معالم من ولاية خير التابعين

محمد بن عبد الله السحيم

الولايةُ سرٌّ أخفاه اللهُ في عبادِه، وجرّدَها من أيِّ مُتَعلَّقٍ دنيويٍّ؛ فلا تلازمَ بينها وبين نعيمِ الدنيا، بل الأصلُ تجرُّدُها منه، ونفورُها عنه

  • التصنيفات: تزكية النفس - أخلاق إسلامية -

الحمدُ للهِ معزِّ أوليائه ومذلِّ أعدائه، المتعالي في مجدِه وكبريائه، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ واحدٌ في أرضِه وسمائه، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليه وسلّمَ عليه وعلى كلِّ أنبيائه.

أما بعدُ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].

 

أيها المؤمنون!

أويسُ بنُ عامرٍ القَرَنِيُّ تابعيٌّ لم يرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ومع ذا قد شَهِدَ له بالخيريةِ المطْلقةِ على التابعينَ إذ يقولُ: «إِنَّ ‌خَيْرَ ‌التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ» (رواه مسلمٌ)؛ فما نبأُ خيريَّتِه؟ وما سببُها؟ كَانَ ‌عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ ‌هُوَ ‌بِهَا ‌بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ؛ فَافْعَلْ» ؛ فَاسْتَغْفِرْ لِي! فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَةَ، قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، قَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ ‌هُوَ ‌بِهَا ‌بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ» ، فَأَتَى أُوَيْسًا، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي! قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ؛ فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ (رواه مسلم).

 

عبادَ اللهِ!

أبانَ نبأُ أويسٍ سِرَّاً أخفاه اللهُ في عبادِه، وجعلَ له أماراتٍ دالةً عليه، وصفاتٍ توصِلُ الساعيَ الصادقَ إليه؛ ذلكمْ سِرُّ وِلايةَ اللهِ لعبدِه واجتبائه لمحبتِه. فهيَ الغايةُ التي لها شمّرَ المشمِّرون، وتنافسَ فيها المتقون، ولأجلها بُذلتْ المُهَجُ، ورَخُصَ في سبيلِها كلُّ نفيسٍ. الولايةُ سرٌّ أخفاه اللهُ في عبادِه، وجرّدَها من أيِّ مُتَعلَّقٍ دنيويٍّ؛ فلا تلازمَ بينها وبين نعيمِ الدنيا، بل الأصلُ تجرُّدُها منه، ونفورُها عنه. قال أحدُ السلفِ: إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- أَخْفَى ‌ثَلَاثًا ‌فِي ‌ثَلَاثٍ: أَخْفَى غَضَبَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ، وَأَخْفَى رِضَاءَهُ فِي طَاعَتِهِ، وَأَخْفَى وَلَايَتَهُ فِي عِبَادِهِ، فَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِيهِ؛ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ غَضَبُهُ، وَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنْ طَاعَتِهِ؛ فَلَعَلَّهُ يَكُونُ فِيهِ رِضَاؤُهُ، وَلَا تَحْقِرَنَّ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؛ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا مِنْ أَوْلِيَائِهِ. والصلاحُ ذو الإيمانِ والتقوى هو المَعْلَمُ العامُّ للولايةِ الذي تَحققَ في أويسٍ حتى كان خيرَ التابعين بشهادةِ خيرِ المرسلين، والذي تَنْضوي تحتَه المعالمُ الأخرى؛ حين لم يَخْفِرْ ذمةَ اللهِ في القيامِ بحقِّه وحقِّ عبادِه، كما قال سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 62 - 64].

 

عبادَ اللهِ!

ومن مفرداتِ الصلاحِ التي سبقَ بها أويسٌ ذلكمُ الإخلاصُ الصادقُ الذي جرَّدَه من كلِّ ما يَخشى خدْشَه لصفائه حين رضيَ بأنْ يكونَ مغموراً في غبراءِ الناسِ؛ لا تُبْرزُ له مكانةٌ، ولا يُذاعُ عنه خبرٌ، ولا يُكشفُ له سرٌ مع اللهِ، مع سَنْحِ الفرصةِ له في الإبرازِ والتمكينِ من قِبَلِ أعلى سلطةٍ؛ إكراماً لولايةِ اللهِ. وحينما خَشيَ من كشْفِ سرِّه مع اللهِ، وخاف من تقلُّبِ الحالِ أو طروءِ ما يشغلُه عن ربِّه؛ اشترط على مَن طلبَ منه الاستغفارَ حين أخبرَه عمرُ قائلاً: مَا أَنَا بِمُسْتَغْفِرٍ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ لِي ثَلَاثًا، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: لَا تُؤْذِينِي فِيمَا بَقِيَ، وَلَا تُخْبِرْ بِمَا قَالَ لَكَ عُمَرُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ رواه الحاكمُ وصحَّحَه الذهبيُّ على شرطِ مسلمٍ، وانطلقَ على وجههِ لا تُعْلَمُ وِجهتُه ملتمساً محبةَ اللهِ التي أبانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سبيلَها بقولِه: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ ‌التَّقِيَّ الْغَنِيَّ ‌الْخَفِيَّ» (رواه مسلمٌ).

إذ كان هذا شأنَ أولياءِ اللهِ في إخلاصِهم لربِّهم؛ لا يتعلَّقون بأحدٍ سواه، ولا يرجونَ إلا إياه؛ فكان لهم مع ربهم خبايا صالحةٌ وأسرارُ قُرَبٍ صانُوها عن ملاحظةِ الأعينِ، واكتفوا باطِّلاعِ مَن عَمِلُوها لأجلِه -سبحانه-؛ كما قيلَ عن بعضِهم: ما رفعَه اللهُ إلا بخبيئةٍ كانت بينه وبين اللهِ! فمنهم مَن كان يَبُلُّ وِسادَه بدموعِ الخشيةِ وزوجُهُ بجوارِه لا تَشْعُرُ! ومنهم مَن ظلَّ صائماً زمناً وأهلُه لا يعلمون! ومنهم مَن كان يَتقَنَّعُ ليلاً بصدقةِ السرِّ ليُوزِّعَها على الفقراءِ في بيوتِهم! قد سَمَتْ هممُهم عن بريقِ الجاهِ والمَنْصِبِ وفتنةِ الشهرةِ؛ فكانوا أزهدَ الناسِ فيها، وإنِ ابْتُلُوا بها صيّرُوها خادمةً للدينِ والآخرةِ ونفعِ الناسِ، وظلوا مجاهدين لأنفسِهم، حُرَّاساً على كنزِ الإيمانِ في نفوسِهم ألَّا يذهبَ أو يَنْقُصَ، وتدثَّروا بجلبابِ التواضعِ مُظْهرين فقرَهم إلى اللهِ ضارعين إليه ألَّا يزيغَ قلوبَهم بتلكمُ الفتنةِ! وأيُّ فتنةٍ تلكمُ الفتنةُ؟!

 

أيها المسلمون!

وهضْمُ النفسِ واحتقارُها في ذاتِ اللهِ من أخصِّ صفاتِ أوليائه التي تجلَّتْ في نبأِ أويسٍ؛ إذ أرشدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمرَ -رضيَ اللهُ عنه- مع شهادتِه له بالجنةِ أنْ يَطلبَ من تابعيٍّ فقيرٍ مغمورٍ أنْ يستغفرَ له، وحين طلبَ عمرُ ذلك منه استحضرَ أويسٌ ضعفَه وعدمَ استئهالِه ذلك المقامَ، فقال لعمرَ -كما جاء في روايةِ ابنِ المباركِ-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيَسْتَغْفِرُ مِثْلِي لِمِثْلِكَ؟!، وظلَّ ذلك الهضمُ مُلازِماً له حياتَه حتى بعدَ إخبارِ عمرَ له بتزكيةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم له؛ إذ جاءه شريفُ قومِه بعد حجِّه وملاقاتِه عمرَ طالباً منه أن يستغفرَ له، فقال له أويسٌ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ؛ فَاسْتَغْفِرْ لِي.

وبهضمِ النفوسِ وتطامُنِها كان الأولياءُ يَعِيشون. يقولُ ابنُ القيمِ: ‌ومَقْتُ ‌النَّفْسِ في ذاتِ اللهِ من صفاتِ الصديقين، ويدنو العبدُ به من اللهِ -سبحانه- في لحظةٍ واحدةٍ أضعافَ أضعافِ ما يدنو به بالعملِ.

