أخي....
أرأيت إن جاءك ملك الموت الآن، فكيف سيكون حالك؟
هل ستكون مرحبا به أم ستترجاه أن يتركك لحظة تصلي ركعة؟
ولكن الله قد قال:"لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ"
اذن فلا تأجيل.
اذن كيف تتوقع ان يأتيك ملك الموت؟
هل يأتيك بملائكة وجوههم حسنة معهم أكفان من الجنة و مسك من أطيب مسك الأرض؟
أم يأتيك بملائكة اذا رأيتهم تعرف أن مصيرك لن يسرك؟
هل اذا صعدوا بك الى السماء تتلقاك الملائكة مستبشرين مسرورين بك؟
أم انت من اللذين لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة؟
أخي....
كيف تظن حالك اذا دخلت القبر؟
أتكون هذه الليلة أسعد لياليك؟
أم تكون الليلة اللي ترى فيها مقعدك من النار؟
أتري اذا جاءك ملكان أسودان أزرقان ، يقال لأحدهما : المنكر ، والآخر : النكير فيوقظانك و يجلسانك و يسألانك عن ربك و نبيك و دينك.
أتقول: "هاه هاه لا أدري" فيقولان لك: "لا دريت ولا تليت"، و يضربانك بمطارك من حديد ضرية تصيح منها صيحة يسمعها جميع المخلوقات ماعدا الثقلين؟؟
أم أنت الذي اذا دخل قبره مُثِّلَتِ لك الشمس عند غروبها فتجلس فتمسح عينيك و تقول دعوني أصلي العصر؟
فشتان بين هذا و ذاك.
أخي....
أتري اذا نادى المنادي ونفخ في الصور " فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون "؟
أتعلم هَول هذا اليوم؟
فقد وصفه الله تعالى وقال: "فذلك يومئذ يوم عسير".
و وصف عُسرَه و صعوبته و قال: "تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "
أتظن أنك من المتقين اللذين يحشرون الى الرحمن وفدا؟ أم من الكافرين المساقين الى جهنم وردا؟
"يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا"
أترى إذا كان يوم القيامة و أدنِيَت الشَّمس من العباد حتَّى تكون قيد ميلٍ أو اثنين فتصهرهم الشَّمس فيكونون في العَرَق بقدر أعمالهم؛ فمنهم مَن يأخذه إلى عقبيه، ومنهم مَن يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم مَن يأخذه إلى حَقْوَيْهِ، ومنهم مَن يلجمه إلجامًا , فما يكون حالك؟
أخي....
أتدري كيف هي النار؟
أتظنها كنار الدنيا؟
بل نار الدنيا جزء من سبعين جزء من جهنم.
بل ان أشد الأيام حرا في الصيف ما هو الا نفس من أنفاس جهنم.
روى عن كعب الأحبار أنه قال: والذي نفس كعب بيده لو كنت بالمشرق والنار بالمغرب ثم كُشف عنها لخرج دماغك من منخريك من شدة حرها! فيا قوم هل لكم بهذا قرار؟ أم لكم على هذا صبر؟ يا قوم إن طاعة الله أهون عليكم والله من هذا العذاب فأطيعوه.
أخي....
أتعلم ما وقود النار؟
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة "
أتتحمل أن تكون من وقودها؟
أتعلم ما بها من سلاسل و أغلال؟
أيطيق جسدك هذه الأغلال؟
أتدري ما هواء جهنم؟
أتدري ما ظلها؟
أتدري ما ماؤها؟
أتدري ما طعامها؟
أتدري كيف حال أهلها؟
أتعلم أنه اذا دخل أهل النار النارَ و أهل الجنة الجنةَ , يجئ بالموت فيذبح فينادي مناد أن يا اهل الجنة خلود فلا موت و يا اهل النار خلود فلا موت؟
أخي....
أتظن أن الدنيا تستحق هذا؟
النبي صلى الله عليه و سلم يقول: "ما لي وما للدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها".
فالدنيا ما هي الا محطة في رحلة طويلة.
و الدنيا ما هي الا نفس من انفاس الاخرة.
و الغريب أننا جميعا الا من رحم الله نعمر في الدنيا و ننسى الأخرة.
أخي....
أتظنها هينة؟
أما علمت أن أبا بكر الصديق كان يقول: "وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن".
و أنه كان اذا قام للصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل.
و كان يقول : " والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تُأكل و تُعضد "
و هذاعمر عندما قرأ سورة الطور و وصل الى " إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ " بكى و اشتد بكاؤه حتى مرض و عادوه.
و قالل لابنه و هو في الموت ويحك ضع خدي على الأرض, عساه أن يغفر يرحمني. ثم قال بل ويل أمي ان لم يغفر لي ثلاث.
و كان يمر بالاية في ورده من الليل فتخيفه فيبقى في البيت أياما يعاد, يحسبونه مريضا.
كان في وجهه خطان أسواد من البكاء.
أخي....
لو علمت من هو عمر ابن الخطاب لعلمت أن بكاءه و خشيته ليسا لشئ هين, انما لأمر عظيم و مرعب.
تأمل حال عثمان و علي و غيرهم من الصحابة و السلف و هم من هم, فشتان بيننا و بينهم.
أخي....
لا تنسى هدفك في هذه الدنيا و الغاية التي خلقت لأجلها " وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " .
ولا تجعل الدنيا أكبر همك ولا مبلغ علمك و ابتعد عن من جعل الدنيا أكبر همه فهو شخص مذموم في القرآن الكربم " فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ...".
و أخيرا أختم بهذه الأبيات التي وُجدت مكتوبة على أحد القبور:
يا أيها الناس كان لي أمــلُ

قصر بي عن بلـوغِه الأجلُ

فليتـق الله ربــه رجــل

أمكنه في حيـاته العمــلُ

ما أنا وحدي نقلت حيث ترى

كل إلى مثقلــه سينتقــل ...المزيد