فساد التصورات

مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

ماذا لو أدركنا هذا المعنى الكبير لكتاب الله تعالى ( { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} ) وأن ذلك ليس في حفظ حرفه فحسب وإنما في فقه معناه !

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

 

د.مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد : 
عاش عبد الرحمن بن ملجم زمناً بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة وفي حدود عام عشرين للهجرة بعثه عمر رضي الله تعالى إلى مصر ليتولى تعليم الناس وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بعثت إليك عبد الرحمن وآثرتك به على نفسي وفي النهاية تبنى منهج الخوارج وبعد عشرين عاماً تقريباً حمل سلاحاً وقتل أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه وحين قبضوا عليه ليقتلوه قال لهم لا تجهزوا علىّ مرة واحدة بل قطعوني عضواً عضواً حتى أحتسب ذلك عند الله تعالى ! 
تخيّل ماذا يصنع فساد التصورات بصاحبه في النهاية !! 

إذا عرفت هذا فلن تستغرب هذه الحوادث التي يشنها هؤلاء الأحداث في وطنهم فيسفكون بها ومن خلالها الدماء ويقتلون الأبرياء ويعبثون بالأمن ففساد التصورات يصنع كل شيء ! 
السؤال المهم : 

كيف تتم المعالجة ؟ 
في ظني أن إثارة الوعي عن طريق الخطبة والرسالة ووسائل التواصل الاجتماعي مهم جداً ولكنه مجرد وسيلة لإثارة العقول والأفكار وحفز الناس على تبني مشاريع عملية تسهم في البناء حتى لا نتحوّل في النهاية إلى فقاعات في الهواء العابر دون تأثير . 

إن تأصيل مفاهيم الوحي في حياة الناس من أعظم المشاريع التي يجب أن تأخذ حظها من واقع الناس وكل تأخر في حركة هذه المفاهيم أياً كان عذره هو سبب في تفشي بيئات الجهل حتى تصبح هذه البيئات مساحات حاضنة للمفاهيم الخاطئة والتصورات السلبية والأوهام بامتياز ! 
إن من الوعي حين نصاب بمثل هذه الكوارث أن نسأل أنفسنا عن عدد أجيالنا الملتحقة بحلقات التحفيظ وعن دور هذه الحلقات في تعميق مفاهيم القرآن في نفوس الملتحقين بها وليس العكس فغالباً ما تسمع محاولة قصر هذه الأجيال على الحفظ المجرد لكتاب الله تعالى وكأننا نتعمد أن تبقى هذه الأجيال جاهلة بمراد الله تعالى منها فنتحمّل أوزار تخلفها في النهايات دون قصد ! 
ماذا لو أدركنا هذا المعنى الكبير لكتاب الله تعالى (
{ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} ) وأن ذلك ليس في حفظ حرفه فحسب وإنما في فقه معناه !

أجزم قائلاً : 
أن من أضخم الأسئلة التي تشكل نهضتنا القادمة وتوقف زحم هذه الحملات الإرهابية على بلادنا أن يسأل كل واحد منا نفسه عن دوره الفاعل وحركته الإيجابية الإصلاحية في مساحته الممكنة بكل ركائز الإصلاح الممكنة . 

عذراً لم نعد بحاجة إلى كثير من الأحاديث المستنكرة لهذه الحوادث بقدر ما نريد قدوات عملية تنزل للميدان وتشارك في البناء وتحمي وطنها من هيشات السفهاء !