قال الحسنُ البصريُّ: ابنَ آدمَ، إنِّك لن تصيبَ حقيقةَ الإيمانِ في قلبِك حتى لا تعيبَ النّاسَ بعيبٍ هو فيك، وحتّى تبدأَ بإصلاحِ ذلك العيبِ، فإذا فعلتَ ذلك لم تُصْلِحْ عيبًا إلا وجدتَ آخرَ، وإذا فعلتَ ذلك كان شغلُك في خاصةِ بدنِك، وخيرُ عبادِ اللهِ مَن كان كذلك. وقال عبدُالرحمنِ بنُ زيدِ بنِ أسلمَ: كان أبي يقولُ: أيْ بُنيَّ، وكيف ‌تعجبُك ‌نفسُك؟ وأنت لا تشاءُ أنْ تَرى من عبادِ اللهِ مَن هو خيرٌ منك إلا رأيتَه. يا بُنيَّ، لا تَرى أنك خيرٌ مِن أحدٍ يقولُ: لا إلهَ إلا اللهُ حتى تَدخلَ الجنةَ ويَدخلَ النارَ، فإذا دخلتَ الجنةَ ودخلَ النارَ تبيّنَ لك أنك خيرٌ منه.

وقال بكرُ بنُ عبدِاللهِ المُزَنِيُّ: إذا رأيتَ أكبرَ منك فقلْ: سبقني بالإسلامِ والعمل الصالحِ؛ فهو خيرٌ منّي، وإذا رأيتَ أصغرَ منك فقل: سبقتُه ‌بالذنوبِ والمعاصي؛ فهو خيرٌ منّي، وإذا رأيتَ إخوانَك يُكرمونك فقل: نعمةً أحدثُوها، وإذا رأيتَ منهم تقصيراً فقل: بذنبٍ أحدثتُه. وذكروا عند الربيعِ بنِ خُثيمِ رجلاً فقال: ما أنا ‌عن ‌نفسي ‌براضٍ؛ فأتفرغَ من ذمِّها إلى ذمِّ غيرِها؛ إنّ الناسَ خافوا اللهَ على ذنوبِ الناسِ، وأَمِنُوه على ذنوبِهم.

 

أيها المؤمنون!

ومِن خاصِّ معالمِ الولايةِ في نبأِ أويسٍ عظيمُ بِرِّه بأمِّه التي تفرَّدتْ بالبقاءِ بعد أبيه؛ فكان ذلك البِرُّ سببَ حظْوةٍ عظيمةٍ عند مولاه، بَلغتْ به مَقامَ إجابةِ اللهِ دعاءَه بمغفرتِه لمن استغفرَ له، وعافيتِه من داءِ البَرَصِ الذي ابتلاه به، بل وصلتْ إلى إبرارِ اللهِ قَسَمَه حين يُقْسِمُ عليه: لَهُ وَالِدَةٌ ‌هُوَ ‌بِهَا ‌بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ. وقد عافاه اللهُ من داءِ البرصِ بدعائه المستجابِ، كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قد كان به بياضٌ، فدعا اللهَ؛ فأذهبَه عنه إلا موضعَ الدينارِ أو الدرهمِ» (رواه مسلمٌ). وقد عَدَّ أهلُ العلمِ بِرَّ الوالدِ من أعظمِ أسبابِ إجابةِ الدعاءِ، كما جاء في خبرِ أويسٍ، ونبأِ الثلاثةِ الذين انطبقتْ عليهم صخرةُ الجبلِ وهم في كهفِه. ولن يدركَ ولايةَ اللهِ جاحدُ إحسانِ والديه؛ إذ شقيَ بعقوقِه حين ترحَّلتْ من قلبِه رحمةُ البِرِّ؛ فكان محروماً لا مرحوماً، وأيُّ حرمانٍ أعظمُ من حرمانِ رحماتِ اللهِ المائةِ يومَ الدينِ والواحدةُ منهنَّ طِباقُ ما بين السماءِ والأرضِ، كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ، كُلُّ رَحْمَةٍ ‌طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الْأَرْضِ رَحْمَةً، فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ» (رواه مسلم)، وكان جديراً بالطردِ والإبعادِ عن دارِ الرحمةِ في جناتِ النعيمِ، يقول رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ متفق عليه.

 

تلكم وَمْضٌ من سَنَا معالمِ وِلايةِ أويسٍ؛ صلاحٌ ذو إيمانٍ وتقوى، وصدقُ إخلاصٍ، ومقتٌ للنفسِ في ذاتِ اللهِ، وبِرٌّ للوالدِ عظيمٌ، مَن رامَ الظَّفَرَ بها؛ فليستعنْ باللهِ في طلبِها؛ ليحظى بغنائمَ الولايةِ الإلهيةِ التي أخبرَ عنها اللهُ -جلَّ وعلا- بقولِه في الحديثِ القدسيِّ الذي رواه البخاريُّ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ؛ ‌كُنْتُ ‌سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأعطينَّه، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأعيذنَّه».

 

وكل وَلِيٍّ أو عدوٍّ فإنه  **  بما عاملَ اللهَ الكريمَ يُعاملُه