حوار خالد مشعل في حوار خاص مع البيان - الدولة الفلسطينية لن تأتي إلا عبر الجهاد والمقاومة

ملفات متنوعة

الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية
(حماس)، قامة عملاقة من قامات القضية الفلسطينية، ورمز من رموز الجهاد
والعطاء والتضحية، تميز خطابه السياسي بالقوة والأصالة...

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -



الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قامة عملاقة من قامات القضية الفلسطينية، ورمز من رموز الجهاد والعطاء والتضحية، تميز خطابه السياسي بالقوة والأصالة، وأصبح عَلَماً بارزاً على وضوح الرؤية وصفاء التوجه.

ويسعدنا في مجلة البيان أن نجري معه هذا الحوار:
البيان: ماذا بعد (أنابوليس) والآمال التي عُقِدت عليه من المشاركين، والموقف بشأن ما صدر عنه من قرارات؟

مشعل: نحن في حركة حماس، وأعتقد كذلك غالبية القوى الفلسطينية، كان لنا موقف واضح من مؤتمر (أنابوليس)، بأنه ليس جاداً، وأن أمريكا ليست منشغلة بهموم الأمة، ولا حتى بالصراع العربي الصهيوني، وهي معنية فقط بأمن الصهاينة وبأولويات أخرى في المنطقة، خاصة في ظل هزيمتها المنكرة في العراق. وهذا الاهتمام المفاجئ جاء بصورة مريبة من طرف الرئيس بوش من أجل تكريس الانقسام الفلسطيني بعد أحداث حزيران الماضي في غزة.

باختصار: أمريكا ليست جادة ولا تملك الإرادة لكي تجبر الكيان الصهيوني على احترام الحقوق الفلسطينية العربية، ولذلك لا نتوقع شيئاً من (أنابوليس)، وأعتقد أن العرب حتى الذين حضروا (أنابوليس) مصابون بخيبة أمل من ذلك المؤتمر.
البيان: جرى اتفاق بين حكومة أولمرت وحكومة عباس حول إحياء عملية السلام المجمدة والسعي لإيجاد تسوية سلمية بحلول نهاية عام 2008م؛ فهل ترون ذلك ممكناً؟ وهل هذا هو وقت السلام حقاً؟

مشعل: لا يمكن حصول السلام المزعوم؛ لأن الموقف الصهيوني واضح؛ فأولمرت متمسك بلاءات شارون التي أعلنها منذ سنوات (لا للقدس، لا لحق الــعودة، لا لتفكيك الاستيطان، لا لحدود 67)، فماذا بقي من وعد بوش في الدولة الفلسطينية؟

الحقيقة أن هذا كله استنـزاف لمعنويات الأمة واستنـزاف للوقت واستنـزاف للحقوق، وذلك مجرد علاقات عامة المستفيد الأول منها أولمرت وبوش لا غير. أمَّا نحن- الفلسطينيين والعرب- فخاسرون في هذه المفاوضات العبثية، وأولمرت قال عن موضوع التوقيت بعد (أنابوليس): ليس بالضرورة أن ينتهي التفاوض وينتهي الاتفاق على تسوية مع نهاية عام 2008م؛ فكل شيء يتنصلون منه؛ لأنه- كما قال الهالك رابين-: لا مواعيد مقدسة؛ فالصهاينة لا مواعيد مقدسة عندهم، ولا وعود مقدسة لهم. قال ربنا- تبارك وتعالى-: {أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ} [البقرة:100]، فهذا هو السلوك الصهيوني على مدار التاريخ.
 


البيان: افتتح بوش مؤتمر (أنابوليس) بكلمات منها: "أن علينا أن نحقق الانتصار على المتطرفين الذين يسعون لفرض رؤيتهم على الشعب الفلسطيني" وحذّر من نشوب حرب إذا سيطرت هذه (الرؤية)! وطالب الفلسطينيين (بتفكيك البنية التحتية للإرهاب)؛ فما الملامح التي ترون أن السياسة الأمريكية ستسير عليها تجاه المقاومة الفلسطينية ولا سيما تجاه حماس؟

مشعل: كان اجتماع (أنابوليس) مركِّزاً على عنوانين فقط وفق الرؤيا الأمريكية الصهيونية، ويشغلان الذهنية الأمريكية والصهيونية:
أولاً: الحرب على الإرهاب، أي: الحرب على المقاومة.
وثانياً: دعوة العرب إلى التطبيع المجاني مع الصهاينة.

هذا ما يشغل الصهاينة والأمريكان، فلا يشغلهم الاحتلال لأرضنا، ولا المعاناة الفلسطينية، ولا المعاناة العراقية، ولا معاناة الأمة جمعاء، ولا حتى استرجاع الحقوق العربية والفلسطينية. وعلى ضوء هذه الحالة، كان التركيز الأمريكي اليوم، سواء في (أنابوليس) أو بعد (أنابوليس) أو في جولة بوش للمنطقة، منصبّاً على الدعوة إلى الحرب على المقاومة الفلسطينية وعلى سلاح المقاومة وحماس. ولذلك حشروا المقاوم الفلسطيني في الضفة الغربية في تطبيق خارطة الطريق. وخارطة الطريق فيها شق أمني، يعني: ضرب المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها، وملاحقة المجاهدين واعتقالهم، وضرب ما يسمى بالبنى التحتية للمقاومة، حتى وصلوا إلى إغلاق لجان الزكاة والمؤسسات الخيرية والاجتماعية والبلديات وغيروا هيئاتها الإدارية. هم ينفذون كل ما هو مطلوب أمريكياً وصهيونياً، مما يدمر بنية المجتمع الفلسطيني، ويضر بالنسيج الاجتماعي والوطني الفلسطيني، فهذا هو العنوان الأكبر (الحرب على الإرهاب).

من هنا نقول: على العرب والمسلمين أن يدركوا خطورة ما يجري، وخطورة هذه اللعبة المضللة، لعبة التسوية، أو لعبة (أنابوليس)، ولعبة المفاوضات؛ لأنها تخفي في طياتها خطراً شديداً وهو الحرب على المقاومة، وإعلان الحرب على الشعب الفلسطيني، وتشديد الحصار على غزة. ولذلك ماذا فعل أولمرت بعد (أنابوليس)؟ وسّع الاستيطان في الضفة الغربية لا سيما في القدس، ومضى في سياسته في تهويد القدس والحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك، وشدد الحصار على غزة، وشدد العدوان والاجتياحات عليها، والمجازر متوالية كما رأينا في مجزرة حي الزيتون.
 


البيان: قلتم: "إن الرئيس (محمود عباس) لا يملك التفويض لإدارة مفاوضات من هذا النوع. لكن، ألا ترى أن الكثير من هذه التصريحات اصطدمت في النهاية بالأمر الواقع، وأُقِرت مشروعات واتفاقات كبيرة وكثيرة رغماً عن الشعب والمعارضين لها؟
 

مشعل: أولاً: الحقيقة أن محمود عباس ليس موكّلاً بالتفاوض؛ لأن الاتفاق الذي جرى في وثيقة الاتفاق الوطني بيننا- نحن الفلسطينين والقوة المقاومة عام 2006م- كان توافقاً مرتبطاً بشروط معينة وبضوابط ومحددات معينة، وقد تنصّل منها (محمود عباس) بعد حالة الانقسام الفلسطيني، ومن ثم هذه تصبح ساقطة ولا أحد يلتزم بها. هذا من حيث القانون، لا سيما في ظل تعطيل المجلس التشريعي، وغياب مؤسسات منظمة التحرير المهمشة ديمقراطياً والمعطلة، وتستخدم اليوم استخداماً. إذن ليس هناك اليوم مرجعية في الساحة الفلسطينية يحتكم الفلسطينيون إليها في ظل الانقسام الفلسطيني، هذا من حيث المبدأ والقانون.
 


أما من حيث الواقع السياسي؛ فلا يعقل أن ينفرد أحد في الساحة الفلسطينية بالمفاوضة على الحقوق الفلسطينية في ظل الانقسام الفلسطيني، هذا لا يحدث في أي دولة في العالم؛ لأن أي قيادة تفاوض أو تتحرك سياسياً أو دبلوماسياً تستند إلى وحدة وطنية، حتى عدونا الصهيوني عندما تقوم الحكومة الصهيونية (ولو كانت مشكلة من حزب أو حزبين) بقضايا مصيرية؛ فإنها تعود إلى مجمل القوى الصهيونية بما فيها المعارضة، وتعود إلى الكنيست، وتعود أحياناً إلى الاستفتاء؛ فكيف يتجرأ طرفٌ ما في الساحة الفلسطينية لكي يستغل الانقسام الفلسطيني في الهرولة بعيداً نحو التفاوض مع العدو الصهيوني، وهو ضعيف لأنه لا يستند إلى الوحدة الوطنية، ولا إلى صف وطني موحد في الساحة الفلسطينية؟ فإذن هذا ليس مقبولاً بالقانون، ولا بالمنطق السياسي، ولا بالواقع، ولا بتجارب الشعوب الأخرى. أما أن هذا الذي نقوله يصطدم بالأمر الواقع فهذا صحيح.

ولكن هذه هي المغالَبة؛ فمَنْ قال إننا نتحرك على أرض مفروشة بالسجاد أو بالورود؟ نحن نتحرك في واقع صعب، والحياة مغالَبة، ولكن انظر إلى السنوات الماضية ما محصلتها؟ المغالَبة الفلسطينية التي تقوم بها حماس وقوى المقاومة دائماً- بفضل الله تعالى- تمنع التفريط وأي تسويات ظالمة ومجحفة، وتمنع أي مؤامرة أمريكية أو صهيونية من أن تُفرَض على شعبنا، أو على قضيتنا أو أُمتنا.

فهذا يدل على أن مغالَبة الشعب الفلسطيني مؤثِّرة. نعم! قد تحاول أمريكا أن تعطي الشرعية لطرفٍ فلسطيني ما مثل محمود عباس، وأن تدعمه بالمال وبالسلاح وبكل شيء، وأن تتنكر للديمقراطية الفلسطينية ولنتائج الانتخابات الفلسطينية، لكن ماذا ستفعل بعد ذلك؟ ستقف عاجزة، فمواقفنا ودفاعنا عن حقوق شعبنا وإعلاننا عن مواقفنا الواضحة، وتمسكنا بحقوق شعبنا وبالمنطق الوطني وبخيار المقاومة، والتمسك بأرضنا الفلسطينية ومقدساتنا؛ في النهاية سينحاز الشعب لها. وفي النهاية ينكشف الطرف الآخر، ومن ثم لا شيء يتحقق.

انظر: منذ مدريد عام 91 إلى الآن، 17 عاماً- بفضل الله تعالى- على الرغم من كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية فلم تفلح، على الرغم من تفوق أمريكا وتفوق العدو الصهيوني، ودعمهم لبعض الأطراف في المنطقة، ولماذا ذلك؟ لأن قوى الممانعة، وقوى المقاومة، وقوى الجهاد، وقوى الأصالة الوطنية الفلسطينية- بحمد الله- على الرغم من اختلال ميزان القوى؛ دائماً ما تفلح في منع تصفية القضية، وفي إفشال كل المؤامرات.
 


البيان: ما استشرافكم لمستقبل حكومة (هنية) في ظل استمرار الحصار؟ وهل لهذه الحكومة مقومات البقاء مع استمرار ذلك الحصار؟

مشعل: هذه الحالة غير طبيعية، ولا نزعم أن هذه اللحظة طبيعية. نحن لا ندعو إلى وجود حكومتين: حكومة في غزة للأخ (إسماعيل هنية)، وحكومة أخرى في الضفة الغربية؛ فحكومة إسماعيل هنية هي الحكومة الشرعية؛ لأنها امتداد لحكومة الوحدة الوطنية التي أخذت الموافقة والتأييد من المجلس التشريعي المنتخب. أما حكومة (سلام فياض) في الضفة الغربية؛ فهي حكومة غير شرعية؛ لأنها لم تأخذ اعتماداً من المجلس التشريعي، بل عطلوا المجلس التشريعي، ثم هي جاءت بطلب أمريكي، وهذا يعني أنها معتمدة أمريكياً؛ ولذلك فهي حكومة غير شرعية. ومع ذلك نقول: هذه الحالة غير طبيعية، ونحن ندعو أن تكون هناك سلطة واحدة وحكومة واحدة، ومن ثم فالوضع الذي تتحرك فيه حكومة الأخ إسماعيل هنية في غزة هو وضع مؤقت اضطراري وليس هو الوضع الطبيعي والدائم. ونحن حريصون على إعادة اللُّحمة الوطنية الفلسطينية ومعالجة الانقسام الفلسطيني لنصل إلى حكومة واحدة وسلطة واحدة، ولكن على أصول صحيحة، بعيداً عن الفساد والدكتاتورية، إلى أن يُحَلَّ هذا الإشكال. وحكومة الأخ إسماعيل هنية تقوم بواجباتها في خدمة الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته.
 


البيان: هل أنتم راضون عن الموقف الشعبي العربي من القضية الفلسطينية الآن مقارنة بما كان عليه أيام الانتفاضة؟

مشعل: ثقتنا بشعوبنا ثقة كبيرة؛ لأن الله- تعالى- قال لنبيه- صلى الله عليه وسلم-: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْـمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:٢٦]، فنحن لا نستغني عن نصرة أمتنا بعد نصرة الله- تعالى-، ولكننا نعذر أمتنا، ونعذر الشعوب؛ لأنها مغلوبة على أمرها. شعوب الأمة لديها الكثير من الصدق والمشاعر الفياضة، والحرص على الانخراط في معركة فلسطين؛ معركة الشرف، معركة الإيمان، معركة القدس والأقصى، ولكن يحول بين شعوب الأمة وبين أداء هذا الواجب حالةُ الانقسام العربي، والضعف العربي، وسطوة النظم بشكل عام، وتأثيرات الضغوط الأمريكية على المنطقة.

لعلِّي أقول: إن بعض الحكومات العربية ترغب أن تكون دائماً في خدمة الشعب الفلسطيني وصموده، وهي تحاول، ولكن لا شك أن هناك ضغوطاً وتهديدات أمريكية تؤثر على المنطقة. لذا، نحن ثقتنا بأمتنا ثقة كبيرة، لا سيما الشعوب بكل مكوناتها: من جماهير، ومن علماء، ومن نخب، ومن قيادات متنوعة، وما زلنا نتطلع إلى الدور المنتظر من هذه الأمة.
 


البيان: كيف ستتعاملون مع مقررات (أنابوليس) وما سيتبعه من إجراءات لاستئناف مفاوضات السلام المزمع بإقامة دولتين: فلسطينية وأخرى للصهاينة؟ وهل ستقفون ضد مشروع قيام دولتين في المنطقة؟ ولماذا؟

مشعل: أولاً: مؤتمر (أنابوليس) لن يقود إلى دولة فلسطينية، فالمكتوب واضح من عنوانه، فهذه مجرد وعود؛ لأنها لا مصداقية لها.

ما قيمة وعد بوش في الدولة الفلسطينية إذا كان قد تجاوب مع الرؤى الصهيونية؛ كرؤية شارون سابقاً ورؤية أولمرت حالياً في وضع لاءات أربع (لا للقدس، لا لحق العودة، لا لحدود 67، لا لتفكيك المستوطنات)؟ ماذا بقي من الدولة؟ حكومة العدو ترفض قيام دولة على حدود الـ67 وأمريكا بالسلوك العملي تناقض قيام مثل هذه الدولة، ومن ثم فنحن لا نتوقع مفاوضاتٍ ما بعد (أنابوليس). ووفق مقررات (أنابوليس)؛ سوف تقود إلى رؤية فلسطينية، لذلك هذا ليس مطروحاً.

الدولة الفلسطينية لن تأتي إلا عبر الجهاد والمقاومة، وعبر إجبار الصهاينة على الرحيل عن أرضنا الفلسطينية المحتلة؛ حقوقنا سننتزعها انتزاعاً؛ فالمفاوضات القائمة مفاوضات عبثية؛ لأن المفاوضات إذا لم تستند إلى مقاومة وقوة فلا فائدة منها، ولذلك قال الله- عز وجل-: { وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا } [الأنفال:١٦]، وعدونا لم يجنح للسلام؛ فكيف نتهالك على ما يسمى بالسلام؟

السلام لا يُصنع إلا تحت ظلال السيوف وظلال المقاومة والبندقية، هذا هو سلام العزة والكرامة الذي يصنع السلام الحقيقي، والسلام الحقيقي هو القائم على إنهاء الاحتلال وإنهاء الظلم، وعلى تحقيق العدل الحقيقي الكامل للشعب الفلسطيني.
 


البيان: "غزة لم نأخذها حتى نعيدها" هكذا قلت عندما رفض الرئيس (عباس) أي حوار قبل أن تعيد حماس قطاع غزة، فماذا يُعد تصرُّف حماس بشأن غزة؟

مشعل: أنا أؤكد ما قلته سابقاً: نحن لم نأخذ غزة بعيداً عن الضفة؛ لأن غزة والضفة وحدة واحدة، وهي جزء من أرضنا الفلسطينية الحبيبة التي نتمسك بها وبحقنا فيها. ولكن الذي جرى في حزيران يونيو في العام الماضي في غزة؛ هو حالة اضطرارية دافعنا فيها عن شعبنا وأنفسنا وشرعيتنا، فنحن لسنا على هامش الشعب الفلسطيني، ولسنا مجرد معارضة، نحن جزء من السلطة وجزء من الشرعية الفلسطينية؛ فالشعب انتخبنا. ونحن الأغلبية في المجلس التشريعي؛ شكّلنا الحكومة الأولى برئاسة الأخ إسماعيل هنية وكانت حكومة لحماس خالصة، ثم بعد اتفاق مكة شكّلنا حكومة الوحدة الوطنية كذلك برئاسة الأخ إسماعيل هنية وبمشاركة فتح والكثير من القوى الفلسطينية؛ فنحن الشرعية، وعندما تأتينا فئة مارقة انقلابية تستعين بالعدو الأجنبي (العدو الصهيوني) أولاً ثم بالأمريكان: مالاً وسلاحاً وتدريباً وتحريضاً وإرشاداً وأجندة، وتنقلب علينا، وتعيث فوضى وفساداً في غزة والضفة الغربية، وتشرعن الفوضى، هؤلاء شكّلوا أمراء للحرب، ثم كما سعوا إلى الانقلاب على حكومة حماس الأولى كذلك سعوا للانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية التي تأسست بعد اتفاق مكة، وخططوا للانقلاب على اتفاق مكة بتأييد وتشجيع من الأمريكان والصهاينة، وتحت تعليمات الجنرال (دايتون)، وسخروا عشرات الملايين من الدولارات، ونمتلك معلومات بشأن ذلك.

لقد شرحتُ للقيادة السعودية الكريمة مَنْ الذي تآمر على اتفاق مكة، وكيف جرت الخطوات، وحذّرنا من ذلك مراراً، ولكن المحذور وقع، فأرادوا أيضاً أن ينقلبوا على حكومة الوحدة الوطنية، وقد تصدت لهم الحكومة الشرعية الفلسطينية، ومن ثم حصل الذي حصل.

فنحن قمنا بخطوة اضطرارية دفاعاً عن أنفسنا وعن شعبنا وعن شرعيتنا، وقلت للزعماء العرب: ماذا تفعل أي حكومة في الدنيا حين تحاول مجموعة مّا أن تنقلب عليها؟ هل هناك حكومة تتفرج على نفسها؟ هناك حكومات في العالم غير شرعية وغير منتخبة، ومع ذلك تدافع عن نفسها أمام أي مجموعة انقلابية؛ فكيف بحكومتنا الشرعية والمنتخبة؟!
 


البيان: التمويل أحد أخطر أسباب الاستمرار ولا سيما عندما يصل المجاهد إلى مرحلة استلام السلطة أو بعض منها، وقد قنّنت أمريكا وحلفاؤها حصارها المالي على حماس والمسلمين في كل أصقاع الأرض. فكيف تستمر حماس؟ وما مصادر التمويل؟

مشعل: بالنسبة لنا في حركة حماس؛ الله- تبارك وتعالى- تفضّل علينا ومنّ علينا بدعم شعوب الأمة الخيرة، مما أغنانا عن أن نطلب من أحد من الدنيا، وهذا يدل على أصالة هذه الأمة. فالخيِّرون- ولله الحمد- في الأمة من الأغنياء والتجار ورجال الأعمال وأصحاب الأموال ما قصَّروا في دعمنا طوال العشرين سنةً الماضية، وهذا من فضل الله- تعالى- نعمة كبيرة؛ لأنها تجعلنا دائماً أحراراً لا نخضع لابتزاز أحد من دول العالم، وتجعل قرارنا دائماً حراً مستقلاً يدور مع مصلحة شعبنا وحق أمتنا في فلسطين، دون أن يرتبط بأي أجندات هنا أو هناك، وهذا من فضل الله عز وجل.

وهذه الاستقلالية هي جزء من شخصية حماس وسوف تحافظ عليها إلى أن تنجز أهدافها وإلى أن نلقى الله، سبحانه وتعالى. لكن كما أشرتم في سؤالكم، عما يتعلق بالشعب وما يتعلق بوجودنا في السلطة؛ فإن هذا- بلا شك- يفرض علينا أعباء كبيرة.



أما الشعب؛ فحماس قبل أن تصل إلى السلطة كانت في خدمته؛ فمنذ أن انطلقت حماس، فإن أحد مشروعاتها الرئيسية- كان وما يزال- هو العمل الاجتماعي والخيري والإغاثي، وبناء المؤسسات، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في كل مجالات الحياة: في مجال التعليم، ومجال الصحة والعلاج، والرعاية العامة، وتشغيل الأيدي العاملة، ورعاية الأسر الفقيرة والأيتام والمحتاجين، ومجال رعاية الفقراء وخدمة المجتمع في كل شؤون حياتهم، وهذا بشهادة القريب والبعيد والعدو والصديق.

ولم يكن لحماس في هذا المال إلا دور اليد الأمينة التي تنقل المال من الأيدي الخيرة إلى المحتاجين في فلسطين.ولأن الأمة- بحمد الله- تثق بحماس؛ فقد كانت تعطيها المال وهي مطمئنة، وكانت حماس دائماً عند حسن الظن في نظافة اليد والنزاهة والأمانة، وكانت توصل المال إلى أبناء الشعب الفلسطيني المحتاجين. وبعد أن أصبحنا في السلطة لا شك أنّ المسؤولية تضاعفت؛ لأننا أمام مسؤولية سلطة ومسؤولية حكومة، وهذا يحتاج إلى دعم شعبي ورسمي.

وأنا أقول: الأمة لم تبخل علينا حتى على المستوى الشعبي في الماضي، والشعب الفلسطيني دائماً يحظى بدعم أمته رسمياً وشعبياً منذ بداية القضية الفلسطينية عام (1948م)، ولكن بسبب الضغوط والملاحقة الأمريكية لكل قنوات التحويل المالي، وتحت شعار حربها الشعواء على ما يسمى بـ(الحرب على الإرهاب) و(تجفيف ينابيع العمل الخيري)؛ فقد تضررت مصالح الأمة ليس فقط في فلسطين. ولا شك أنه قد زاد الأمر صعوبةً علينا، ولكن لا زال في الأمة بقية خير. هناك دول أعطت حكومة حماس الأولى وحكومة الوحدة الوطنية دعماً رسمياً إضافة إلى الدعم الشعبي، مما ساعد على القيام بالواجب، ولكن بعد شهر حزيران/ يونيو الماضي، وفي ظل حصار غزة وإعلان الحرب على حماس؛ فلا شك أن الظروف صعبة وقاسية.

ولكني أقول لكم: نحن صامدون ومتوكلون على الله- سبحانه وتعالى-، ونعرف سياسة الأعداء؛ فهم يطبقون قاعدة تحدث عنها القرآن الكريم: { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا } [المنافقون:٧]، ولكن إيماننا بالله كبير: { وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْـمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ } [المنافقون:٧]. نحن واثقون أن المال هو مال الله، والله- سبحانه وتعالى- لا يتخلى عن عباده، وكما قال- سبحانه-: { وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: ١٤١].

نحن نسير في الطريق الصحيح؛ فنحن ندافع عن هذا الشعب وعن أرضنا المباركة، ومتمسكون بحقنا، ولا يمكن أن نخضع أو ننكسر أو نفرط، نتوكل على الله- عز وجل- ونأخذ بالأسباب، ونحسِّن الاجتهاد والسعي ونطرق جميع الأبواب، ولكن بعزة وكرامة؛ من أجل شعبنا، ومن أجل قضيتنا، فلا نقبل مالاً مشروطاً على الإطلاق، فنحن قادرون على الصمود. لكني أعتقد أن واقع غزة تحت الحصار يحتاج إلى التفاتة من الأمة رسمياً وشعبياً. لذا، فإن هذه دعوة للأمة من خلال مجلتكم الغراء؛ حتى تنفق علينا، وحتى لا تجعل الشعب الفلسطيني عرضة لهذا الحصار الظالم ولهذا الابتزاز الدولي.

وأما الأموال التي أُعطيت في باريس؛ فهذا مال سحت حرام لا يذهب للشعب الفلسطيني. إن (7.4) مليارات دولار التي وُعِدت بها السلطة في باريس هي مال مشروط من أجل ملاحقة المقاومة ونزع سلاحها، وتطبيق الشق الأمني من خارطة الطريق، لكنه لا يذهب إلى أهلنا في غزة ولا إلى أهلنا في الضفة، حتى إن شرائح مهمة من شعبنا في الضفة لا تستفيد من هذا المال، وغزة لا تستفيد من هذا المال، فهذا مال يذهب إلى الأجهزة الأمنية وإلى ضرب المقاومة، وهذا مال سحت، مال يخدم العدو ولا يخدم الشعب الفلسطيني.

 

البيان: أمتنا الإسلامية في مختلف حكوماتها السياسية المتباينة والاتجاهات الحزبية المختلفة أصبحت حماس نظراً لهذا الواقع محل اتهام بشأن علاقتها مع هذه الجهة أو تلك. ما تقويمكم لتلك العلاقات المختلفة مع الجميع في ظل التعليقات المعادية لحماس من شتى وسائل الإعلام؟

مشعل: لدينا علاقات مع جميع أطراف الأمة؛ لأننا حريصون على توحيد الأمة على قضية فلسطين. ونحن حركة تقاتل احتلال أرض فلسطين وتدافع عن مقدسات الأمة في فلسطين، وتطلب النصر- بعد الله سبحانه- من الأمة كلها. نحن نعرف أمتنا جيداً، ونعرف الخلافات الموجودة في الأمة، ونعرف ما بين الأمة في مذاهبها وطوائفها واتجاهاتها السياسية، ولكن في ظل وعينا لكل هذه الحقائق نحن نطلب الدعم من الأمة جميعاً دون أن ندفع ثمناً لأحد ودون أن نكون تبعاً لأحد.

نحن أعز ما نعتز به بعد إيماننا بالله- تعالى- هو عزتنا وكرامتنا واستقلاليتنا، ولذا ينبغي على الأمة أن تثق بحماس وحسن اجتهادها وحسن اختيارها، وفي وقوفها عند الحق، وفي انفتاحها مع الجميع في ظل وعيها وحرصها على وحدة الأمة، وفي ظل استقلالية قرارها دون أن تكون تبعاً لأحد لا شرقاً ولا غرباً، وعلاقاتنا مع كل القوى في الأمة بما في ذلك حزب الله. هناك علاقات سياسية وتواصل مع الجميع؛ ولكن كل يقاتل في ساحته. نحن لا نقاتل من خلال حزب الله؛ فحزب الله يقاتل في جنوب لبنان وله ساحته المعروفة، ونحن ساحتنا داخل فلسطين؛ فلا تقاطع في الساحات؛ كلٌّ يقاتل في جبهته وكل يقاتل بطريقته.



البيان: ملف الفلسطينيين في العراق من أكثر الملفات مأساوية سواء في الداخل أو الخارج، ولم يُتَّخَذ أي تحرك ذي بال لإنقاذ الفلسطينيين من أنياب الميليشيات الطائفية. أليس في هذا تقصير بشأن بقائهم على الحدود (العراقية السورية الأردنية) عالقين منذ سنوات؟

مشعل: نحن في حركة حماس اجتهدنا من اللحظة الأولى أن نؤدي واجبنا. أولاً: تواصلنا مع أهلنا اللاجئين في العراق وتفقّدنا أحوالهم، وقدّمنا لهم مساعدات، وساعدناهم على إنشاء مؤسسات خيرية ودعمناها بالمال عن طريق أهل الخير، هذا في الفترة الاولى بعد احتلال العراق. ثم لما بدأ الظلم يصيبهم، ولما بدأ القتل من الميليشيات الظالمة؛ حاولنا من خلال علاقاتنا السياسية أن نوفر لهم الحماية، لكن للأسف لم ننجح! واستمر القتل والإيذاء، ولذلك اضطررنا إلى أن نبحث مشروعاً آخر؛ وهو إيواؤهم في بلاد مختلفة.

وأنت تعلم، كما ذكرت في سؤالك، أنهم ذهبوا إلى حدود الأردن وسورية. ومن خلال علاقتنا بالإخوة في سورية عمِلنا على إدخال أعداد منهم إلى سورية. وأما العالقون على الحدود العراقية السورية فنحن نقوم بخدمتهم وتوفير كل ما يحتاجونه من مساعدة إلى أن نتمكن من نقلهم إلى ساحة إيواء آمنة.

طرقنا الأبواب العربية من أجل إيوائهم، وطرقنا كل باب لدى الحكومات العربية من أجل إيوائهم أو من أجل توفير الدعم لهم، وأن تكون هناك دول تأويهم في أرضها، ودول توفر الدعم المالي لنقل هؤلاء وإيوائهم وإسكانهم وتشغيلهم، ولكن للأسف كل هذه المشروعات تعثرت! فالمشروع الوحيد الذي يشغلنا بشأن إخواننا أن ننجح في إيوائهم في السودان، وقد استجابت الحكومة السودانية مشكورة.

وأنا بنفسي ذهبت إلى السودان وتكلمت معهم، ووافق الأخ الرئيس عمر البشير على ذلك، والآن نتابع كيف ننقلهم عبر سورية إلى السودان، ونجتهد في توفير المال من بعض الحكومات العربية وهو ما زال مالاً محدوداً حتى الآن، ولم نحصل على شيء محدد. وأنا وإخواني في الحركة نجتهد كي نحصل من خلال رجال الأعمال الفلسطينيين وغيرهم من أهل الخير على دعم مشروع نقل هؤلاء الناس ليعيشوا هناك حياة كريمة، ونرجو أن يُجري الله الخير على أيدينا؛ إنقاذاً لأرواح هؤلاء؛ وحتى نوفر لهم الحياة الكريمة التي يستحقونها بعد عشرات السنين من الهجرة والعذاب بعيداً عن الوطن الفلسطيني السليب.



البيان: الملاحظ أن الحكومة الصهيونية تقوم بحرب استئصالية للشعب الفلسطيني، والعالم يتفرج بدون أن يوقف العدوان الهمجي حتى من قِبَل الجهات الدولية المعنية بحماية السلام العالمي وبحقوق الإنسان. كيف تفسرون هذا العدوان القائم وتزايد العدوان في هذه الفترة، وبالذات على غزة على سمع العالم وبصره؟ وماذا ستفعلون بشأن عدوان المحتلين، وما يشيعه الإعلام المشبوه أن الشعب الفلسطيني ملّ من هذا الواقع وفقد ثقته بكم؛ فماذا تقول؟

مشعل: هذا التصعيد جزء من السلوك الصهيوني الدائم؛ فالدولة الصهيونية نشأت على القتل والاغتيال، وعلى التشريد والاغتصاب، وعلى الحصار، هذا سلوك صهيوني معروف، لكن هذا التصعيد يأتي- كما قلنا- بغطاء أمريكي أولاً، وبتشجيع من بوش الذي أطلق يد الصهاينة تفعل في غزة ما تشاء ثانياً. وهو يأتي في سياق سعي أولمرت لتقوية نفسه داخلياً في مواجهة خصومه السياسيين، ولمحاولة تقوية ائتلافه الحكومي من أن ينفرط، وليحاول أن يحتوي تقرير (فينوغراد) الذي سيصدر خلال أيام قادمة؛ حتى يظهر نفسه (صقراً) على حساب الشعب الفلسطيني ودمائه الزكية، وأيضاً يأتي في سياق ما يفعله وزير الحرب الصهيوني (باراك) الذي يتطلع إلى الرئاسة وإلى الانتخابات القادمة. وهكذا قادة العدو يستعرضون عضلاتهم دائماً من خلال الجرائم والمجازر ضد الشعب الفلسطيني، وأيضاً هذا ترجمة لـ(أنابوليس) والحديث عن تطبيق خارطة الطريق وعن نزع سلاح المقاومة.

وأيضاً يأتي في سياق حل عقدة غزة؛ لأن عدم قدرة محمود عباس وحكومته في رام الله على التأثير في غزة يجعله ضعيفاً أمام الضغط الصهيوني والأمريكي؛ فهي محاولة لمعالجة وضع حماس في غزة لإضعافها ولكسر إرادتها في غزة؛ والطمع في إلحاق غزة بمحمود عباس وجلبها إلى بيت الطاعة عبر نزيف الدم الذي يجري اليوم، وهذا أمر لن يفلحوا فيه ولن ينجحوا إن شاء الله.
الشعب الفلسطيني سيبقى يقاوم ويجاهد المحتلين، سواء وقف العالم معه أم لم يقف، وسواء قامت الأمة بواجبها أم لم تقم، وسواء قصرت أم لم تقصر، مع ثقتنا أن الأمة لن تقصّر في دعم الشعب الفلسطيني، إن شاء الله.
 


البيان: الواقع المؤلم المعاش في غزة، كيف الخروج منه؟ أو ما خطوات الخروج من ذلك الواقع البائس من خلال سياستكم التي تعملون وفقها؟

مشعل: أؤكد أن هذه السلطة سلطة استثنائية مؤقتة اضطرارية إلى حين أن نعيد اللُّحمة إلى الوضع الفلسطيني الداخلي، فكيف نخرج من هذه الحالة؟ رؤيتنا تقوم على عدة خطوات وعدة أمور:

الأمر الأول: الحرص على إعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية، ومعالجة الانقسام الفلسطيني، وهذا يكون عبر الحوار.
والتقصير ليس من طرفنا، بل من الطرف الآخر الذي يضع شروطاً مجحفة على الحوار، وهذا لن يحقق نجاحاً لأي مصالحة فلسطينية، ويستجيب للضغوط الأمريكية والصهيونية. والمطلوب من الدول العربية الكبرى وفي مقدمتها مصر والمملكة العربية السعودية: أن يكون لهم دور في هذا. هذا هو الأمر الأول: الحرص على معالجة الانقسام الفلسطيني، والذهاب إلى وحدة وطنية، وتوحيد الوضع الفلسطيني السياسي بكل مفرداته.

الأمر الثاني: تعزيز صمود الفلسطينيين، وهذا يحتاج إلى رفع الحصار عن غزة. نحن نعمل على خدمة شعبنا وتعزيز صموده وتخفيف معاناته، وندعو العالم شرقاً وغرباً أن يرفعوا الحصار عن غزة، وأن يُرفع الظلم عن الضفة الغربية من خلال تطبيق خارطة الطريق كما أشرنا؛ لأن تعزيز صمود الشعب الفلسطيني هو الذي يجعله قوياً أمام قوى الاحتلال.

الأمر الثالث: أن نرسم استراتيجية مشتركة يلتقي عليها كل الشعب الفلسطيني، ومن خلفهم الأمة العربية والإسلامية، قائمةً على التمسك بالحقوق الفلسطينية وعدم التفريط فيها، وأن نمتلك أوراق القوة، وأن نعزز خيار المقاومة، وأن نجبر العدو إجباراً أن ينسحب من أرضنا، وأن يعترف بحقوقنا، وأن نطلب الدعم من العالم كله، ولكن بعد أن نتوحد ونتمسك بحقوقنا ونتمسك بخياراتنا، وبخاصة خيار المقاومة، وألا نكتفي بالمفاوضات العبثية.



هذه رؤيتنا للحل، وهي رؤية واقعية لكنها ليست سهلة؛ لأن أي شعب يتعرض لاحتلال يعيش ظروفاً قاسية، فالاستسلام ليس هو الحل، والمفاوضات ليست هي الحل، والتسول على موائد اللئام ليس هو الحل. الحل هو الإيمان بالله والتوكل عليه، ثم الأخذ بالأسباب والتمسك بحقوق الشعب وبالمقاومة، وتوحيد الصف الفلسطيني والعربي على هذا الخيار. هذا هو الحل، وبعد ذلك الأمر لله- سبحانه وتعالى.

المصدر: عبد الله بدر العلوان - مجلة البيان