في سويسرا مآذن الإسلام هدمت ما كان قبلها

ملفات متنوعة

قال تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ
فِيهَا اسْمُهُ}

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


18 من ذي الحجة 1430هـ الموافق 5 من ديسمبر 2009م.

في قضية مآذن الإسلام بأوربا وسويسرا التي ضل فيها من خطباء الفتنة وعلماء السوء ممن ضل من أهل الضلالة،
نقول وقد تأخر جوابُنا على رجاء أن يكون في سكوتنا الذي طال شرحا للكلام الذي يأتي بعده يفسره تفسيرا غير مكتوب، ولينزل قولنا فيها منازل متعددة لا منزلة واحدة، نقول إن تلك الجريمة جريمة الاستفتاء على جزر المآذن قد أتت على أعقاب جرائم منا صدرت عن بعض الشيوخ في حق ديننا سبقتها، سوّغت لأبناء الصليب ما يبتغون من الفتنة فينا،فجاءت تلك الجريمة وقد تأسس لها من بعض الشيوخ قواعد تفاوتت في قوتها وآثارها بين مباركةٍ صريحة للمنكر - هذا حقهم هذا حقهم هذا حقهم- وبين صمت ماكر على ما يرتكب في حق ديننا وأمتنا؛ ليتفرع عنها ما هو أنكى وأقبح إن طال علي مثلها السكوت.

 

فهي جريمة - وإن ظهر من القوم من أنكر عليهم ظهورها الآن، وذلك خوف على أموال الأثرياء المستهزأ بدينهم أن تهجر بنوكهم فتخرب ديارهم، إذ علموا أن ثراءهم الفاحش الذي قاربت نسبة الفارق فيه بين الواحد من هؤلاء الحمقى وبين نظيره من العالم النايم الغافل عن حقه وقدره الأربعمائة ضعف إلى واحد من المستوى المعيشي، بعد أن كان في عام 1800م لا تتجاوز فيه تلك النسبة 5:1، فهم من الموقنين بأن ثراءهم هو من أموال هؤلاء الذين يستخف بدينهم اليوم.


لقد هدمت تلك المآذن -التي أهاجت ضغائن الغرب الصليبي من سويسرا ولم تزد عن خمسة- هدمت أدعياء العلم فينا؛ وعلماء السوء عندنا، كما أنها هدمت والحمد لله الكثير من قواعد الزور والبهتنان لدى أدعياء التنوير ورسل الديمقراطية الغربية، تلك الديمقراطية التي عودتنا أنها لا تلبث طويلا على خداعها حتى تُكَشِّر عن أنيابها وتكشف عن ساقيها القبيحتين للمخدوعين بها من أمتنا؛ حتى إنها صارت لأهل النُهى منَّا على أكثر أحوالها كلمة يراد بها التدليس على عقول البشر ليبلغ بها القويُّ مآربه من الضعيف المغرور بهذه الرقية- رقية الديمقراطية- الساحرة؛ التي يدندنون بها في الآذان بكرة وعشيا .


جاء خطباء الفتنة عندنا ليقولوا لنا عن تلك الجريمة كالمبررين لها:" إن المآذن ليست من أركان الإسلام"، فففتحوا الباب لفرنسا بهذا السقوط من هذا المتفيقه لتعلن وهي آمنة -كما أمنت من قبل على نفسها في حربها على الحجاب- تعلن عزمها على منع المساجد بها بعد منع المآذن عند أختها سويسرا، ثم عزَّهم عيٌّ آخر من صبيان الملاحدة بديارنا يطلب إلى المسلمين بسوسيرا أن لا يقاوموا هذا الأمر إذا صار قانونا بها، وخرص تلميذ حسن حنفي عن غير هذا من جرائم هؤلاء وأمثالهم في ديارنا من استباحة لحرماتنا، وتلويث حتى للمياه غير العذبة التي تجري في أرضنا بإلقاء الخراف النافقة فيها بعد تحللها، وكذا جريمة التطهير العرقي في القدس، وسحب الهويات من أهل بيت المقدس تمهيدا لطردهم، ثم دهس الشاب الفلسطيني بالقدس دهسا بسيارة المجرمين على وجه لم تعهده البشرية من قبل في عالم الجرائم، ثم ما ظهر على لسان فرنسا من إرادتها الخبيثة التي لا تزيدها الأيام نحونا إلا سُعارا 41% منهم الآن يعارضون بناء المساجد والشيخ قد بلع لسانه، ولا تزال أسواقنا بفرنسا وبأخواتها مستعمرة بشركاتهم، والرءوس محتلة بمذاهبهم، والقلوب مستعبدة بشهواتهم.


