تبرج الزوجة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال: السلام عليكم. انا آدم من المغرب متزوج و لدي ابن. زوجتي لا تلبس الحجاب بحكم عملها. و قليلا م تلبس لباسا نوعا ما غير محترم. و دائما انبهها و انصحها. لكن لا تبالي. مؤخرا أرسلتها إلى مدينة أخرى لتغير جو العمل و الروتين. فإذا بها أرسلت صورا عارية الذراعين فوبختها و بدأت تهددني أنها سترجع و اني حرمت عليها جو السفر . فوالله لا يعجبني ما تفعله أنا لا أنكر أن لها عدة مزايا خاصة و كثيرة..... سؤالي يا شيخ هل أنا مذنب في هذه الحالة بشأن لباسها و ماذا افعل جزاكم الله و شكرا.
الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فمن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة - بل لا يخفى على مسلم ولا غير مسلم - أن حجاب

المرأة المسلمة من شعائر الإسلام وواجبٌ شرعي، وقد ردت به نصوص كثيرة، منها قول الله تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}[الأحزاب:59].

ومنها قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

[النور:13]، فلا يحلُّ لامرأة لها نَزعُ الحِجاب، ولا التساهل في شأنه، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء غاية التحذير فقال فيما رواه مسلم عن أبي هريرة،: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

 

فالله تعالى أمر النساء بستر جميع الجسد بالثياب الفضفاضة غير الضيقة، وألا يكون اللباس زينة في نفسه؛ حتى لا يلفت أنظار الرجال، وأن يكون صفيقا لا يظهر البشرة، فضفاضاً لا يصف حجم الأعضاء؛ لأن الغاية هي الستر، ولا يشبه لباس الرجال، ولا يشبه لباس الفاجرات ولا الكفارات، ولا يكون لباس شهرة، مع ترك التعطر عند الخروج من البيت.

والواجب على السائل الكريم أن يأمر زوجته بالحجاب ويمنعها السفور أو كشف أي جزء من جسدها؛ وهذا فرض عليه لأنه داخل في حكم القوامة والمسؤولية التي حملها، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم: 6]، وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته).

كما يجب على زوجتك أن تطيع أمرك لأنه من آكد المعروف وأولاه بالطاعة.

فإن أصرت فحاول معها بالحسنى وبين لها أن تلك المسألة لا تحتمل الفصال والأخذ والرد، لأن الإثم يلحق الرجل كما يلحق المرأة، فإن انقادت فالحمد لله، وإن لم تنقد، فلها حكم الناشز، فعظها وذكرها بعقاب الله ورغبها في ثوابه، فإن لم تنفع هذه الخطوة فاهجرها في المضجع لله تعالى: {اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34]

 فإن لم تتمكن بعد كل هذا من إلزامها بالحجاب، فالأولى أن تطلقها بل الذي يظهر أن الطلاق واجب إن لم تلتزم الحجاب الشرعي بالشروط المعروفة، لأن ترك الزوجة تتكشف أمام الرجال الأجانب ليس من الغيرة في شيء، والغيرةُ مِن الغرائز البشرية المحمودة التي أودَعَهَا اللهُ في الرجل، ومَن لا يغار فقلبُه مَنكوسٌ لا خيرَ فيه، وهي مِن الأخلاق التي يحبُّها الله، فأقوى الناس دينًا أعظمُهم غَيرةً، وفي الصحيحين قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الكسوف: (يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ)، وفي الصحيح أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ؛ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ).

وقد نص الإمام ابن قدامة في المغني (7/ 365) على أن الطلاق تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة، ثم قال: "... والرابع، مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة، قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها؛ وذلك لأن فيه نقصًا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه، وإلحاقها به ولدًا ليس هو منه، ولا بأس بعضلها في هذه الحال، والتضييق عليها؛ لتفتدي منه، قال الله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } [النساء: 19].

ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب، ومن المندوب إليه الطلاق في حال الشقاق،

والحال التي تحوج المرأة إلى المخالعة لتزيل عنها الضرر". اهـ.

هذا؛ والله أعلم.