الانتهاء في مراتب صيام عاشوراء

أحمد الجابري

الأولى والأفضل لنا: الاقتصار على ما ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم، بلا مغالاة أو زيادة أو توسع، فطالما أن الخبر لم يثبت عنه بصيام الحادي عشر: فلنقف عند ما سنه لنا، فهديه خير الهدي وأكمله، والله أعلم.

  • التصنيفات: التصنيف العام - ملفات شهر محرم -

شهر المحرم: فضائل وأعمال (7)

الحلقة السابعة: الانتهاء في مراتب صيام عاشوراء

 

قال الإمام ابن القيمرحمه الله – وهو يتحدث عن صوم عاشوراء:

فمراتب صومه ثلاثة:

أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم.

ويلي ذلك:أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث.

ويلي ذلك:إفراد العاشر وحده بالصوم.

ولنا هنا وقفة مع كلامه، فأما المرتبتان الأخيرتان: فلا إشكال فيهما، ودليلهما معروف.

أما الإشكال الآن:من أين أتى ابن القيم بصيام يوم الحادي عشر؟

والجواب قد صرح هو به بنفسه في بعض كتبه، وذلك انه اعتمد على حديث: «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يوما، وبعده يوما».

وفي لفظ: «صوموا قبله يوما أو بعده يوما» كذا جاءت على التخيير.

لكن كلا اللفظين جاء من طريق ضعيف الإسناد، بل من العلماء من يحكم بنكارة هذا المتن، لمخالفته ما هو أصح منه، أي ما جاء في صحيح مسلم، وهو قوله «لأصومن التاسع» دون ذكر لما بعد العاشر.

 فإذا ثبت أن الرواية التي اعتمد عليها ابن القيم كانت ضعيفة: عندها لا نثبت بها حكما، ويكون أكمل الهدي هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو صح عنه أنه ندب إليه أمته.

وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإمام أحمد أن هناك حالة في عاشوراء تصام فيها ثلاثة أيام، أي: التاسع، والعاشر، والحادي عشر؛ فما هي؟

قال الإمام أحمد:من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر، إلا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة أيام، ابن سيرين يقول ذلك. انتهى كلامه.

إذن فالعلة هنا من زيادة الحادي عشر: إدراك فضل عاشوراء، لأننا قد يختلط علينا أمر بداية الشهر، فللاستيقان نصوم يوما قبل العاشر، ويوما بعده، فنكون بذلك أدركنا فضيلة عاشوراء بلا شك.

وعلى تلك الرواية أيضا: فمن تيقن من الهلال، وبداية الشهر؛ فلا يندب له صوم الحادي عشر.

والخلاصة أيها الإخوة: أن الأولى والأفضل لنا: الاقتصار على ما ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم، بلا مغالاة أو زيادة أو توسع، فطالما أن الخبر لم يثبت عنه بصيام الحادي عشر: فلنقف عند ما سنه لنا، فهديه خير الهدي وأكمله، والله أعلم.

غدا أيها الإخوة، أعني في عاشوراء، يظهر لنا صورتان متناقضتان: طائفة تتبع، وأخرى تبتدع، الفوارق بينهما هو موضوع حديثنا في اللقاء القادم بإذن الله....