امسك.. (عدو الهوية الإسلامية مختبئ في مجلس الوزراء)

خرجت التيارات الإسلامية في "29 يوليو" في جمعة "الإرادة الشعبية"، لتعبر عن نفسها، وتقول: "إسلامية.. إسلامية". وهو شعار متوافق تمامًا مع كل دساتير مصر ..

  • التصنيفات: مذاهب باطلة -


خرجت التيارات الإسلامية في "29 يوليو" في جمعة "الإرادة الشعبية"، لتعبر عن نفسها، وتقول: "إسلامية.. إسلامية". وهو شعار متوافق تمامًا مع كل دساتير مصر مِن أول دستور 1923 حتى الإعلان الدستوري الحالي.

وخرجت لتقول: "الشعب يريد.. تحكيم شرع الله"، وهو أمر يوافق عليه 95% مِن الشعب المصري الذي يؤمن بالقرآن الذي يقول: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الجاثية:18]، والذي يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50].
ثم هو أمر مستقر في المادة الثانية من الدستور المصري منذ 1971 وحتى الإعلان الدستوري الأخير، ومع هذا لم تكن المطالب التي رُفعت هي تفعيل هذه الأمور رأسًا دون المرور على صندوق الانتخابات، وإنما كانت المطالب هي حماية الإرادة الشعبية المتمثلة في استفتاء: "19 مارس"، وعدم الالتفاف حولها.
خرجت الجموع يوم "29/7" يهتفون: "إسلامية.. إسلامية"، وكان بجوارهم مَن بات ليله يهتف: "مدنية.. مدنية"، ولم يكد وقت صلاة الجمعة يحين حتى كان الهتاف هادرًا: "إسلامية.. إسلامية"، فانسحب دعاة: "مدنية.. مدنية"، دون أن يطردهم أحد، وأيضًا دون أن يحس بهم أحد!

ثم خرج مُنظـِّرُوهم على الفضائيات.. يلطمون الخدود، ويشقون الجيوب، ويقيمون سرادقات العزاء على "مدنية الدولة" التي ماتت قبل أن تولد، ولما وجد هؤلاء أنفسهم في موقف المعارض لدين غالبية الشعب المصري، قالوا: "نحن لسنا ضد إسلامية الدولة، ولكننا ضد تفريق الصف"!

فإذا قلتَ لهم: طالما أننا نحن وأنتم والجميع متفقون على الهوية الإسلامية -في زعمكم-؛ فلماذا تُسمون شعاراتنا: "إنها تفرق ولا تجمع"؟

إذا قلتَ لهم هذا.. حادوا عن الجواب.. وادعوا أن خطأنا كان هو التأكيد على المؤكد، والخوف على ما لا يستدعي خوفًا، وتصور خصم "للهوية الإسلامية" لا وجود له!
فقلنا لهم: هَبُوا أننا أكدنا على المؤكد، وثبتنا الثابت.. أليس هذا مِن جنس هتاف: "تحيا مصر"؟!
فما الذي يضيرهم أن يكون هتافنا: "تحيا مصر بشريعة رب مصر"، أو ما في معناه من الهتافات..
وقلنا لهم: إن هناك أعداء للهوية الإسلامية نسمعهم ينعقون بذلك ليل نهار في وسائل الإعلام، وإن كثيرًا ممن خرج يقول: "لا خوف على الهوية الإسلامية" الآن هو واحد ممن ينادي بمدنية الدولة "عالمانية الدولة"، أو ممن يسخر مِن المادة الثانية، أو ممن يحاول إضعافها، أو ممن يعتبرها "مادة ديكورية"! نفوا ذلك تمامًا، وأقسموا بأغلظ الإيمان أن شيئًا مِن هذا لم يحدث!

وقبل أن يجف مداد أقلامهم، وفي الوقت الذي ما زال يتردد في آذاننا صدى كلامهم.. خرج علينا بيان من "مجلس الوزراء"، وقد كُتب بلغة تنافس لغة "القذافي" استعلاءً، وهوجائية، وسيرالية، بل لقد نافس كاتب البيان أحد شعراء العصر المملوكي الذي لم يجد في نفسه معنى يعبر عنه فقال:
الأرض أرض والسماء سماء *** والبـحر بحـر والهواء هواء!

لقد فر هذا الشاعر إلى جعل الخبر هو عين المبتدأ، لعدم وجود تصور لديه يخبر به القارئ، ولكن كاتب بيان "مجلس الوزراء" والذي أراد أن يرد على "جمعة الهوية الإسلامية"، والتي بعثت رسالة مفيدة تقول: "الهوية المصرية إسلامية". فرد عليها صاحبنا فقال: "إن هويتنا مصرية"!
وهو ما يكافئ قوله: "الهوية المصرية مصرية"!
والمعلوم أن الهوية تمثل اختيارًا ثقافيًا محددًا، وليس جغرافيًا، وبالتالي يصح أن نقول: "الهوية المصرية إسلامية" في مقابل مَن يقول: "الهوية المصرية عالمانية أو فرعونية أو إفريقية".

ولستُ بصدد مناقشة كل هذه الاحتمالات الخبيثة الآن، ولكني بصدد إثبات أننا وجدنا خصمًا محددًا للهوية الإسلامية، وعرفنا عنوانه على وجه الدقة..
وهو: "مقر مجلس الوزراء".

لقد سخر كاتب البيان من الشعارات التي رفعت يوم "29/7"، واعتبرها خطرًا داهمًا، ولم يُرفع في هذا اليوم إلا شعار: "إسلامية.. إسلامية"، و"الشعب يريد.. تحكيم شرع الله"، و"لا إله إلا الله محمد رسول الله"!

وأما شراء أفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة للافتات جاهزة مِن محلات كُتبت عليها كلمة الشهادة على خلفية خضراء، مما وصفه البعض بِـ"عَلَم السعودية"، فنوع مِن "التلكيك" نتوقعه من نشرة الأخبار في قناة "ساويرس" مثلًا لا مِن "بيان مجلس الوزراء"، إلا إذا كانت المسافة بين الاثنين قد تلاشت أو كادت!

رغم أن "مجلس الوزراء" المكرم لم يعلق على مَن نادى بالتدخل الأجنبي الأمريكي، بل الإسرائيلي! وأظن أن هذا أكبر مِن حمل شخص لعلم بلد شقيقة "حتى هذه اللحظة وبمقتضى الدستور الحالي، وإلا فقد نفاجئ أن انتمائنا الإفريقي قد قـُدِّم على انتمائنا الإسلامي كما تم في كارثة أخرى من كوارث مجلس الوزراء، وهي: وثيقة المبادئ الفوق دستورية".

كما تجاوز كاتب البيان كل حدود المعقول.. فجرَّم أن يدعو حزب إلى احترام الدستور حين شجبَ ضمنًا الدعوة إلى تطبيق الشريعة معتبرًا إياها مخالفة لقانون منع قيام الأحزاب على أساس ديني، كما قد صرَّح "وزير السياحة" بأنه يتعجب من موافقة "لجنة الأحزاب" على قيام "حزب النور"، لأنه حزب ديني!

ومنع قيام حزب على أساس ديني بمعنى غلق العضوية على أتباع دين معين.. مفهوم قانونًا، ولكن منع أن ينص حزب على المرجعية الإسلامية المنصوص عليها في الدستور؛ فأمر فاق به كاتب البيان "الأسطورة" كل أساطين علم القانون!

والأدهى مِن ذلك كله.. أن يَكتب كاتب البيان بيانه دون علم "رئيس مجلس الوزراء" -كما تسربت الأنباء، وإذا كان الشاعر قد قال قديمًا.
فـإذا كـنتَ لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم


فإننا نقول لرئيس مجلس الوزراء:
إذا كــنـتَ تــدري فـتـلـك مـصيــبة *** وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم


نعم المصيبة أعظم.. لو أن "نائب رئيس المجلس" أصدره من دون علم رئيسه، وإلا فسيكون الدكتور "شرف" استنسخ "جمال مبارك" آخر في أيام معدودة، ويكون عندنا رئيس مجلس وزراء معلن، وآخر متخفي تحت لقب النائب، إلا أنه أكثر نفوذاً مِن الأصلي!

وأما الوزراء فضلًا عن باقي الشعب، فهم تحت رحمة إحسانات النائب ورئيسه، وباقي الوزراء لا يتمكنون أن يعرفوا قرارات مجلسهم الموقر إلا مِن خلال الصحف، وأما الشعب فوفق أجندة النائب: "شعب جاهل" مغرر به، يضحك عليه الإسلاميون، ويغرونه بالهوية الإسلامية، وغيرها.. مِن القضايا التي تصيب النائب ببالغ القلق والأسى!

وأما إذا كان كاتب البيان "شخص ثالث" غير "رئيس مجلس الوزراء ونائبه" فعار.. لا ندري: هل يكفي لغسله استقالتهما واعتزالهما الحياة السياسة أبد الدهر أم لا بد فيه مِن أن يلحقا بـ"مبارك"، و"نجليه" في ذات القفص الذهبي؟!

وعلى أي.. فإلى كل مَن عاتبنا على جمعة "الهوية الإسلامية" مِن باب: "أننا لسنا أولى بها منهم"، ومِن باب: "أننا نتوهم أعداء للهوية الإسلامية" لا وجود لهم إلا في مخيلتنا..

دونكم "مجلس الوزراء"؛ فعلى أحد كراسيه الأثيرة يجلس "شخصٌ ما" يمثل أحد أبرز أعداء تلك الهوية.. حبذا لو عرفتم لنا اسمه ومنصبه، ويكفي هذا عقابًا شعبيًا له. وعند الله تجتمع الخصوم.



الكاتب: عبد المنعم الشحات