حكم مصاحبة الرجل النساء بقصد هدايتهن

منذ 2012-12-14
السؤال:

أنا شابٌّ من الجزائر، أبلغ من العمر 18 سنة، وأنا أُخالِط الكثيرَ من النِّساء في عملي ودراستي، واستطعت أن أغيِّر الكثيراتِ من حالة عاشقاتٍ إلى ملتزمات، بطريقةٍ هي: أنِّي أصاحبهنَّ وأعدهنَّ بالزَّواج حتَّى يضعن الحجابَ، وأغلب الأحيان: الجلباب.

وكانت المرَّة الأولى هي الوحيدة لحدِّ الساعة، إلى أن وعدت 4 بناتٍ بالزَّواج، وقد سَمِعْن أني أحبُّ النساء المتديِّنات فالتزمن، فما حُكم هذا؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ ما قمتَ به من مُخالطة النِّساء في العَمل والدِّراسة ومصاحبتهنَّ - خطأٌ كبير، حتَّى لو كان قصدُك حسنًا، مثل دعوتِهنَّ للعفاف، فالخطرَ المترتِّب على ما فعلتَه أعظمُ بكثيرٍ مِمَّا كنَّ فيه، فإنَّ اختلاط المرأةِ وتعلُّقها بالرجُل من أشدِّ المصائب وأكبر المعائب؛ وصدق عبدالله بن مسعودٍ إذ يقول: "وكم مِن مُريدٍ للخير لا يُدْرِكه".

فلْتُفَتِّشْ في قلبِك، فإني أخشى أن يكونَ ما دفعَك لهذا المسلكِ المشين هو فِتنتَك بالنِّساء، وإعجابَك بنفسِك، واستِرْواحك بمديح النسوة؛ فدَع عنك كلَّ هذا، ولتَعْلَم أنَّ السَّلامة في الدين لا يَعْدِلُها شيء، وأنَّ من رتَع حول الحِمَى أوشك أن يواقِعَهُ، وأن المؤمن يَفِرُّ من أماكن الفِتَنِ، ويستَعِيذُ بالله منها، وقدِ ابتدع أناسٌ كثيرون طرقًا في الدَّعوة، فتحوا بها أبواب الفِتَن والعبث، لكن ما كان يدورُ بخلد أحدٍ أن تُصبح المخادنةُ طريقًا للهداية، بل هي ضربٌ من الضَّلالة وبرزخ الغواية.

ولتعلمْ أنَّ من شُروط الدَّعوة إلى الله: أن يكونَ المتكلِّم والواعظ والدَّاعي صاحبَ علم، يَعرف ما يقول، فهو يوقِّع عن ربِّ العالمين وعن خاتم المُرْسلين والنبيِّين، ويتكلَّم باسم الدين، فلا يَجوزُ أن يدخل مَجال الدعوةِ للهداية بالنَّوايا الحسنة والقصد الطيب وحسب، بل لابدَّ من معرِفة آيات الكتاب والسُّنَّة، وشيءٍ من هدْي السَّلف الصَّالح وأقْوال العلماء، مِمَّا يقرع القُلوبَ ويُزلزِلُها من الآيات المُحكمات، والأحاديث الصَّحيحة البيِّنات، والأحكام الشرعيَّة الواضحات؛ قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]، وقال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125] ثم إنك الآن مع هذا المسلك البدعي ترتكب آثامًا ثلاثة:
الأول: أن الغالب من طريقتك أنك تكذب عليهن.
الثاني: أنك تعدهن وتخلف وعدك.
والكذب وإخلاف الوعد من النفاق العملي والعياذ بالله.
الثالث: أنك قد تسبب لهن انتكاسة بعد علمهن بأنك لن تتزوج بهن، فيرجعن إلى حالتهن الأولى بل أسوأ، وتكون أنت الآثم.
فاتق الله، ودع عنك هذا المسلك،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 0
  • 6,992

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً