هلْ قصرُ الصلاة للسفَرِ له مسافةٌ معيَّنة؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:

هلْ قصرُ الصلاة للسفَرِ له مسافةٌ معيَّنة؟
سمعتُ عن اختلاف الفقهاء في ذلك، وأريد القول الفصل. فقد تُطلق كلمة سفر على مسافة قصيرة لا تستغرق دقائق في بلد ما، وتكون في بلد آخر مسافات أكبر من ذلك ولا يطلق عليها اسم سفر.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا بَعْضَ مذاهِبِ العُلماءِ في هذه المسألة في الفَتْوى المنشورة بعنوان "عامل القطار الذي يسافر يوميًا يقصر الصلاة".

وفيها أنَّ أقرَبَ الأقْوالِ لِلصَّوابِ قولُ مَنْ لم يُحَدِّدْ في السفر مسافةً معيَّنةً؛ لأنَّ التحديدَ بابُه التَّوقِيفُ، وَهُوَ غَيْرُ موجودٍ في مَسْأَلَتِنَا، قال شيخ الإسلام في الفتاوى: "وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ جَعَلَ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ مَشْرُوعًا فِي جِنْسِ السَّفَرِ، وَلَمْ يَخُصَّ سَفَرًا مِنْ سَفَرٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

وسُئِلَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِين: "المسافة التي تقصر فيها الصلاة حدَّدها بعض العلماء بنحو ثلاثة وثمانين كيلو مترًا، وحدَّدها بعض العلماء بما جرى به العرف أنه سفر، وإن لم يبلغ ثمانين كيلو مترًا، وما قال الناس عنه: إنه ليس بسفر، فليس بسفر ولو بلغ مائة كيلو متر.

وهذا الأَخيرُ هو اختيارُ شَيْخِ الإِسْلامِ ابْنِ تَيْميَّة رحمه الله؛ وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد مسافة معينة ... وقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أقرب إلى الصواب، ولا حَرَجَ عند اخْتِلاف العرف فيه أن يأخذ الإنسان بالقول بالتحديد؛ لأنه قال به بعض الأئمة والعلماء المجتهدين، فلا بأس به إن شاء الله تعالى، أما مادام الأمْرُ مُنضبطًا فالرجوع إلى العُرف هو الصواب". اهـ.

وعليه؛ فالصحيح هو اختيار شيخ الإسلام؛ لأَنَّ اللهَ قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء:101]، ولما رواه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا خرج مسيرةَ ثلاثَةِ أمْيالٍ أوْ فراسِخَ صلَّى رَكْعَتَيْنِ" وهَذِهِ أَقَلُّ مِنَ المَسَافَةِ التِي يُحدِّدُها مَنْ يُحَدِّدُ، والله أعلم.