البابا في قبضة الملك

رياض بن محمد المسيميري

نحذِّرُ كلّ مسلمٍ من التعاطفِ مع هذا الطاغوت الأكبر، أو إحسان
الظنِّ به، فضلاً عن الدعاءِ له، أو اعتقاد مغفرة الله له، وقد مات
نصرانياً كافراً !!

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية -


ظلّ بابا الفاتيكان المدعو -يوحنا بولس الثاني- حديث الإذاعات والقنوات العالمية، طيلة الأسابيع الماضية، حين تدهورت صحته، وأدخل على إثرها مستشفى الفاتيكان، في محاولةٍ لإنقاذِ حياة أكبر مُنصرٍ في العالم، وهرع الأطباء من كلِّ الأصقاع النصرانية لإسعافه دون جدوى، وكانت بياناتُ الفاتيكان تتوالى في توصيفِ حالةِ البابا الصحية، لتتلقفها وسائلُ الإعلامِ العالميةِ بما فيها العربية والإسلامية، التي قامت ( بالواجب !) تجاهَ شخصيةٍ نذرت نفسها لبثِّ المفاهيم الوثنية، وتكريسِ النصرانية في أرجاءِ المعمورة!

وأخيراً أُعلن نبأُ وفاة البابا، وخرجت الروح الخبيثة من الجسد الخبيث، ولنا إزاء هذا المأتم البابواي هذه الوقفات:


الوقفة الأولى: ملك الموت يقتحمُ حصن الفاتيكان

إنَّ الحراسات المشددةِ للمقر البابوي، وأجهزةِ المراقبة المنصوبة على مدار الساعة، لم تكن لتحول دون وصول ملائكة الجبّار جلّ في عُلاه، وتنزع روح البابا دون أدنى مقاومة، أو حتى علمٌ بساعة الموت الرهيبة.

وهي حقيقةٌ لا يُماري فيها أحد، أو يجرؤ بشر على تجاوز هذا المصير، الذي أذل اللهُ من خلاله كلّ جبَّار، وقصم في رحابه كل طاغوت ! { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء:78] .

فهل يعي ذلك طواغيتُ العالم وجبّاروه، ويعلمون أنَّهم صائرون إلى هذه النهايةِ الأكيدة، طال الزمن أم قصر؟!


الوقفة الثانية: جموعُ الأوباش

يَبْلُغُ النصارى قرابة الألفي مليون من سكان الكرة الأرضية، حيثُ يتربّعون في المرتبةِ الأولى من حيث الأكثرية، على مستوى الديانات في العالم، وقد ذرفَ نزرٌ يسيرٌ منهم الدموع على رحيلِ البابا، لعبَ الإخراج التلفزيوني دوراً ماكراً في تصويرها بشكلٍ مخالفٍ لما عليه حقيقةُ الأمر، فالمعروف عند النصارى عدمُ قدرتهم على مصاحبةِ الأحزان، أكثرَ من لحظاتٍ عابرة يعودون بعدها إلى ممارسةِ كل خُلقٍ قبيح، والاستمتاع بكل لذةٍ مُحرمة! ومع ذلك فلو درى هؤلاء الرعاع أي مصيرٍ يقودهم إليه البابا يوحنا وأسلافه وأخلافه، لاستكثروا عليه قطرةً واحدةً من الدموع، ولركلوهُ بأقدامهم، ومزّقوهُ بعصيهم بدلاً من ذرفِ دموع التماسيح تلك !!

وحين كان المتحدثُ الرسمي باسم الفاتيكان، يوالي إصدار البياناتِ عن حالة البابا الصحية، حتى توَّجها بالبيانِ الأخير الذي يفيدُ كذباً وزوراً، بأنَّ روحَ البابا تعانقُ روح المسيح، وأنَّ البابا بدأ ينظرُ إلى الله !

تعالى الله عن كفر النصارى علواً كبيراً، تقبَّلَ النصارى كعادتهم ذلك البيان بكلِّ تسليمٍ وقبول، رغم حجم الفريةِ التي لا يصدقها أصغرُ صبيٍ من صبيان التوحيد !

