قياس الشمول

ابن تيمية

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: قياس الشمول
الإجابة: وقياس الشمول هو انتقال الذهن من المعين إلى المعنى العام المشترك الكلي المتناول له ولغيره، والحكم عليه بما يلزم المشترك الكلي بأن ينتقل من ذلك الكلي اللازم إلى الملزوم الأول، وهو المعين فهو انتقال من خاص إلى عام، ثم انتقال من ذلك العام إلى الخاص، من جزئي إلى كلي، ثم من ذلك الكلي إلى الجزئي الأول، فيحكم عليه بذلك الكلي‏.

‏‏ ولهذا كان الدليل أخص من مدلوله الذي هو الحكم فإنه يلزم من وجود الدليل وجود الحكم، واللازم لا يكون أخص من ملزومه، بل أعم منه أو مساويه، وهو المعنى بكونه أعم‏.

‏‏ والمدلول الذي هو محل الحكم وهو المحكوم عليه المخبر عنه الموصوف الموضوع إما أخص من الدليل أو مساويه، فيطلق عليه القول بأنه أخص منه لا يكون أعم من الدليل؛ إذ لو كان أعم منه، لم يكن الدليل لازمًا له، فلا يعلم ثبوت الحكم له، فلا يكون الدليل دليلا، وإنما يكون إذا كان لازمًا للمحكوم عليه الموصوف المخبر عنه الذي يسمى الموضوع، والمبتدأ مستلزمًا للحكم الذي هو صفة وخبر وحكم، وهو الذي يسمى المحمول والخبر، وهذا كالسكر الذي هو أعم من النبيذ المتنازع فيه، وأخص من التحريم، وقد يكون الدليل مساويًا في العموم والخصوص للحكم لازمًا للمحكوم عليه‏.‏

فهذا هو جهة دلالته سواء صور قياس شمول وتمثيل أو لم يصور كذلك‏.

‏‏ وهذا أمر يعقله القلب وإن لم يعبر عنه اللسان‏.

‏‏ ولهذا كانت أذهان بني آدم تستدل بالأدلة على المدلولات وإن لم يعبروا عن ذلك بالعبارات المبينة لما في نفوسهم، وقد يعبرون بعبارات مبينة لمعانيهم، وإن لم يسلكوا اصطلاح طائفة معينة من أهل الكلام ولا المنطق ولا غيرهم‏.

‏‏ فالعلم بذلك الملزوم لابد أن يكون بينًا بنفسه أو بدليل آخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء التاسع.