العمل في صناعة الريسيفر

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه المعاملات -
السؤال:

ما مشروعيَّة العملٌ مع شركة أجنبيَّة يتمثَّل في برمجة أجهرة استِقبال القنوات الأجنبيَّة "الريسيفر" وإجراء تَجارِب عليها، مع العلم أنَّ القنوات ليستْ إسلاميَّة؟ 

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فلا شكَّ أنَّ الأطباق الفضائيَّة -أجهزة استقبال القَنوات- مَجلبة للشَّرّ والفساد في الدّين والأخلاق، ومضرَّة على الأسرة والمُجتمع ككلّ، ولاسيَّما الأجنبيّ منها، وقد جاء الشَّرع المطهَّر بسدّ جَميع الوسائل المُفْضية إلى الشّرور والفساد، ومَنَعَ من العمل في أيّ مَجالٍ يُعين على الشَّرّ، والغَالب على القنوات الفَضائيَّة الأجنبية أنَّها تُشيع الفاحشة في المسلمين، ‏وتُجرّئهم على الباطل، وتشجّعُهم على الرّذيلة، بل وتُصيبُهم بالسّعار والهوس الجنسي؛ فيقع الرجال والنساء في الفاحشة، كما أنها تنشر عادات ومعتَقدات وأفكار أهل الكفر، وتظهر سلوكياتهم الفاسدة المنحرفة الضَّالّة، وقد قال ‏تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النور: 19]، وهذا أمرٌ معلومٌ عند القاصي والداني كما أنَّ قُبْحَه معلوم من ضروريَّات الدّين والأخلاق.

وعليه؛ فالعمل في هذا المجال مُحرَّم لما فيه من الإرشاد على الغواية والفساد والإعانة عليه، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].

واعلم -أيّها الأخ الكريم- أنَّ المسلم الحقَّ هو الذي يَحرِص على طاعة الله ومَرْضاته، وإذا تعارَضَتْ مصلحتُه مع أمر الله قدَّم رضى الله عليه، ثُمَّ يُسلم أمره لله تعالى لعلمه أنَّ الله تعالى جوادٌ كريمٌ شكورٌ؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3]، ومُريدُ الآخِرة لابدَّ أن يَصْبِر عن متاع الحياة الدّنيا، ويَحرِص على ألا يَبيعَ دينَهُ بدُنياه.

فعليك بكثرة الدّعاء بالتوفيق لِلخَير والرزق الحلال وصَرْف الشَّرّ، ولْتبحثْ عن عملٍ مناسب لك؛ قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النَّحل: 97]، وقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلَّم: "أَيُّهَا الناس اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ فإنَّ نَفْسًا لَنْ تموت حتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَها وإِنْ أبْطَأَ عنها، فاتَّقُوا اللَّهَ وأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ، خُذُوا ما حَلَّ ودَعُوا ما حَرُمَ" (رواه ابنُ ماجه من حديث جَابِرِ بن عبداللَّهِ).

فما قُدِّر للإنسان في هذه الحياة سيأتيهِ لا مَحالةَ، واللهَ نسألُ أن يوفّقَكَ لكلّ خيرٍ ويرزُقَكَ رِزْقًا حلالاً،، والله أعلم.