حكم زيارة القبور ودعاء الأموات والصلاة خلف من يفعل ذلك

عبد العزيز بن باز

  • التصنيفات: الشرك وأنواعه -
السؤال:

يوجد إمام مسجد في إحدى القرى، ممن يزورون القباب ويسألون أصحابها الأموات النفع، وجلب المصالح، وكذلك يلبس الحجب، ويتبرك بالحجارة التي على الأضرحة فهل تجور الصلاة خلفه؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فماذا نفعل مع العلم بأنه ليس هناك مسجد آخر؟
 

الإجابة:

من شرط الإمامة، أن يكون الإمام مسلماً، واختلف العلماء، هل يشترط أن يكون عدلاً أم تصح خلف الفاسق؟ على قولين لأهل العلم. والصواب: أنها تصح خلف الفاسق إذا كان مسلماً ولكن لا ينبغي أن يولى مع وجود غيره بل ينبغي لولاة الأمور أن يتحروا في الإمام أن يكون مسلماً عدلاً، طيب السيرة، حسن العمل لأنه يقتدى به. أما من كان يزور القبور، ليدعو أهلها من دون الله ويستغيث بهم، ويتمسح بقبورهم، ويسألهم شفاء المرضى، والنصر على الأعداء، فهذا ليس بمسلم هذا مشرك؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بهم، والنذر لهم، من أنواع الكفر الأكبر فلا يجوز أن يتخذ إماماً، ولا يصلى خلفه. وإذا لم يجد المسلمون مسجداً آخر، صلوا قبله أو بعده، صلوا في المسجد الذي يصلي فيه إذا لم يكن فيه قبر، لكن قبله أو بعده، فإن تيسر عزله، وجب عزله، وإن لم يتيسر، فإن المسلمين ينتظرون صلاة هؤلاء، ثم يصلون بعدهم، أو يتقدمونهم إذا دخل الوقت ويصلون قبلهم إن أمكن ذلك، فإن لم يمكنهم، صلوا في بيوتهم، لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[1]. وينبغي أن يُعلَّم هذا الإمام، ويرشد إلى الحق؛ لأنه في حاجة إلى الدعوة إلى الله. والمسلم ينصح للمسلمين، وينصح لغيرهم، ويدعو إلى الله، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود إلى الإسلام: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله». والله يقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[2]، وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[3]، وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[4]. فهذا الإمام يدعى إلى الله، ويوجه إلى الخير، ويعلم أن عمله باطل، وأنه شرك، بالأساليب الحسنة، وبالرفق والحكمة، لعله يهتدي ويقبل الحق، فإن لم يتيسر ذلك، فيتصل بالمسئول عن المسجد، كالأوقاف وغيرها، ويبين لهم أن هذا الإمام لا يصلح، والواجب عزله، وأن يولى المسجد رجل موحد مؤمن مسلم، حتى لا يتفرق الناس عن المسجد، وحتى لا يصلي بهم إنسان كافر. هذا هو الواجب على المسلمين، أن يتعاونوا على الخير، وأن ينصحوا لولاة الأمور، وأن ينصحوا لهذا الإمام الجاهل، لعله يهتدي.

[1] [التغابن: 16].
[2] [فصلت: 33].
[3] [يوسف 108].
[4] [النحل: 125].