المقدمة

سعيد بن علي بن وهف القحطاني

جعل عز وجل اسماءه ثلاثة أقسام:
1- قسم سمّى به نفسه، فأظهره لمن شاء من ملائكته أوغيرهم، ولم ينزل به كتابه.
2- قسم أنزل به كتابه، فتعرف به إلى عباده.
3- قسم استأثر به في علم غيبه، فلم يطلّع عليه أحد من خلقه.

  • التصنيفات: التفسير -
المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلَّم تسليماً كثيراً، أمّا بعد:


فقد طلب مني بعض المحبين للخير أن أختصر كتابي (شرح أسماء الله الحسنى)؛ ليستفيد منه عامّة الناس، ويُقرأ على المصلِّين بعد الصلوات؛ فأجبته لذلك، واقتصرت على شرح أسماء الله الحسنى، ومَن أراد الزيادة، فليرجع إلى الأصل.


ولا شك أن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تُحدُّ بعددٍ، فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، كما في الحديث الصحيح: «أسألك بكل اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك» (1)،

فجعل اسماءه ثلاثة أقسام:
1- قسم سمّى به نفسه، فأظهره لمن شاء من ملائكته أوغيرهم، ولم ينزل به كتابه.
2- قسم أنزل به كتابه، فتعرف به إلى عباده.
3- قسم استأثر به في علم غيبه، فلم يطلّع عليه أحد من خلقه ولهذا قال: «استأثرت به»، أي: انفردت بعلمه؛

وليس المراد انفراده بالتسمي به؛ لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه، ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: «فيفتح عليّ من محامده بما لا أحسنه الآن» (2)، وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته.

ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» (3)، وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسماً، من أحصاها دخل الجنة»  (4)، فالكلام جملة واحدة، وقوله: «من أحصاها دخل الجنة» صفة لا خبرمستقبل، والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة، وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها، وهذا كما تقول: لفلان مائة مملوك قد أعدّهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدّون لغير الجهاد، وهذا لا خلاف بين العلماء فيه (5).
واللهَ أسألُ أن يجعل هذا المختصر خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع به من انتهى إليه؛ فإنه تعالى خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلّى الله وسلّم، وبارك على نبيّنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أبو عبد الرحمن
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حُرّر في يوم الأربعاء الموافق 12/ 3/ 1427هـ
 



(1)- أخرجه أحمد، 1/ 391، وأبو يعلى، 9/ 198 - 199، برقم 5729، والحاكم،
1/ 509 - 510، وابن السني في يعمل اليوم والليلة، برقم 339 - 340، وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني، انظر: تخريج الكلم الطيب، ص 73.


(2)- أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم 193، 194.

(3)- أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم 486.

(4) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، برقم 2736، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، بابٌ في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم 2677، وقد شرحه ابن حجر في الفتح،
11/ 214 - 228، والحديث في آخره: ((وهو وتر يحب الوتر)).

(5)- بدائع الفوائد للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله، 1/ 166 - 167، وانظر أيضاً: فتاوى ابن تيمية، 6/ 379 - 382.