الأطفال بين خلافات الزوجين

أسوأ شيء يحصل بين أي زوجين أن يختلفوا، ليس لضرر الخلاف عليهم فحسب فكل البالغين يختلفون ويتضررون، ولكن لأن الضرر يمتد لأولادهم الصغار الضعاف، ولآثار هذا الخلاف عليهم.

  • التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - تربية الأبناء في الإسلام -
الأطفال بين خلافات الزوجين

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

أسوأ شيء يحصل بين أي زوجين أن يختلفوا، ليس لضرر الخلاف عليهم فحسب فكل البالغين يختلفون ويتضررون، ولكن لأن الضرر يمتد لأولادهم الصغار الضعاف، ولآثار هذا الخلاف عليهم.

 

علاقة الزوجين ببعضهما وعلاقة الأبوين بالأولاد متشابكة جدًا، والمختصين يقولون إن كانت العلاقة جيدة والحب متبادل بين الأبوين أثمر خيرًا في الأولاد، وإن كانت الأخرى أثمر شرًّا، وربما كان أثره في الأولاد لا يزول أبدًا، يؤثر في شخصية الولد ونموه ورؤيته للدنيا وعلاقته مع أبويه المجتمع وثقته بنفسه وثقته بمجتمعه، وتكثر الأمراض النفسية التي يتزعزع بها الولد في صغره وشبابه وحتى كهولته، وربما ارتكب جرائم قتل وسرقة أو كان ذا ميول إجرامية وتخريبية، وكثير من الدراسات التي أجريت على المجرمين كان أغلبهم أولاد آباء منفصلين، وبعضهم هجره أبيه وبعضهم نشأ في ملجأ وآخر نشأ في عراك دائم وخصام لا ينقطع بين الأبوين، فألقت هذه المشاكل بنارها عليه، فما زال يحترق بها وينشر فيحه فيمن حوله، وتجده في بعض الأمور يرى الأشياء بعقله اللاوعي فإن أبصر أبيه يضرب أمه يفعل مثله مع زوجته أو نساء أو الناس، والبنت ترضى بالظلم والضرب بشكل لاوعي وتكون بشخصية ضعيفة يسهل طعنها مرارًا، وكما قال الشيخ الحويني في حديث الشيطان حين يقرّب شيطانًا وسوس في الإنسان حتى طلق زوجته ولا يفعل مثله في من وسوس في آخر حتى ارتكب كبيرة، مع أن الأول مباح والثاني محرم، أن ذلك يرجع لعظم أثر الطلاق والشتات الأسري على الأطفال، وأنهم يكونون أدعى للضياع ولارتكاب الجرائم في حق أنفسهم وفي حق المجتمع، وهذه البيئات المشتتة لا تنشئ نفسًا سوية بل هي مهيئة لنشأة المرضى والمجرمين والضحايا، هي سبب كثرة المعاملات في المحاكم نسأل الله السلامة والعافية.

 

وبقدر الحب يكون الجفاء كما قالت الحكماء، وليت جفاء الأزواج يبقى عليهم بل يمتد لأولادهم، بطريقين: طريق غير مباشر لأنهم الأبوان فتأثيرهم قوي كما أسلفنا، وطريق مباشر باستخدام الأولاد لمضرة الآخر ورد المضرة، وهذا أشد جرمًا في الأولاد، فالأم تضرب ولدها ليتأذى الأب، والأب يعنفهم لينتقم من الأم، أو يقول لولده أمك فيها وفيها، وهو ينظر إليها كزوجة باغية عليه، ولكنها للولد الأم الحنون قدوته الأولى ومصدر كل خير في الدنيا في نظره، وغير ذلك مما لا يخفى، فالطلاق والخصام أثره عظيم جدًّا على الأولاد.

 

فالأولى أن يستعد الزوج والزوجة جيدًا قبل الزواج، أن يكونوا مؤهلين لخوض هذه الحياة وتحمل مسؤولياتها، ثم الاجتهاد في حل الخلاف بأفضل الطريق التي تناسب كل زمان وعرف، والدعاء والصلاة والطاعات لا يغفل عنها أبدًا ولها الأثر الأعظم في استقرار الحياة الزوجية، ومما قاله المتخصصين أن يبقى الخلاف بينهم ولا يطّلع عليه أي أحد، وإن أُلجئا إلى تدخل آخر فرجل حكيم عاقل لا يفشي سرًا ولا يحابي في نصيحة، والله الموفق.