لقد تغافل أدعياء الفتنة فينا عن مكانة مآذن بيوت الله في شرعه وهم بها عالمون، فليس ببعيد عن طالب علم أو قارئ لكتاب الله تعالى قوله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور:من الآية 36].

تُرفع كما قال المفسرون معنى، وترفع كذلك مبنى، وهذا غير خاف عن تلميذ حسن حنفي النجيب، فكيف ساغ له أن يتفوه بما تفوه به، وفيما تفوه به تخذيل لا يجهل أثره هو وأخوه في الضلالة على ما بقي له من واهي الدين، وهو الذي ما عرفنا له في ميدان الشرف مقاما، ولا ألفنا له بيانا.


يقول شيخنا الغزالي يرحمه الله:

إن الذي يعني الصليبية هو التنفيس عن سخائمها الوبيلة، تلك السخائم التي التقت فيها وحشية الجنس بوحشية المبدأ، فالصليبية ترى أن الفتك دينا، وترى كذلك وجود غيرها إلى جوارها أمراً مُنكرا، وذا ك ما أضراها علينا، وأغرى الوحوش من أتباعها باستئصالنا، وإن كثيراً من الكتاب والساسة - وبعض المتفيهقين - فينا قد فكروا في عزل الإسلام عن ميادين الكفاح ضد الاستعمار، يحسبون أن هذا العزل قد يُخَفِّف من وطاة الاستعمار عليهم، وهذا أفحش خطأ يمكن أن يرتكبه امرؤ ضد ربه ونفسه وبلاده. إن العدو قد بدَّل زيَّه، وتعلم كيف يحتال لبلوغ إربه، وقد يسبق إلى الأذهان أن الاستعمار في طريقه إلى التلاشي.. وكنا نودُّ لو صحَّت هذه الأمنية..، بيد أنها لا تعدو آفاق الخيال.


إن الناظر إلى أقطار الغرب قد تخدعه مظاهر المدنية التي بلغتها -كما خدعت هؤلاء الأدعياء -، وقد يظن أن نظافة القوم في وجوههم وملابسهم هي فيض من نظافة ضمائرهم وأرواحهم، وهذا خطأ شديد، فهم أقذر أهل الأرض ضمائر وأرواحا، فتطور وسائل الإبادة والفتك قد زاد من ضراوتهم .


إن الفظائع المُروِّعة التي عرف بها الغرب فينا ليست في الصليبية الغربية سجيةً مُحدثة، فالقوم يسيرون على النهج الذي سلكه آباؤهم من قبل، فالخلف والسلف على اختلاف الأمكنة والأزمنة تحركهم طبائع واحدة، وتحدوهم غاية واحدة، إنهم مع خصومهم لا يعرفون للحرب أدبا، ولا للرحمة موقعا، إلا إذا تكافأت القوى، وخافوا الثأر العاجل، فهم عندئذ يعاملون العدو بحذر، اتقاء العقوبة لا اتقاءً لله، أما إذا أمنوا الثأر فلن يتوقع منهم إلا بطش الجبابرة.


كتب الأستاذ" محمد شاهين حمزة" يروي شيئا من مخازي هذه العهود ننقلها للمتفيهقين عبدة الأضواء على رجاء مراجعة موقفهم من أمتهم ودينهم بها، يقول الكاتب :
" لم تقم في الشرق محاكم مثل محاكم التفتيش التي قامت في بلادٍ عديدة من أوربا، مثل أسبانيا، وإيطاليا، وفرنسا، والبرتغال، وألمانيا، -وذلك - لسجن حرية العقيدة والفكر، ومطاردة الضمائر والعقول، وإصدار أحكامٍ تتقزز منها النفوس وهي تقرؤها في صحائف التاريخ السود، أحكام منها الإماتة حرقا في أحفال عامة يحضرها الملوك والوزراء والأعيان ...، والدفن بالحياة،حيث يوضع المحكوم عليهم في مقابر تترك فيها فتحات صغيرة ليراهم الناس منها وهم يدنون من الموت رويدا رويدا ليتفرج الناس جميعا على أولئك الذين يُدفنون أحياء وهم يعذبون بهذا الاختناق، والويل كل الويل لم ينظر ثم يتأفف أو يتحسر.


