صفات الحور العين في الكتاب والسنة

  • التصنيفات: الدار الآخرة - التوبة - قضايا الشباب - الدعوة إلى الله - دعوة المسلمين - الحث على الطاعات -
السؤال:

ما وصف الحور العين مما ورد في الكتاب والسنة؟ والزوجة الصالحة في الدنيا ماذا يكون شكلها أو وصفها في الجنة إذا أراد الله  تعالى لها الجنة؟

الإجابة:

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

أولاً:

إن رضى الرحمن ودخول الجنان هو غاية ما يتمناه المؤمن والمؤمنة، فإذا خرج من الدنيا وقد فاز برضوان الله تعالى فليبشر بعد ذلك بالخير كله، فإذا دخل الجنة فلا يسأل بعد ذلك عن النعيم المقيم، الذي لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر، فيحصل له كل ما يتمناه بأحسن أحواله، وكل ما يطلبه مجاب، وكل ما يشتهيه في متناوله، ولا يمكن أبداً أن يجد ما يعكر صفوه لأنه في ضيافة الرحمن كما قال الله سبحانه: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت31-32].

ومن أحسن ما تشتهيه الأنفس في الآخرة للرجال نساء الجنة، وهن الحور العين، وللنساء ما يقابله من النعيم، ومن حكمة الله تعالى العظيمة أن الله سبحانه لم يذكر ما للنساء مقابل الحور العين للرجال، لأن ذلك من دواعي الخجل وشدة الحياء، فكيف يرغبهن في الجنة بما يثير حياءهن ويستحيين من ذكره والكلام فيه، فاكتفى الله سبحانه بالإشارة إليه كما في قوله: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت:31].

وقد جاء في كتاب الله تعالى وصف للحور العين في أكثر من موضع، ومن ذلك:

1. قول الله تعالى في ذكر جزاء أهل الجنة: { وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة22-23].

قال السعدي رحمه الله تعالى:

"أي: ولهم حور عين، والحوراء: التي في عينها كحل وملاحة، وحسن وبهاء، والعِين: حسان الأعين وضخامها، وحسن العين في الأنثى من أعظم الأدلة على حسنها وجمالها.

{كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} أي: كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهي، المستور عن الأعين والريح والشمس، الذي يكون لونه من أحسن الألوان، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه، فكذلك الحور العين، لا عيب فيهن بوجه، بل هن كاملات الأوصاف، جميلات النعوت. فكل ما تأملته منها لم تجد فيه إلا ما يسر الخاطر ويروق الناظر" انتهى.

(تفسير السعدي:ص 991).

2. قول الله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن:58].

قال الطبري رحمه الله تعالى:

" قال ابن زيد في قول الله تعالى {كأنهن الياقوت والمرجان}: كأنهن الياقوت في الصفاء، والمرجان في البياض، الصفاء صفاء الياقوتة، والبياض بياض اللؤلؤ" انتهى.

(تفسير الطبري:27 / 152).

3. قول الله تعالى في وصف نساء الجنة في سورة الواقعة: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً. فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة:35-37].

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" قول الله تعالى: {عُرُباً}: قال سعيد بن جبير عن ابن عباس يعني: متحببات إلى أزواجهن، وعن ابن عباس: العُرُب العواشق لأزواجهن , وأزواجهن لهن عاشقون .........

وقول الله تعالى: {أَتْرَابا} قال الضحاك عن ابن عباس يعني: في سن واحدة ثلاث وثلاثين سنة ........

وقال السدي : {أترابا} أي: في الأخلاق المتواخيات بينهن ليس بينهن تباغض ولا تحاسد، يعني: لا كما كن ضرائر متعاديات" انتهى.

(تفسير ابن كثير :4 / 294).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

عن مجاهد في قول الله تعالى: {عُرُباً أتراباً} قال: هي المحببة إلى زوجها.

(فتح الباري : 8 / 626).

4. وقال الله تعالى في وصفهن:  {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن:70].

