لا صلاةَ لمن لا يقيمُ صلبَهُ

فلمَّا قضى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الصَّلاةَ ، قالَ : يا معشرَ المسلِمينَ لا صلاةَ لمن لا يقيمُ صلبَهُ في الرُّكوعِ والسُّجودِ

  • التصنيفات: الحديث وعلومه -

الحديث:

«خرَجنا حتى قدِمنا على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فبايَعناهُ وصلَّينا خلفَهُ ، فلَمحَ بمؤخَّرِ عينِهِ رجلًا ، لا يقيمُ صلاتَهُ ، - يعني صلبَهُ - في الرُّكوعِ والسُّجودِ ، فلمَّا قضى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الصَّلاةَ ، قالَ : يا معشرَ المسلِمينَ لا صلاةَ لمن لا يقيمُ صلبَهُ في الرُّكوعِ والسُّجودِ »

[الراوي : علي بن شيبان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 718 | خلاصة حكم المحدث : صحيح]

الشرح:

الصَّلاة عِبادةٌ توقيفيَّةٌ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أركانَها، وكيفيَّاتِها، وآدابَها، ومِن ذلك أنْ يُؤْتَى بكلِّ رُكْنٍ فيها على الوجْهِ الأكمَلِ له.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ شَيبانَ رضِيَ اللهُ عنه- وكان أحدَ الوفْدِ الَّذين وَفَدُوا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن اليَمامةِ- : "خرَجْنا حتَّى قدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبايَعْناه"، أي: عاهَدْناه وأعْطَينا له المواثيقَ والعُهودَ بالإسلامِ، "وصلَّيْنا خلْفَه، فلمَحَ بمُؤَخَّرِ عَينِه"، أي: رأى بطرَفِ عينَيْه، "رجُلًا لا يُقِيمُ صلاتَه- يعني: صُلْبَه- في الرُّكوعِ والسُّجودِ"، أي: لا يُسَوِّي ظهْرَه عندَ الرُّكوعِ والسُّجودِ، ومِن الأُمورِ الخاصَّةِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: رُؤْيَتُه للمُصلِّينَ مِن خلْفِه كأنَّه يراهم أمامَه، كما في الصَّحيحَينِ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "أتِمُّوا الرُّكوعَ والسُّجودَ، فوالَّذي نفْسِي بيَدِهِ، إنِّي لَأَراكم مِن بعْدِ ظَهْري إذا ما ركَعْتُم، وإذا ما سجَدْتُم".
قال: "فلمَّا قضى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّلاةَ"، أي: فلمَّا أَنْهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلاتَه، قال:"يا معشَرَ المُسلمينَ، إنَّه لا صلاةَ"، أي لا تجوزُ، ولا تصحُّ، ولا تَكفِي، "لِمَن لا يُقِيمُ صُلْبَه في الرُّكوع والسُّجودِ"، أي: لِمَن لا يُسَوِّي ظهْرَه في الرُّكوعِ والسُّجودِ؛ فيَنبغي الحرصُ على إقامةِ ظهْرِه ما استطاعَ في صلاتِه؛ لتَسْلَمَ له صلاتُه؛ لأنَّ عدَمَ إقامةِ الظَّهْرِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ نقْصٌ في الصَّلاةِ، وسَرِقةٌ منها، والمرادُ: إتمامُ الرُّكوعِ والسجودِ في طُمأنينةٍ لا يُستعجَلُ فيهما؛ فقد ورَدَ في مُسندِ أحمدَ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ أسوَأَ النَّاسِ سَرِقةً الَّذي يسرِقُ مِن صلاتِه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وكيف يسرِقُ مِن صلاتِه؟ قال: "لا يُتِمُّ رُكوعَها وسُجودَها".
وقدْ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّةَ إقامةِ الصُّلبِ بفعْلِه، حيثُ كان-كما في سُننِ ابنِ ماجَهْ- " إذا ركَعَ سوَّى ظهْرَه، حتَّى لو صُبَّ عليه الماءُ لَاسْتَقَرَّ"..

الدرر السنية