فإذا كان المحكوم بموته امرأة،عرِّيت، وشدَّت إلى مقبرة، وتركت ليلا ونهارا حتى تموت أو تجن، ..، أما حين تكون في طور التحقيق فإنها تُعَرَّض لكلاليب ذات رؤوس حادة تسحب الثديين من الصدر. وكانت هذه المحاكم تستعين في تحقيقاتها للحصول على إقرارات -مريحة- مُرضية بوسائل عديدة من التعذيب منها:

- حرق الأقدام.

- استعمال السياط على الأقفية.

- التعليق من السقف مع ربط كل يد وكل قدم إلى حبل يشدها في اتجاه مضاد.

- غرز المسامير في الرؤوس.

- سلِّ اللسان من الحلق بآلات خاصة.

- وضع الأقدام في أحذية حديدية عُرِّضت للنار حتى حميت واحمرت.

- الكي في أي مكان من الجسد

- استعمال أحذية ذات مسامير داخلية حادة، يؤمر المتهم بلبسها والمشي فيها، أو الجري والسوط من خلفه.

- أو مشانق تشنق المتهم نصف شنق.

- أو تسديد حربتين إلى عيني المتهم تنفذان من مؤخرة الجمجمة.

- أو توجيه حربة إلى القلب، وأخرى إلى المعدة أو الأمعاء.

- أو طي الجسم وكسر عظامه بآلات خاصة.

- وحلق الرأس وتعرضه لآلة تسقط الماء البارد عليه نقطة نقطة.

- سلق مواضع من الجسم أو سلخها بوضع إسفنج مغموس في ماء مغلي عليها،وتعريض الرؤوس لمطارق ثقيلة ساحقة.

- وصب الماء في الجوف من الفم أثناء الوخز بالدبابيس في الأعصاب والشرايين.

- ووضع آلة على فم المُعذَّبِ حتى لا يخرج أنينه، وإذا مات في أثناء التعذيب ألقي به بين المُعذَّبين الآخرين زيادة في إيلامهم وإرعابهم" [ الاستعمار أحقاد وأطماع 16: 29 بتصرف]


هل صنع إنسان في الشرق مثل هذا؟

ما كان لنا ولا يحلُّ والله شيء من ذلك عندنا في ديننا حتى ولو كان المقصود حيوانا لا إنسانا عدوا أو مجرما ؟

لا يحل لنا ولن يكون، لأن من ثوابت ديننا أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسل فيما أخرجه ابن إسحاق بسند رجاله ثقات على ما قال الإمام ابن القيم قد ضاف النصارى في مسجده وتركهم يصلون صلاتهم فيه:

قال ابن إسحاق "وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدُ نصارى نجران بالمدينة، فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال : لما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده بعد صلاة العصر، فحانت صلاتهم، فقاموا في مسجده، فأراد الناسُ منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «دعوهم» فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم" [ زاد المعاد 3/ 629].

صلوا صلاتهم التي هي عنوان كفرهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على إذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحماية منه لهم، فهل عرف التاريخ كرما مع الخصوم في العقيدة مثل هذا الكرم الذي يطاردنا بسببه النصارى وأشياعهم في كل فجاج الأرض و كل دروب الحياة ؟


ثم كتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وثيقته و عهده لهم ولأهل نجران من خلفهم قائلا : «ولنجران وحسبِها جوار الله، وذمة محمد النبي على أنفسهم، وملتهم، وأرضهم، وأموالهم، وغائبهم، وشاهدهم، وعشيرتهم، وتبعهم، وألا يُغَيَّروا مما كانوا عليه، ولا يُغَيَّرُ حقٌ من حقوقهم، ولا ملتهم، ولا يُغير أسقُفٌ من أسقفته، ولا راهب من رهبانيته، ولا وافه- القيم على بيت الصليب- عن وفهيته، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم ريبة، ولا دم جاهلية، ولا يُحشَّرون -يعتقلون ويحبسون-، ولا يُعشَّرون- يدفعون الضرائب العشرية -، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصفُ غيرَ ظالمين ولا مظلومين، ومن أكل ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا، وأصلحوا فيما عليهم غير منقلبين بظلم» [ السابق 3/ 635] .

