسفاح! لكنهم لم يقولوا كلمة واحدة حول ضرورة غربلة التراث الشيعي، أليس فعلهم هذا طائفيًا؟ دعها.. أيوة دعها تعمل، دعها تمر!

هم ضد الطائفية بالمطلق، فهم ضد تلك الفئة من الطائفة السنية التي تنبري للدفاع عن السنَّة في العراق وسوريا، لكن، هؤلاء المثقفون ينسون أنَّهم ضد الطائفية بالمطلق حين يدافعون ويتباكون على الطائفة الشيعية وهضم حقوقها!

الحقيقة المرَّة، والتي لن يقبلونها بطبيعة الحال، هي أنَّهم سنَّة ضد السنَّة.
يقتل الشيعة في العراق وسوريا إخوتنا السنَّة بالسكاكين والسواطير بدوافع طائفية معلنة، فيبرر لهم هؤلاء السنَّة الخونة بالكلمة والقلم إنهم في نفس الخندق، قادهم إليه كرههم للمتدينين السنَّة، وهوسهم بالدفاع البطولي عن الأقلية، وجهلهم بالحقيقة، ذلك الجهل الذي لا يعذرهم، فليس من بحث عن الحق فأخطأه كمن بحث عن الباطل فأصابه!

من اليوم، ومن هذه الساعة، لا تخجلوا من سنيتكم، أعلنوها فأنتم ملح هذه الأرض، وحماة الإسلام، ودعاة التسامح، لكنكم أيضًا أسود السنَّة وأبناؤها، ولو رغمت أنوف الشيعة الروافض وإيران وأمريكا والغرب وإسرائيل، وهذه الفئة الجاهلة والخائنة من المثقفين التافهين.

أنا طائفي حتى العظم، حين يتعلق الأمر بالدفاع عن الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ أهل السنَّة والجماعة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وإيران، وليذهب المثقفون وبرستيجهم الثقافي إلى الجحيم.. سجِّل أنا سني.

 

عبد الله المفلح

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 2
  • 1,146

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً