عنها . . جئت أبحث !!

فيصل بن سعود الحليبي

  • التصنيفات: التقوى وحب الله -

جئته شيخًا كبيرًا قد ألقى الله عليه حلل المهابة ، وزيّنه بالعلم ، وأحاطه الناس بمحبة وإجلال .

لا أدري كيف ارتميت بين يديه ! زاد قلبي في الخفقان ، بدأت أنفاسي تتسابق ..

لم يتفاجأ .. لم يتردد أن يسألني : ما شأنك ؟

فقلت له : جئتك باحثًا عن السعادة .

فقال : وما صنعت لها ؟

فقلت : تعلمت العلم ، وارتقيت به أعلى المناصب والدرجات ، وخضت غمار التجارة ، ففُتح عليّ بالأموال ، فجمعتها ، وأنفقتها فيما أستلذ وأشتهي ، وتنقلت في البلدان ؛ فرأيت الحضارات العظيمة ، والصور الجميلة ، والمناظر الخلابة ...

فقاطعني بقوله : ثم ماذا بعد .. !؟

فقلت : تزوجت أجمل النساء ، ورزقت بالأولاد ، وسكنت أبهى القصور ، وزينتها بالحدائق ، وأقمت عليها الخدم ، لا أعرف المرض ولا المرض يعرفني ..

فقال لي : وما حالك اليوم ؟

فقلت له : أستمتع بهذا كله .

فقال : وماذا تريد بعد هذا ؟

فقلت : أريد السعادة ؟

فذرفت عيناه ، ثم قرأ قوله سبحانه : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } .

فقلت : هذه التي أريد ..!

ثم استرسل ينشج في بكائه فقرأ قوله تعالى : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } .

فصرخت قائلاً : منها فررت .. منها فررت ...