هذا هو ديننا الذي غاظت مطالع شموسه حمقى السويسريين، فذهبوا يطلبون إطفاء نوره بمعونة المغفلين منا، فأي أمر يريدون بما صنعوا غير استرجاع عهودهم الشيطانية مع دين الرحمة السابغة وأهله في المشارق والمغارب؟! .

إنها بلا ريب خطوة لها ما بعدها، ليس المساجد فقط بعد المآذن، ولكنها المساجد وأهلها ورجالها، ومن أحبهم، أو كانت له صلة بهم.

لقد كان الاتهام بالإسلام في البرتغال وأسبانيا من قبل سببا من أسباب الاسترقاق[ تاريخ الحضارات العام لرولان موسنيه أحد أساتذة جامعة السوربون 4/ 427]

ولقد قام جماعات المزارعين الفرنسيين بالجزائر بإعطاء أنفسهم حق محاكمة الوطنيين وإعدامهم رميا بالرصاص حتى بلغ عدد قتلاهم في واقعة واحدة على تقدير السفير الأمريكي أربعين ألف شهيد.[ الاستعمار أحقاد وأطماع 30]. وهذا هو ما يحن إليه حمقى السويسريين اليوم.

لقد كان الترك قادرين على استئصال نصارى الشام كما استؤصل مسلمو الأندلس، فما فعلوا عن أمر الإسلام شيئا من ذلك، بل إنهم دللوهم حتى زادت أموالهم وأولادهم إلى حد بعيد، ولما فكر أحد سلاطين الترك في استئصال أقباط مصر وقف له شيخ الإسلام إسماعيل الهروي وقال له ليس لك هذا، فوقف الحاكم المتحمس عند حدود الدين كما بينها له الفقيه المسلم لم يتجاوزها، لأنه يعلم أن في تجاوزها ذهاب مشروعيته التي لا يغني عنها انتخابات مزورة، أو استفتاءات كاذبة ما دخلت علينا إلا برعاية هذا الاستعمار بديمقراطيته الخادعة.

بل إنه في عهد السلطان سليم الثاني[ 1566- 1572م] قد تولى مركز الصدارة الأعظم- رئاسة الوزارة- ثمانية من أصل عشرة كانوا من أهل الكتاب [ تاريخ الحضارات العام 4/ 538]، ومن بين 48 صدر أعظم لم يكن إلا 12 من أب مسلم .


أما الحرية والحقوق عند نصارى أوربا في العهد الاستعماري فإنها كانت تعني لأنفسهم استباحة كل محظور بغير مساءلة، فبعد قليل من الحرب العالمية الأولى قرر الحاكم العام ونائب الملكة في الهند أن على الهنود الإسهام إلى جانب انجلترا في الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية" وبمقتضى هذا الكذب تم تجنيد 000،621 _ واحد وعشرون ألفا بعد الستمائة، في القتال على الجبهة الغربية، كما تم تجنيد أكثر من 475،000 - خمسة وسبعون ألفا بعد الأربعمائة ألف مدنيا للحرب [ الكتاب الأسود 358]، وللدفاع عن الهند وجب ضمان عدَن، وإفريقيا الجنوبية، وقناة السويس، وإفريقيا الشرقية، وفلسطين، وجزيرة العرب، وقبرص، والعراق، وبلوشستان، والهند الصينية، ونقاط ارتكاز في المحيط. [ الكتاب الأسود 358]، وقد كان وفرة ما حصلته انجلترا من ضرائب شركة الهند الشرقية السبب الذي دفعها فيما بعد لاستعمار أفغانستان، والهجوم على بورما التي ضُمَّت عام 1826م، ثم ماليزيا، والتدخل في الخليج العربي، ثم جزيرة العرب، والعراق، والصين.