ولا عجب!! فالشعوبُ النصرانية كانت ولا تزالُ تعتنقُ عشرات العقائد الوثنيةِ الضالة، التي لم يُنزل فيها شرعٌ، ولا يقبلها عقلٌ سويٌّ، أو خُلق كريم، بدءً من أكذوبة الفداءِ والصلب، ومروراً بفريةِ الحلول والاتحاد، وانتهاءِ بعقيدةِ التثليث الخائبة الكافرة !!


مناقب البابا
1) نذرَ البابا حياته كلّها في تسويقِ الإلحاد المتدثر بثيابِ النصرانية في أرجاء المعمورة، وحتى قبل انتخابه لمنصب بابا الفاتيكان بزمنٍ طويل !

حيث تنّصر عام 1945، وأصبحَ كاهناً بعد عامٍ واحد، أي سنة 1946 وانتقل من بلادِ التشيك إلى بولندا، التي أمضاها سنوات شبابه، قبل أن ينتقلَ إلى روما، ليُنتخبَ بابا الفاتيكان، بعد وفاةِ سلفهِ الذي لم يتمتع بمنصبهِ سوى ثلاثٍ وثلاثين يوماً فقط، ليموت في ظروفٍ غامضة !

ولتحقيق أهداف الكنيسة الكاثوليكية، في نشرِ النصرانية في العالم، زارَ البابا 120 بلداً في العالم، وهذا الذي رُبما لم يتحقق لأكثرِ هواةِ الترحال في العالم ، ولا أظنُ أحداً ينافسهُ في هذا الانجاز غير المسبوق، وما كانت تلك الزيارات إلاَّ تسويقاً للمبادئ الكنسية، وتكريساً للوثنيةِ النصرانية.


وفي عهدهِ قفزت الإرساليات من 15000 إرسالية إلى 27000 إرسالية، مزودة بكلّ الإمكانات البشرية، والتقنية والمادية، ومستغلاً للتفوق النصراني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، في تذليلِ كلِّ عقباتِ نشر النصرانية، ولو بقوة السلاح إن لزم الأمر !!

كما أنشأ الفاتيكان مئات المحطات التلفزيونية والإذاعية، لنشر العقيدةِ النصرانية، حتى غدت الفلبين على سبيلِ المثال ذات الجذور الإسلامية، أكبر بلدٍ كاثوليكي في آسيا، بفعلِ الجهودِ البابوية الجبارة !!


2)مناصرة اليهود، رُبَّما لا يُدركُ الكثيرون أنّ البابا يوحنا الثاني كان يهودياً في أصل ديانتهِ حتى النخاع، ولكنّ تنصَّرَ لأمرٍ ما، يعرفُهُ الذين قرأوا سيرة ابن سبأ، وكيف ترك اليهودية وأعلن الإسلام ؟ ليكون أولَّ ضحاياهُ مقتلُ الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، وما أعقبهُ من الفتنِ المتلاطمة، التي لا يزالُ العالم الإسلامي يعاني ويلاتها وآثارها إلى اليوم !

فما تنصّرُ اليهودي يوحنا الثاني إلاَّ امتدادٌ للعبةِ السبئِيةِ نفسها، وإن تغيرت الأدوارُ أو تنوعت خشبات المسرح، ولا أدلُ على ما نقولُ من سردِ الحقائق التالية:

أصدرَ الفاتيكان في عام 1960م وثيقةَ تبرئةِ اليهود من دمِ المسيح، وكان لهُ أكبرَ الدور في صدورِ الوثيقة، وإن كُنَّا كمسلمين نعتقدُ حياة المسيح عليه السلام ولا نؤمنُ بصلبه.


في عام 1994م أقامَ علاقاتٍ دبلوماسيةٍ بين الفاتيكان وإسرائيل، بعد أن سبقَ ذلك اعترافٌ بدولة اليهود عام 1982م.

كان أولُّ بابا يزورُ معبداً يهودياً في روما عام 1986 م.