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

ووصفهن بأنهن خيرات حسان وهو جمع خَيْرة وأصلها خَيّرة وهي التي قد جمعت المحاسن ظاهرا وباطنا، فكمل خلقها وخلقها فهن خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.

(روضة المحبين: ص 243).

5. ووصفهن  الله تعالى بالطهارة فقال سبحانه: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:25].

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

ووصفهن الله تعالى بالطهارة فقال: {ولهم فيها أزواج مطهرة} طهرن من الحيض والبول والنجو (الغائط) وكل أذى يكون في نساء الدنيا، وطهرت بواطنهن من الغيرة وأذى الأزواج وتجنيهن عليهم وإرادة غيرهم.

(روضة المحبين: ص 243، 244).

6. ووصفهن تعالى بأنهن قاصرات أطرافهن عن غير أزواجهن فقال : {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الرحمن:56]، وقال الله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن:72].

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

ووصفهن الله سبحانه بأنهن {مقصورات في الخيام} أي: ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن، بل قد قُصِرْن على أزواجهن، لا يخرجن من منازلهم، وقَصَرْنَ عليهم فلا يردن سواهم، ووصفهن الله سبحانه بأنهن  {قاصرات الطرف} وهذه الصفة أكمل من الأولى، فالمرأة منهن قد قصرت طرفها على زوجها من محبتها له ورضاها به فلا يتجاوز طرفها عنه إلى غيره.

(روضة المحبين: ص 244).

هذا طرف من ذكرهن في القرآن الكريم، وقد جاء في السنة ما تحار فيه العقول في وصف جمالهن وحسنهن، ومن ذلك:

1. عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض، لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين، يرى مخ سوقهن من وراء العظم واللحم من الحسن»   (البخاري:3081 ومسلم:2834).

قال ابن حجر رحمه الله تعالى:

الحور التي يحار فيها الطرف يبان مخ سوقهن من وراء ثيابهن، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون.

(فتح الباري  8 / 570).

2. وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها» (البخاري:2643).

فلو أطلت بوجهها لأضاءت ما بين السماء والأرض، فأي نور وجمال في وجهها! وطيبُ ريحها يملأ ما بين السماء والأرض، فما أجمل ريحها!

وأما لباسها؛ فإن كان المنديل الذي تضعه على رأسها خير من جمال الدنيا وما فيها من متاع وروعة وطبيعة خلابة وقصور شاهقة وغير ذلك من أنواع النعيم، فسبحان خالقها ما أعظمه، وهنيئا لمن كانت له وكان لها.

ثانياً:

وحال المؤمنة في الجنة أفضل من حال الحور العين وأعلى درجة وأكثر جمالا، وقد ورد في ذلك بعض الأحاديث والآثار ولكن لا يثبت منها شيء، ولكن المرأة الصالحة من أهل الدنيا إذا دخلت الجنة فإنما تدخلها جزاء على العمل الصالح وكرامة من الله تعالى لها لدينها وصلاحها، أما الحور التي هي من نعيم الجنة فإنما خلقت في الجنة من أجل غيرها وجعلت جزاء للمؤمن على العمل الصالح، وشتان بين من دخلت الجنة جزاء على عملها الصالح، وبين من خلقت ليُجَازَى بها صاحب العمل الصالح، فالأولى ملكة سيدة آمرة، والثانية على عظم قدرها وجمالها إلا أنها لا شك دون الملكة وهي مأمورة من سيدها المؤمن الذي خلقها الله تعالى جزاء له.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: هل الأوصاف التي ذكرت للحور العين تشمل نساء الدنيا؟

فأجاب:

الذي يظهر لي أن نساء الدنيا يكنَّ خيراً من الحور العين، حتى في الصفات الظاهرة، والله تعالى أعلم.

(فتاوى نور على الدرب  شريط رقم 282 )" .

نسأل الله العظيم أن يؤتينا أفضل ما يؤتي عباده الصالحين.

والله تعالى أعلى وأعلم.