فهل بعدت أمريكا عن تلك الأخلاق الشائهة قيد أنملة؟

يقول بيليشر زونكلي في مقدمته لكتاب الدولة المارقة: " إن الولايات المتحدة تهزأ بالقانون الدولي حين ترى ذلك مفيدا" لقد أوقدت أمريكا الحرب في غواتيمالا واستمرت ستة وثلاثين عاما دفاعا عن مصالح شركة الفواكه المتحدة لصالح وكالة الاستخبارات المركزية لتوقع بعدها وثيقة وقف إطلاق النار في أوسلو عام 1996م بعد أن أنهكت قوى الدولة الصغيرة . ولقد كان مصير الهنود الثائرين على المحتل الشنق؛ أو الربط في فوهات المدافع .

أما ما كانوا يقصدونه بشعار الحرية لغيرهم من الشعوب المغلوبة على أمرها فلم تكن تعني لهم أنه نقيض العبودية، بل إن المراد منها لهم كان هو التمتع ببعض الحقوق فقط كالزواج، والملبس، والمطعم، فإذا لم يوفرها السيد فباستطاعة هذا العبد المطالبة بها أما المحكمة بطلبه منها إبدال سيده، وقد كان هذا العبد الحر يحمل إيصالا يسمى "ورقة بيع" يذكر فيها السيد الثمن المقدر للعبد [ الاستعمار الكتاب الأسود كارمن برنار ص186 بإشراف مارك فيرو] . كما أنه كان المقصود من مصطلح "الحرية الدولية هو حرية المسيحيين" فقط [ الكتاب الأسود 364].


لقد كانت الهند وهي تحت المستعمر الإنجليزي تزود العالم ب 64% من إنتاج الأرز ومع هذا فقد كان الفلاح الهندي يموت جوعا [ الكتاب الأسود 353].

ثم إن الحراك السياسي كان ولا يزال يعني عندهم الإدماج في ثقافة المستعمر المنحل خلقيا[ الكتاب الأسود 210]. وهو ما ميز الاستعمار الجديد عن الاستعمار القديم

وإذا كانت المواطنة منذ نشأتها في إيطاليا عام 125م تعني حق المشاركة في السلطة فهي كذلك لكن للأوربي وحده بعد الإيطالي الذي نطق بها أول مرة.

والتبشير كما جاء في تاريخ الحضارات يعني خلخلة الوحدة الإسلامية بدعوى طلب تسامح المسلمين، ويقصدون بالتسامح إهمال الدين في تقديراتهم للأمور، مما يسمح بتوغلهم في أرجاء العالم الإسلامي وتمددهم في أحشائه على غفلة منه -كما جاء في تاريخ الحضارات العام 3/ 554.


إن هذه الجريمة جريمة الاستفتاء على المآذن تعني فيما تعني أن جميع الحقوق التي ثبتت للشعوب على طول معاناتها مع المستعمر البغيض هي الآن عندهم عرضة لإعادة التصويت عليها ومنها حق الإنسان في اختياره الإسلام دينا .

لهذا فغننا باسم الله الخافض الرافع نتوجه بندائنا هذا إلى أثرياء العرب وأغنياء المسلمين لنصرة دينهم والذود عن كرامتهم وكرامة أمتهم فنقول :

إنكم والحمد لله اليوم كثير، وهذا أوان جهادكم بأموالكم، طلبتم إليه، ولن يكلفكم هذا كثيرا، فلا تكونوا بنعمة الله عليكم سوطا في أيدي هؤلاء الذين بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم لكم ولأمتكم أكبر، قاطعوا مصايف هؤلاء القوم من هذا العام، وقللوا من أرصدتكم في بنوكهم، ليعلموا أن لكم دينا هو أعز عليكم من دنياكم، إنكم إن فعلتم كان ذلك لكم جهادا شركتم فيه غيركم ممن أدَّى ووفى من الصابرين المستضعفين، وإن لم تفعلوا كنتم لأمتكم عدوا ولدينكم خصما، ومن خاصمته الأمة خصمه الله. والحمد لله قد جعل الله لكم في أسواق تركيا لأموالكم عوضا وسبيلا.

{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:44]

 

المصدر: جبهة علماء الأزهر