زار إسرائيل عام 2000م، وكان من ضمنِ زيارتهِ التوجه إلى نصبِ ضحايا "الهولوكست"، وهي مذبحة اليهودِ على أيدي النازية إبّان الحرب العالمية، ليوبخَ نصارى العالمِ كلهم على جرائمهم ضدَّ اليهود، ويطلب منهم الاعتذار، ومن اليهود الصفح والغفران !!

كما زار جبل سينا، وأقام " قداسا " في دير سانت كاترين، حيث دعا إلى وحدةِ الأديان وحوارها !


دعا إلى اعتبار القدس عاصمةً أبديةً لليهود، وهو ما يُفنِّدُ دعواته الخادعةِ إلى السلام، والإخاء، والحوار والتسامح، وإلاَّ فهو يعلمُ كم في اعتبار القدس عاصمةً يهوديةً خالصة، من إثارةٍ لمشاعر المسلمين، وتهميشٍ لحقوقهم !

ولا عجب من هذه الخدمات الجليلة المقدمة لليهود، ما دام الرجل يهودياً، تمكن من القفز بعد تنصرهِ إلى رأس الهرمِ البابوي.

بل لأول مرةٍ منذ 500 سنة، يرتقى شخصٌ من خارجِ إيطاليا إلى منصب بابا الفاتيكان، وهو ما يؤكدُ نظريةَ المؤامرةِ في هذه اللعبة الصبيانية !


3) دعوته إلى حوار الأديان
كانت دعوات البابا إلى حوار الأديان، تتوالي تباعاً سيما إبّان زيارته لإسرائيل عام 2000م، أو زيارتهِ لسوريا عام 2001م، حيثُ دخلَ المسجد الأموي في محاولةِ إظهار حسن النوايا، وبعد أن حققَ لليهودِ كلّ ما يُريدون في مقابلِ عباراتٍ معسولةٍ للمسلمين، تنتهي حلاوتها بتلفظِ آخر حرفٍ منها !!

وقد لعب البابا بورقةِ التسامحِ ونسيان الماضي، لتحقيق أمنيتهِ في حوارِ الديانات، لدرجةِ أنّه زار ( محمد أغا ) في سجنه، عقب محاولتهِ قتلَ البابا عام 1981م وسامحهُ ودعاهُ إلى أن يصلي من أجله !!

وكل ذلك لتحسين صورته أمام الجماهير، في وقتٍ كان يأكلهُ الحقد والحسد لكلِّ ما يُمت للإسلام بصلة، وصدق الله إذا يقول : {وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ } [آل عمران:119].

وصدق حيث يقول: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة:82].

وللأسف الشديد، رددّ " الببغاوات " من ( شيوخِ ) الأمةِ قبل عوامها تلك الدعوات الهدَّامة، وترجموها بالفعلِ إلى ندواتٍ ومؤتمراتٍ ولقاءات ، نبرأُ إلى الله من مشروعيتها، وسفه القائمين عليها !

ولم العجبُ إذا كان سيد طنطاوي يقول: "أدعو الله أن يشفيه ويعافيه، فهو صاحبُ عقلٍ سليم، وخلقٍ كريم يُؤدي واجبهُ رغم المرض ، ولا يتمسكُ بها إلاَّ من أعطاهم الله صدر العزيمة والإخلاص، وصدق النية في العمل !!"


وختاماً..

نحذِّرُ كلّ مسلمٍ من التعاطفِ مع هذا الطاغوت الأكبر، أو إحسان الظنِّ به، فضلاً عن الدعاءِ له، أو اعتقاد مغفرة الله له، وقد مات نصرانياً كافراً !!

وأمَّا أولئك الشيوخ المتاجرون بثوابتِ الأمة، ومن آ كدها أصلُ الولاءِ والبراء، فنقول : اتقوا الله في عوام أمتكم، فقد صلّى بعضهم للبابا، وأجهش آخرون بكاءً عليه، والله المستعان .

Editorial notes: رغم مرور الحدث الذي يتعرض له المقال فضلنا إعادة نشره للعظة والاعتبار.
المصدر: موقع صيد الفوائد